1.5% زيادة بأسعار الحديد على المستوى الشهري    مركز التحكيم الرياضي السعودي يشارك في الندوة الإقليمية للتحكيم الرياضي    21 رياضة سعودية في ألعاب آسيا للشباب في البحرين    في افتتاح تصفيات آسيا .. أخضر الصالات يواصل تحضيراته لمواجهة الصين تايبيه    مركز التنمية الاجتماعية بجازان يُفعّل اليوم العالمي للعصا البيضاء بالشراكة مع جمعية الثريا للمكفوفين    نائب أمير القصيم يطلع على منجزات العناية بالمساجد في رياض الخبراء    14 فكرة ابتكارية لخدمة مرضى السرطان    عبدالعزيز بن سعد يحتفي بتحقيق "أمانة حائل" شهادة أفضل بيئة عمل صحية    المملكة تتسلّم جائزة التقدير الفني العالمية من منظمة "الفاو"    أمير الرياض يستقبل نائب أمير جازان.. ويدشّن حملة التطعيم ضدّ الإنفلونزا    أمير مكة خالد الفيصل: القيادة أولت العاصمة المقدسة اهتماماً خاصاً    جدل متصاعد بين تل أبيب وغزة حول مصداقية تبادل الأسرى والمحتجزين    تحركات أوكرانية في واشنطن ومساع جديدة لتأمين تسليح متقدم    أمير المدينة يرعى ملتقى مآثر عبدالعزيز بن صالح    العمري يبحث احتياجات أهالي صامطة    السعودية توزع المساعدات لمخيمات النازحين في غزة    ضبط مليوني قرص إمفيتامين بالرياض    ألمانيا تنشر مقاتلات في بولندا لحماية الجناح الشرقي للناتو    رئيس الاتحاد الآسيوي يهنئ المنتخب السعودي بمناسبة تأهله إلى كأس العالم    الصحة تؤكد مأمونية أدوية الستاتين وتلاحق المضللين    الذهب يتجاوز 4200 دولار مع آمال خفض الفائدة وتوترات تجارية    الكلية التقنية بأبوعريش تنظم محاضرة توعوية بعنوان "تماسك"    أول ملتقى عن أئمة المسجد النبوي    جازان.. تدشين مشاريع تعليمية بقيمة تتجاوز مليار ريال    إحالة قضية تبديل جثمان بمستشفى الرس إلى النيابة    أمير تبوك يرفع التهنئة للقيادة بمناسبة تأهل المنتخب لكأس العالم 2026    من مدارسنا تبدأ الحكاية.. ومن التميز تُكتب الريادة    مؤشر سوق الأسهم السعودية يغلق مرتفعًا عند مستوى (11682) نقطة    نائب أمير جازان يهنئ القيادة بمناسبة تأهل المنتخب إلى كأس العالم 2026م    فرع هيئة الصحفيين السعوديين بجازان ينفذ ورشة عمل "السرد القصصي في العمل الإعلامي"    القصيبي في كتارا.. رمز وجمع في سيرة فرد وشعروائية    نائب أمير حائل يزور مشروع "إرث" التراثي العائلي بعقدة    السديس يتفقد استعدادات الرئاسة لانطلاق ملتقى مآثر الشيخ عبدالعزيز بن صالح    طائرتا الهلال والأهلي لنهائي الكأس    السعودية مركز عالمي للخدمات اللوجستية    أكد عدم استفزاز دمشق لإسرائيل.. الشرع: لا نسعى للحرب وإعادة الإعمار أولوية    "الصحراء والبحر" يلتقيان في معرض "آل خليفة"    برشلونة يخوض الكلاسيكو بقميص المغني شيران    كيف ينظر العماني للقراءة؟    محلك «صفر»!    