أود بداية أن أعرب لكم عن امتناني وتقديري لوزارة الخارجية اليابانية لدعوتي للمشاركة في هذا المنتدى. كما يسعدني وجودي هنا في اليابان، هذه الدولة العظيمة التي تحظى بكل الاحترام والإعجاب من جميع دول العالم ومن الدول العربية على وجه الخصوص. ولسوف يكون حديثي اليكم اليوم حول الاتجاهات المحتملة لسوق البترول العالمية والدور الذي تلعبه القارة الآسيوية بشرقها وغربها في هذه السوق. كما سأتطرق الى العلاقات النفطية بين منطقة الخليج العربي وسائل دول آسيا، ثم أختتم كلمتي بالحديث عن السياسة البترولية السعودية بالنسبة للسوق البترولية العالمية عموماً والسوق الآسيوية بشكل خاص. شهدت السوق النفطية عام 1978 استقراراً وتوازناً تامين، وحظيت فيه الاسعار بالقبول من المنتجين والمستهلكين. وخلال ذلك العام بلغ الاستهلاك العالمي نحو 64 مليون برميل في اليوم، او ما يقل عن الاستهلاك العالمي الحالي بنحو عشرة ملايين برميل. وكانت السوق الآسيوية تستهلك نحو تسعة ملايين برميل في اليوم، او ما يقارب نصف استهلاكها في الوقت الحاضر. وبلغ انتاج منطقة الخليج العربي آنذاك اكثر من 21 مليون برميل في اليوم، اي اقل مما تنتجه حالياً بمليوني برميل فقط. ومنذ ذلك العام وقعت احداث وطرأت تغيرات، منها الثورة الايرانية والحرب العراقية - الايرانية والارتفاع الحاد في اسعار النفط عامي 1979 و 1980، ثم الانهيار المفاجئ لهذه الاسعار بعد ذلك بستة اعوام. ثم جاء الغزو العراقي للكويت الذي تسبب في نقص الامدادات العالمية بأكثر من خمسة ملايين برميل في اليوم. وشهدت الأسواق موجة من اعمال الدمج والتملك في قطاع الطاقة. وجاء تحرر اعمال الطاقة مصحوباً بالتغييرات في كل مكان. اما بالنسبة الى اسعار النفط فكانت المنافسة محتدمة بين المنتجين في منتصف التسعينات للحصول على حصة في السوق. ثم انهارت السوق النفطية عام 1998، ولم تستعد عافيتها إلا بعد عام. ويبدو الآن ان استقرار سعر النفط عند مستوى 25 دولاراً للبرميل كسعر مستهدف يحظى بقبول غالبية المنتجين والمستهلكين الرئيسيين. غير ان الحدث الاجدر بالملاحظة، ليس فقط بالنسبة للماضي بل والمستقبل ايضاً، هو نمو السوق النفطية الآسوية بشكل مطرد. اذ كانت آسيا، تحتاج الى تسعة ملايين برميل في اليوم فقط قبل اكثر من عشرين عاماً، او اقل من 10 في المئة من اجمالي الاستهلاك العالمي. اما اليوم فإنها تستهلك 20 مليون برميل في اليوم، او 25 في المئة من النفط فحسب بل وللشعوب الآسيوية كذلك. فهو مؤشر لنمو اقتصادي قوي وازدهار للمنطقة في عدد من المجالات، اذ لم تعد منطقة جنوب شرقي آسيا تسير خلف الدول الصناعية الاخرى بل انها تتخذ من الخطوات ما يجعلها في مصاف هذه الدول. ويتوقع خلال السنوات العشرين المقبلة ان يستمر النمو الاقتصادي العالمي بمعدل قوي يراوح بين ثلاثة واربعة في المئة سنوياً. كما يشير معظم التوقعات الى تضاؤل احتمالات وقوع اي احداث يمكن ان تؤثر بشكل خطير في هذا النمو. فعلى صعيد الطاقة، يحتمل ان تستمر الزيادة في الطلب عليها، ومن غير المتوقع ان يتعرض ميزان العرض والطلب لخلل كبير، كما لا يتوقع ان تشهد التقنية ثورة كبرى تؤدي الى الاستغناء عن الطاقة النفطية او عدم الاعتماد عليها بشكل كبير. وربما توضع انظمة جديدة، خاصة في مجال