طرحت في قمة مجلس التعاون الخليجي في مسقط خطة لمواجهة "الحملة" الغربية التي ساهمت في تشويه صورة العرب والاسلام. وتشمل الحملة المضادة، إقامة ثلاث قنوات فضائية تبث باللغات الانكليزية والفرنسية والاسبانية، للتأثير في الرأي العام الغربي وبخاصة في اميركا الشمالية واوروبا، وهي المناطق التي شهدت إعتداءات ضد العرب والمسلمين واساءات بحقهم منذ احداث 11 ايلول. في الوقت ذاته، يناقش الكونغرس الاميركي فكرة إنشاء قناة فضائية تبث باللغة العربية تستهدف إقناع العرب والمسلمين بأن اميركا ضد الارهاب وليست ضد الاسلام. وعليه، فإن على العرب والمسلمين التحالف معها ضد العدو المشترك بإستثناء اسرائيل طبعاً! فأي طرف سيكون اكثر توفيقاً للتأثير في الرأي العام "الآخر" في صراع الفضائيات هذا؟ التفوق الاميركي "الفني" واضح في هذا المجال، ليس فقط لأن اعلامه متطور ومنتشر في العالم باللغة الانكليزية، بل لأنه يتمتع ايضاً بمقدار كبير من الصدقية. إلا ان نقطة ضعف الاعلام الاميركي في منطقتنا، بغض النظر عن اللغة المستعملة، تكمن في انحيازه لإسرائيل بسبب السيطرة شبه الكاملة عليه من جماعات الضغط اليهودية في ما يخص تغطية الشرق الاوسط. ومن المرجح ان أية فضائية اميركية ناطقة باللغة العربية ستسقط ايضاً تحت تأثير اللوبي الصهيوني، ما سيدفع المشاهد العربي والمسلم الى نبذها، خصوصاً ان القضية الفلسطينية ستظل من اهم محاور تغطية اية فضائية تنطق بالعربية. اي ان المشروع الاعلامي الاميركي مرشح للفشل إلا إذا تمكن من البقاء خارج اطار السيطرة اليهودية، وهو ما يبدو مستبعداً. إلا انه لا بد من الانتظار الى حين تقويم تجربة محطة "سي إن إن" التي تعد حالياً لإطلاق موقع عربي على شبكة انترنت من المرجح ان يشكل نواة للبث الفضائي باللغة العربية في مرحلة لاحقة. في المقابل ، لا تبدو مهمة الفضائيات العربية للتأثير في الغرب اكثر سهولة. فتقاليد الاحتراف والاستقلال الاعلامي ضعيفة، والكفاءات محدودة، فضلاً عن ان الصدقية تتطلب في الاساس ان يكون "الاقربون اولى بالمعروف." فعلى الاعلام العربي ان يقنع العرب اولاً وان يظهر استعداداً لإنتقاد سياسات حكوماته وحكومات "الاشقاء" حتى يتمتع بالصدقية المطلوبة قبل توجيه النقد الموضوعي للآخرين. واذا كانت فضائية "الجزيرة" نجحت عربياً لأنها وفرت منبراً لمن لم يكن لهم صوت في العالم العربي، فإن نسخة انكليزية من القناة القطرية لا يمكن ان تقنع الرأي العام الغربي. ولعل هناك من لا يزال يذكر تجربة الشراكة بين هيئة الاذاعة البريطانية ومؤسسة سعودية لإقامة محطة تلفزة عربية ما لبثت ان اغلقت بعد نحو سنة من اطلاقها، بسبب خلاف على سياسة التحرير. فكان ان ورثت كفاءات من ال "بي بي سي"، فإقتربت من الاحتراف وناكفت "الاشقاء"، فقدمت قصة نجاح مثيرة للجدل. بيد ان اقناع الرأي العام الغربي امر مختلف تماماً. وما لم تكن القنوات الفضائية العربية المزمع اطلاقها قادرة على منافسة المحطات الاميركية والاوروبية القائمة، فلن تكون لها فرصة في تحقيق اهدافها. لعله مفيد اكثر للعرب ان يعملوا على إطلاق الحريات السياسية في بلدانهم ليحسنوا من صورة العرب والاسلام في الغرب ويتخلصوا من الظروف التي تقود البشر الى التطرف. وبالنسبة الى أميركا، قد يكون مفيداً اكثر لها ان تعالج انحيازها الأعمى لإسرائيل، فتتحسن صورتها عند العرب والمسلمين. عندها، لن تكون هناك حاجة لصراع فضائيات موجهة لن يقنع احداً. ويبدو كلا الاحتمالين بعيداً عن الواقع... لو كانت الدول العربية تحترم حقوق شعوبها، لما سمحت بهذا التنكيل بالمواطنين العرب في افغانستان، ولما تجرأت اميركا او غيرها على اضطهاد العرب والمسلمين من دون ادنى احترام لحقوق الانسان. فمن يهن يسهل الهوان عليه...