70 مليار دولار لانتشال غزة من تحت الركام    كود الطرق السعودي نقلة لتفعيل مواصفات السلامة    تحت رعاية أمير الرياض.. نادي الطيران يكشف تجارب مبهرة لمعرض 2025    توقّع بتوهّجات شمسية الأيام المقبلة    ترأس اجتماع لجنة الحج والعمرة.. نائب أمير مكة: مضاعفة الجهود لتقديم أفضل الخدمات لضيوف الرحمن    إعادة فتح برنامج فرص لشاغلي الوظائف التعليمية    إسناد تشغيل وصيانة محطات تنقية «السدود» و«الجوفية» لهيئة المياه.. مجلس الوزراء: تعديل نظام مهنة المحاسبة وتنظيم صندوق التنمية الوطني    إنقاذ عشريني من «فطريات أنفية» خطيرة    عبر نموذج ذكي يعزز دقة التشخيص وجودة الحياة.. «التخصصي» يرسخ ريادته في طب الأعصاب    مشاركة الجموع عطّلت العقول بالركض خلف الترندات    سالم الدوسري: تأهل يدل على قوة منتخب السعودية    المملكة أوقفت الحرب في غزة وتسعى لدولة فلسطينية    عون يأمل وقف العمليات الإسرائيلية لبدء التفاوض    بوصلة السلام    متعة الترفيه    أمير الشرقية يصدر قراراً بتعيين البقعاوي محافظاً للنعيرية    أمين العاصمة المقدسة يرأس الاجتماع الثالث للجنة الأعمال البلدية والبيئية لتعزيز التكامل التنموي بمكة    إطلاق كائنات فطرية في محمية الوعول    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المدرسة الفرنسية ... ومعالجة العنف الانتقالي : . وسائل واجراءات تؤطر الأمن بالتربية والإدارة والأهل
نشر في الحياة يوم 20 - 03 - 2001

باريس - "الحياة" بينما كان سبعة وعشرون بلداً، معظمها في أوروبا، تعد العدة لعقد ندوة عالمية تناقش، من 5 الى 7 آذار مارس، في قصر الأونيسكو الباريسي، موضوع "العنف في المدرسة والسياسات العامة"، كانت بعض المدارس المهنية والتقنية، وهي غير الثانويات العامة، تعلق اضراباً أو تبدأ اضراباً أو يجتمع مدرّسوها في جمعية عمومية ويقترعون على تمديد اضرابهم أسبوعاً ثانياً بعد الأسبوع الأول.
ففي مهنية بول ايلويار، الشاعر الفرنسي الرقيق، في احدى محافظات الوسط الشمالي، استأنف المدرسون تدريسهم غداة أسبوعين تامين من تعليقه والجمعيات العمومية اليومية. وكان المدرسون علقوا عملهم ودخولهم الصفوف والمختبرات تنديداً بإقدام أحد تلامذة الصف المتوسط الثاني على طعن أحد المدرسين بسكين. وسبقت الحادثة الخطيرة عشرات الحوادث العنيفة، وان كان عنفها أقل حدة مثل التهديد بالكلام والحؤول دون التدريس والسرقة والتخريب ودخول غرباء عن المدرسة اليها. وطلب المدرسون من التفتيش التربوي، علاجاً للحوادث المتواترة هذه، ستة نظار، وثلاثة موظفين أمنيين، وشرطيين بلديين على باب المدرسة يراقبان الخروج منها والدخول اليها. ولما لم يستجب التفتيش التربوي أعلن المعلمون اضرابهم الطويل هذا.
وفي مهنية جوليو - كوري، على اسم عالم الفيزياء، وحائز جائزة نوبل والوجه "التقدمي" في محافظة السين الأعلى بجوار باريس، رد الجسم التعليمي على صفعة ولكمة بقبضة اليد أصابتا مدرسَّين بإضراب طويل بلغ عشرة أيام تامة. ويعزو معلمو مهنية جوليو - كوري الصفعة واللكمة، أي التطاول الجسدي على اثنين منهم، الى ما يسمونه اقلاع التلامذة عن القبول بقواعد الحياة المدرسية. فالتلامذة، على ما يقول أساتذتهم، تركوا كل جهد لأجل الدراسة أو الانتباه. فهم على يقين من أنهم يرفّعون من صفهم الى صف أعلى، انفاذاً وتطبيقاً ل"شعار" مدرسي وتربوي نادى به ليونيل جوسبان، رئيس الحكومة، يوم كان وزير التربية قبل عشر سنوات، ويدعو الى بلوغ الشهادة الثانوية البكالوريا 80 في المئة من فئة عمرية، أو فئة سن من الفتيان الفرنسيين.