البيئة، غير ان ذلك يجب الا يؤثر بشكل اساسي في الاتجاهات الاقتصادية والتجارية. ومن ثم فإنه يتوقع استمرار ارتفاع الطلب على الطاقة. اما لجهة امدادات النفط فلا يوجد بالتأكيد أي خطر يؤدي الى الانخفاض الحاد في احتياطات النفط العالمية. واذا كان ثمة شيء من ذلك فمن الارجح ان يكون زيادة في الاحتياطات نتيجة للتقنيات الجديدة لاعمال التنقيب وتحسن وسائل الانتاج. ومن المؤكد ان الاسعار المستقرة والمعقولة التي نحاول ترسيخها في الوقت الراهن والمحافظة عليها في السنوات المقبلة ستساعد الصناعة في الحصول على موارد جديدة للنفط. وهناك عنصر آخر يشكل اهمية في مجال الامدادات وهو طاقة الانتاج. اذ ستزداد الطاقة الانتاجية العالمية مع ازدياد الطلب على النفط. وفي الوقت نفسه وبالاهمية نفسها سيكون هناك ضمان لحد آمن من الطاقة الاحتياطية. ويجمع منتجو النفط والصناعة عموماً على ضرورة المحافظة على طاقة احتياطية ثابتة بما لا يقل عن 2.5 في المئة من الطلب العالمي لسد اي نقص مفاجئ في الانتاج او ارتفاع غير عادي في الطلب. وفي الوقت الحاضر يراوح معدل طاقة الانتاج الاحتياطي للعالم بين 3.5 مليون واربعة ملايين برميل في اليوم. وربما يرتفع هذا المعدل او ينخفض خلال السنوات القليلة المقبلة، غير ان الخطورة تكمن في انخفاض هذه الطاقة الاحتياطية الى معدل حرج يبلغ واحداً في المئة من الطلب او اقل من ذلك. وما من شك في ان طاقة الانتاج الاحتياطي تخدم الاهداف الرامية الى استقرار السوق والاسعار المعقولة للنفط. وشهدنا ما حدث عندما غاب هذا الاستقرار، اذ فقد العالم ما يقدر بنحو اربعة الى ستة ملايين برميل في اليوم من طاقته الانتاجية عندما انهارت اسعار النفط عام 1998، وتكلف الكثير لإعادة الامور الى ما كانت عليه. ويجب ان نتذكر جميعاً ان زيادة الطاقة الانتاجية والمحافظة على طاقة احتياطية امر مكلف ايضاً، ومن ثم فإنه عندما يقبل المنتجون والمعنيون بالصناعات النفطية ان يدفعوا ملايين الدولارات لصالح سلعتهم والاقتصاد العالمي، يجب على الدول المستهلكة ان تتفهم هي الاخرى هذه التضحية. إذا من المتوقع ان ينعم عالم النفط خلال السنوات العشرين المقبلة بالاستقرار. وربما يشهد النفط شأنه شأن أي سلعة اخرى بعض التقلبات صعوداً وهبوطا نتيجة للاحداث الطارئة. كما اشرنا، من المتوقع ان يزداد الطلب العالمي على النفط بين واحد واثنين في المئة في العقدين المقبلين نتيجة عوامل عدة كالنمو السكاني وارتفاع مستوى المعيشة وزيادة رقعة المدن والرغبة في استخدام انواع الوقود ذات الكفاءة العالية. وفي الوقت نفسه يتوقع زيادة امدادات النفط تبعاً للطلب المتوقع وقد تزيد عليه. غير ان هناك ثلاثة تغيرات رئيسية متوقعة خلال العقود القليلة المقبلة، اولها عولمة صناعة النفط، والثاني تحرك امدادات النفط في اطر اقليمية. اما التغير الثالث فهو تحول آسيا الى مركز لسوق النفط في العالم. ان عولمة صناعة النفط بدأت بالفعل، منذ مطلع الثمانينات بتأسيس سوق العقود المستقبلية. والعولمة تعني الاتجار بالنفط في السوق المفتوحة في مختلف انحاء العالم، مما يتيح امكان الاتجار فيه في اي وقت او مكان. وهذا يعني ايضاً ان في الامكان تأمين النفط الذي تشترونه او تبيعونه تجنباً لمخاطر الخسائر غير المتوقعة، كما يعني وجود قدر اكبر من الشفافية نظراً الى ان المعاملات ستكون مفتوحة. وتعد مسألة تأمين الامدادات من اهم المسائل المتعلقة بالعولمة، واليوم ليست لهذه المسألة قيمة كبيرة، اذ ان السوق اصبحت مفتوحة بالكامل، ويمكنك شراء النفط من اي مكان ترغبه، واختيار مصفاة معينة لهذا النوع من النفط او ذاك، انما يعتمد اساساً على اعتبارات تجارية بحتة. وليس ثمة شك في ان عوامل مثل سهولة التسليم ونوعية النفط الخام الذي يناسب تلك المصفاة تتمتع بأهمية قصوى، غير ان الخيارات المتعلقة بمصدر النفط الذي يمكن شراؤه كثيرة للغاية. وعلى سببل المثال، يمكن لأي شركة زيت يابانية، او لجميع شركات النفط اليابانية، شراء كامل احتياجاتها من اميركا الشمالية وبحر الشمال لو رغبت في ذلك، ولكن الذي يمنعها من ذلك هو الاعتبارات التجارية المعتادة التي تعود الى جانبي الكفاءة والربح والنواحي اللوجستية. وهذا ما تخضع له تجارة جميع السلع الرئيسية. ولعل افضل طريقة لتوضيح العلاقة بين العولمة وما يسمى امن الامدادات هو اعادة درس اوضاع السوق منذ 20 عاماً او اكثر، فخلال السبعينات وما قبلها، كان المعتاد هو بيع النفط في اطار نطاق ضيق، فكان يسلم من الحقل الى مصفاة بعينها على اساس سعر ثابت لكمية محددة، ولم يكن يتم بيع سوى كميات بسيطة منه في السوق المفتوحة، وكانت الحقول والمصافي مكرسة لبعضها البعض بصورة اكبر. اما اليوم فلم يعد هناك مبرر لأن يشعر اي طرف بعدم الامان او بالعجز عن تغيير مصدر النفط الخام الذي يحصل عليه. وهناك جانب ثان يتعلق بمستقبل سوق النفط هو تحرك الامدادات في أطر اقليمية. وكما اوضحنا سابقاً، فان سوق النفط شأنها شأن الاسواق الاخرى، تسترشد بالممارسات التجارية الطبيعية والمناسبة. وفي هذا الصدد، فإن خريطة صناعة النفط في العالم تعطي دليلاً قوياً على اتجاه الحركة في المستقبل. وفي ما يتعلق بالطلب والانتاج والاحتياطات، هناك ثلاث مناطق عالمية تتحكم في مفاتيح حركة النفط هي اميركا واوروبا ومنطقة البحر الابيض المتوسط، وقارة آسيا. ولا شك ان هناك مناطق اخرى ستلعب ادواراً مهمة كذلك، اذ يحتمل ان تساعد منطقة غرب افريقيا وربما منطقة بحر قزوين في موازنة الجانب الخاص بالعرض بين المناطق الثلاث المذكورة. كما ان منطقة اوروبا وحوض البحر المتوسط، التي تضم روسيا والنفط العراقي المتدفق من خلال تركيا، تنتج في الوقت الحالي نحو 20 مليون برميل في اليوم، فيما تستهلك كمية قريبة من هذا الرقم. والمنطقة الثانية هي الاميركتان الشمالية والجنوبية، التي تمثل اكبر منطقة استهلاك في العالم، اذ يبلغ استهلاكها 29 مليون برميل في اليوم. وفي ما يتعلق بالاستهلاك، ستظل هذه المنطقة اكبر منطقة مستهلكة في العالم لسنوات طويلة. ويبلغ انتاج النفط في هذه المنطقة في الوقت الحالي 21 مليون برميل في اليوم، وقد يشهد هذا المستوى زيادة خلال السنوات المقبلة خصوصاً من دول مثل كندا في الشمال، وفنزويلا والبرازيل في الجنوب. وستكون الزيادة في انتاج هذه المنطقة كافية لمواجهة الزيادة في الطلب هناك. والمنطقة المهمة الثالثة هي آسيا. وعلينا ان نضع تعريفاً لقارة آسيا، من المنظور الجغرافي ومنظور النفط والمنظور الاقتصادي. وقد رأينا خلال الاعوام الاخيرة عدداً من المصطلحات المتضاربة، مثل آسيا، وجنوب آسيا، وجنوب