وعندما يسترسل تلامذة مدرسة مهنية متوسطة وثانوية مع البطالة المدرسية تتحول المدرسة الى مسرح مشادات واستفزازات يومية. فينصرف التلامذة الى التحرش بعضهم ببعض، ومشاكسة بعضهم بعضاً. وينقسم بعضهم الى شلل تسطو على اهتمام الصفوف، وتحرف الانتباه الى استفزازاتها، فتصفق الأبواب أو تحطمها، وتشعل النار في بعضها. ويبلغ الأمر ببعض هذه الشلل، المنظمة في أحيان قليلة على مثال عصابات الجريمة، مبلغ احراق مختبر مجهز بعشرات الحواسب الكومبيوتيرات، على ما حدث في ثانوية بليز سوندرار محافظة سي - سان ديني في الضاحية الباريسية.
وفي معظم الأحيان تقوم بهذا الضرب من الأفعال قلة تبلغ نسبتها عشرة في المئة من تلامذة المهنية أو الثانوية. ففي مهنية جوليو - كوري أحصى مجلس الانضباط أو النظام، وهو الهيئة، التي تبت في الشكاوى وفي العقوبات الداخلية، أحصى نحو خمسين تلميذاً مشاغباً من 420 تلميذاً يدرسون في المهنية. ويتزعم اثنان أو ثلاثة من هؤلاء أعمال الشغب في كل صف من الصفوف السبعة التي تتألف منها المهنية بمرحلتيها المتوسطة والثانوية. ولم تفلح ثلاثة قرارات بالطرد النهائي، واثنان وخمسون قراراً بالطرد المؤقت، في استتباب جو مدرسي مقبول في المهنية.
فيروي المدرسون انهم عند عودتهم من اضرابهم الطويل الى صفوفهم طلبوا من تلامذتهم كتابة رأيهم في الاضراب، وفي الحادثة التي كانت السبب فيه. فعمد بعض التلامذة الى كتابة لائحة بالأساتذة الذين كان ينبغي لكمهم وصفعهم بالإضافة الى الاثنين اللذين لُكم واحدهما وصفع الآخر. ويدعو هذا الاستهتار خيرة موظفي الجهاز الإداري، وخيرة المدرسين، الى طلب الانتقال من المدارس "الحساسة"، على ما تدعى، أو مدارس "مناطق الأولوية التربوية"، الى مدارس أكثر أمناً وسكينة. ويؤدي هذا الأمر بدوره الى اضعاف الرقابة والعمل التربوي معاً في المدارس المتأزمة هذه. ويغذي الأمران أزمة الجمهور المدرسي واضطرابه وعنفه، الى أسباب أخرى عامة.
فالصفوف "العسيرة" أو "الصعبة" على التدريس، وهي أحياناً صفوف وليست مدارس بكاملها، بعض تلامذتها، فتياناً وفتيات، من "مناطق الأولوية التربوية"" وبعضهم الثاني من أسر يقتصر "ربها" على والد من والدين وهذا الوالد هو والدة في حالين من ثلاث" وبعض التلامذة الثالث في هذه الصفوف يتحدر من مهاجرين يشكون مشكلات التكيف أو التأقلم مع "وطنهم" الثاني، عملاً واجتماعاً ولغة" وبعضهم الرابع يشكو تأخراً مدرسياً سنة أو سنتين" الى شطر خامس تعيله البلديات بمنحها ومساعداتها.