شرقي آسيا، ومنطقة آسيا/ المحيط الهادئ. ونعتقد ان آسيا تمتد من البحر الاحمر غرباً الى بحر اليابان شرقاً، وهي منطقة مترامية الأطراف تسكنها أعداد كبيرة من البشر. وتتميز آسيا بثرواتها الحضارية والطبيعية، وسكانها الذين يتسمون بالحيوية وارتفاع مستوى التعليم وروح الحماسة. ومن هنا فلا غرابة في ان آسيا قد تمتعت بأعلى نسبة نمو اقتصادي في العالم لاعوام عدة. ومن المتوقع ان يستمر هذا النمو الاقتصادي لسنوات عدة، وسيحتاج هذا النمو المستمر الى موارد الوقود كما سيرتفع الطلب على النفط في آسيا وحدها بنحو اثنين في المئة، ويتوقع ان يشهد هذا الطلب زيادة لا تقل عن 500 الف برميل في اليوم. واليوم تنتج منطقة جنوب شرقي آسيا نحو ثمانية ملايين برميل في اليوم، فإذا اضفت الى ذلك انتاج غرب آسيا، ومعظمه من منطقة الخليج العربي فإن الانتاج الاجمالي يبلغ نحو 28 مليون برميل في اليوم، وهو ما يبلغ حوالى 40 في المئة من اجمالي الانتاج العالمي. ومن جهة اخرى، يبلغ استهلاك النفط في آسيا، سواء في شرقها او غربها، نحو 23 مليون برميل في اليوم، ومن هنا فإن آسيا تتمتع بفائض يبلغ نحو خمسة ملايين برميل في اليوم، وهو اكبر فائض في اي منطقة من العالم. وحيث انه يتوقع ان يشهد الطلب المحلي في آسيا زيادة تتراوح بين 500 و750 ألف برميل في اليوم، فان من المحتمل ان تستهلك آسيا اكثر من 30 مليون برميل في اليوم بعد عشر سنوات، وبذلك تصل الى مستوى استهلاك الاميركتين ثم تتجاوزه بعد ذلك بسنتين. والأمر الذي لا يقل اهمية عن ذلك هو ان الطاقة الانتاجية الآسيوية، التي يتركز معظمها في منطقة الخليج العربي، ستزيد بمقدار مماثل لتواكب الزيادة في الطلب. وفي الوقت نفسه، فان كبار منتجي النفط بمن فيهم دول الخليج، ستبذل قصارى جهدها للمحافظة على الطاقة الانتاجية الفائضة عند مستوى اثنين في المئة من الطلب العالمي. وعندما نضع في اعتبارنا التطورات الثلاثة المرجح حدوثها في المستقبل في سوق النفط العالمية، وهي العولمة وتحرك النفط في اطر اقليمية ووضع قارة آسيا في السوق العالمية، فإن الحديث عن تأمين الامدادات وتنويع المصادر يصبح بلا معنى. والحديث عن تلك الأمور حديث مكرر، وما زلنا نسمعه من أصوات تنتمي إلى السبعينات والثمانينات. ولا يزال البعض في الغرب يتخوف من أن تحجب عنهم الإمدادات فجأة بصورة متعمدة، ويرون ان تنويع المصادر هو البديل الأوحد، ولا تزال تلك المبالغات تجد لها صدى في أروقة المؤتمرات وعلى جداول الأعمال، غير أننا في آسيا لا نرى سبباً للوقوف كي نلتفت إلى هذه المواضيع البالية التي لم تعد تمت للواقع بصلة. وهناك في عالم اليوم أصوات أخرى تحاول منفردة أن تعزو الركود الاقتصادي إلى ارتفاع أسعار النفط، وتتناسى هذه الأصوات أنه عندما تعرض الاقتصاد الآسيوي للركود في عام 1998، كانت الأسعار في أدنى مستوى لها في السنوات الأخيرة. كما تناست هذه الأصوات ان أعلى معدل نمو شهده الاقتصاد الأميركي كان في عام 2000 عندما كانت الأسعار مرتفعة. وبدلاً من أن نلقي باللائمة على الأسباب والمؤثرات أو نظل رهناً لهما، يمكننا أن نخدم أوضاع الطاقة بشكل أفضل من خلال دعم الثقة، ليس فقط على الصعيد الآسيوي، بل وعلى الصعيد العالمي كذلك. وعلينا جميعاً أن نحمل رسالة تعاون وتفاهم وأن نسعى لتحقيق أهداف مشتركة، فهذا من شأنه أن يعود بالفائدة على الجميع، وإذا أردنا أن نبحث عما يكون هنالك من وسائل أخرى تستطيع الدول المنتجة والمستهلكة من خلالها أن تتفق بشكل أفضل حول قضاياها، فإن ذلك يمكن أن يتأتى من خلال عقد مؤتمرات وتنظيم ندوات حول الاستثمار وتبادل المعلومات وإقامة المنتديات التعليمية والمؤتمرات التجارية. أما في ما يتعلق بالسياسة النفطية للمملكة العربية السعودية، فإنها ترتكز عموماً على الصعيد العالمي إلى ثلاث حقائق بسيطة، أولاها أن المملكة تؤمن بأهمية وجود عالم مستقر ينعم فيه الجميع بفوائد الطاقة النفطية. وقد سخرت المملكة جميع مواردها السياسية والبشرية والاقتصادية منذ أكثر من 70 عاماً لتوفير حياة أفضل وإقامة علاقات أوثق مع شعوب العالم. وثانيتها أن السعودية تمتلك أكثر من ربع احتياطات العالم من النفط والتي تبلغ نحو 260 بليون برميل مع احتمال كبير لاكتشاف المزيد من هذه الاحتياطات. ووفق اكثر التصورات تحفظا، فإنه يحتمل ان تظل تنعم بثروتها النفطية على هذا النحو خلال القرن ال21 بأكمله، ومن ثم فإن من الطبيعي ان تسعى للمحافطة على خيار النفط كوقود وان تضمن توافره لجميع الشعوب في جميع الاوقات. وثالثة هذه الحقائق ان اقتصاد المملكة يعتمد بصورة اساسية على النفط، فهو حجر الزاوية الذي يرتكز عليه دخل الدولة واجمالي الناتج المحلي، ولذا فإنها ستبذل كل ما وسعها للمحافظة على استقرار السوق العالمية وخضوع الاسعار لميزان العرض والطلب. وبالنسبة لآسيا، تعتبر السعودية نفسها جزءاً من هذه القارة الكبيرة، وتبذل جهوداً فعالة على نطاق واسع لخير وازدهار كل من تستطيع تحقيق ذلك له، كما تساهم مساهمة كبيرة في مجال السلام والاستقرار والتعاون والتنمية الاقتصادية. ولعل التزامها بتوفير احتياجات آسيا من النفط هو اوضح دليل على ذلك، اذ تزايدت الصادارت السعودية من النفط الى قارة آسيا زيادة كبيرة على مر السنين، والمثال على ذلك انها كانت تصدر الى اسيا في أواخر الثمانينات نحو 1.5 مليون برميل في اليوم، واليوم تصدر اليها اكثر من 4 ملايين برميل في اليوم، اي اكثر من 65 في المئة من اجمالي صادراتها. كما انها مستعدة لامدادها بكل ما تحتاج اليه في المستقبل، ولن تسمح المملكة العربية السعودية متعاونة في ذلك مع الدولة المنتجة الاخرى بأن تتعرض آسيا لنقص حقيقي في الامدادات النفطية، ولعل هذا هو السبب في احتفاظها بطاقة فائضة رغم كلفتها، فلدى المملكة العربية اليعودية وحدها الآن طاقة فائضة تقدر بنحو 2.5 مليون برميل في اليوم، ولديها نظام قادر على التعامل مع اي زيادة في الطاقة، فطاقتها التصديرية من فرض الخليج وحدها يمكنها ان تتسع لاكثر من 14 مليون برميل في اليوم. وما من شك ان انشاء امانه دائمة للمنتدى الدولي للطاقة وفق اقتراح ولي العهد السعودي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز خلال انعقاد الدورة السابقة للمنتدى في الرياض، يمثل قاعدة صلبة تنطلق منها جميع الاطراف نحو آفاق رحبة من التعاون والتفاهم ودعم المصالح المشتركة في عالم الطاقة. * المستشار في وزارة البترول والثروة المعدنية السعودية، والمقال جزء من كلمة القاها خلال الندوة الثانية حول امن الطاقة في قارة آسيا في السادس من الشهر الجاري في طوكيو.