وبعض هذه الظاهرات يتصل بتحول اجتماعي عميق. فسلطة الأب في العائلة، وهي سلطته على الأم أولاً ثم على الأولاد، خسرت ركنها الأول في العقدين الأخيرين، وذلك مع انتشار المساواة بين الجنسين، أو مع انتشار المطالبة بها. ولما صادف ذلك تفشي البطالة، في العقدين هذين، واصابتها فوق ثلاثة ملايين عامل ومستخدم وعاملة ومستخدمة، تردت مكانة الأب العائلية، وظهر ضعفها. وينبه الباحثون الاجتماعيون الى ان الظاهرتين هاتين، النزعة الى المساواة في الأسرة بين الرجل والمرأة واضعاف البطالة مكانة الأب، هما ظاهرتان انتقاليتان، وتنشأ عنهما أشكال جديدة من العلاقات الزوجية أو الأسرية. وقد تؤدي الى توازنات غير معروفة بعد.
وقد يستدعي الأمر، على ما يحصل فعلاً، تصدي المدرسة، أي المؤسسة التعليمية، الى الاضطلاع بدور "سلطوي" أو دور آمر ونافذ الكلمة لم يكن، الى اليوم، بين أدوارها البارزة، ويعوض ارتخاء دور الأسرة. وفي ضوء هذا التشخيص أقرت وزارة التربية، تؤازرها في ذلك وزارات العائلة والمدينة والشرطة والعدل، وأجهزتها المتخصصة، برنامجاً لمكافحة العنف ومعالجته، في 1998، ما زال العمل به مستمراً.
وعلى هذا استفادت ستمئة مدرسة متوسطة وثانوية، و1742 حضانة ومدرسة ابتدائية، ترعى ستمئة ألف تلميذ وولد، في ست محافظات تعليمية أو اكاديميات - هي مرسيليا وآميان وكريتاي وليل وليون وفرساي - من 300 ممرضة، و58 طبيباً مدرسياً، الى مئة مشير تربوي أساسي ومساعد ادارة، و204 اداريين، وخمسة آلاف مساعد مربٍ. كان هذا في عام 1998. في العام 2000 زيد على الشطر الأول شطر ثان من 506 مدارس متوسطة وثانوية و2338 حضانة وابتدائية، مع "العنصر" البشري المناسب.
وكانت هذه الزيادة رداً على وقوع 225 ألف حادثة فصلية في أثناء العام الدراسي 1999 - 2000. وتتفاوت خطورة حوادث العنف هذه، فتبلغ نسبة الحوادث الخطيرة 8،2 في المئة منها 900 عدوان على أشخاص و1600 عدوان على ممتلكات وتجهيزات. وحوادث العنف الكلامي شتائم، تهديد، اشاعة فوضى... هي الأكثر عدداً 38 في المئة من 225 ألف حادثة. وتأتي في المرتبة الثانية حوادث التخريب والإضرار بالتجهيزات 8،24 في المئة. وتبلغ نسبة حوادث السرقة 6،12 في المئة من جملة الانتهاكات، وحوادث التسلل 4 في المئة. أما المخدرات، وتعاطيها وتجارتها، ف"تقتصر" على 3،3 في المئة من الحوادث. ويحاول الانتحار، أو ينتحر فعلاً، 4،1 في المئة من المرتكبين. و1.0 في المئة منهم يحمل سلاحاً نارياً.
ولكن الظاهرة، على رغم تفاقمها منذ بروزها قبل نحو عقد من الزمن، لا تدعو السلك التعليمي، أو معظمه، الى الاستقالة من المعالجة. فبعض المدارس يرفض أساتذتها الاضراب. فهو يعاقب التلامذة كلهم من غير تمييز. ويدعون الى معالجة تربوية واجتماعية وادارية تقوم من المعالجة "السلطوية" والأمنية مقام الإطار والدرع الواقية. فالعنف مظهر أزمة اجتماعية وثقافية، المدرسون على يقين من انها انتقالية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.