كثيرون من الملايين الذين احتفلوا بعيد الفطر المبارك هذا العام تذكروا منظر الفنان القدير جورج سيدهم وهو على وشك الاختناق بينما زوجته تحشر في فمه عشرات البيضات المسلوقة في مسرحية "المتزوجون" وهو يصرخ "كفاية حرام". أطنان من الكعك والاسماك المملحة استهلكها المصريون على مدى أيام العيد الذي استمر الاحتفال به اسبوعاً كاملاً، بتشجيع من وزارة التربية والتعليم التي قررت فجأة ان تريح الطلاب من الدراسة لمدة سبعة أيام كاملة. وكانت النتيجة ان شهدت الطرق السريعة المؤدية الى المشاتي المصرية القريبة من القاهرة ازدحاماً شديداً، بعدما اصبحت عين السخنة وفايد والاسماعيلية ورأس سدر مقصداً لكثير من المصريين الذين قضوا بين يوم واسبوع، كل بحسب مقدرته. والميزة في تلك المدن ان لديها ما تقدمه للجميع، فهناك الشواطئ العامة التي تستقبل الأسر إما من دون مقابل أو في مقابل مبلغ زهيد جداً، فتمضي اليوم بأكمله على الشاطئ وهي تستمتع بما حملته معها من مأكولات ومشروبات. وللراغبين أو بالأحرى للقادرين على قضاء غير يوم، فهناك تشكيلة كبيرة من الفنادق والمنتجعات التي تفتح أبوابها لكل من يقوى على سداد فواتيرها. أضف الى ذلك، عشرات القرى السياحية التي عرفت طريقها الى سواحل البحيرات المرة والبحر الاحمر، حتى باتت تضاهي قرى الساحل الشمالي المشهورة. المذهل هذا العام هو تدخّل الحاج متولي في احتفال المصريين بالعيد. فإلى يوم 30 رمضان، لم يكن مسلسل زيجات الحاج متولي قد انتهى بعد، وهو ما دفع كثيرين الى تنظيم عطلتهم تبعاً لموعد بث الحلقات. وبين قضمات الكعك المتتالية، وقرقشة البسكويت المتقطعة، تابع المصريون آثار قرصي الفياغرا اللذين ابتلعهما الحاج متولي بعد أيام من زيجته الرابعة. ولم تتمكن نسب الدهون المتفاقمة وترسبات الكوليسترول القاتلة في شرايين المصريين، بفعل كعك العيد، من أن تعمي عقولهم عن محاولات التكفير التي حفلت بها الحلقات الأخيرة من المسلسل عن تهمة تشجيع تعدد الزوجات. فالحاج حذر ابنيه الذكرين من أن يكررا ما فعل ويُقبلا على الزواج بغير واحدة. وما أن بدأت الملايين تتعافى من انخفاض نسبة مخدر "الحاج متولي" في دمائها بانتهاء الحلقات، حتى تعرضت لغزو جديد من برامج الفضائيات المصرية والعربية التي تنافست على استضافة متولي وزوجاته وأبنائه في أحاديث لا تنقطع. البعض ممن نجح في الإفلات من مصيدة الحاج وزوجاته، توجه الى دور السينما، حيث دخلت "زكية زكريا البرلمان" وأصبح شعبان عبدالرحيم ممثلاً في "مواطن ومخبر وحرامي" بعدما كان مكوجياً، ثم مطرباً، و"جواز بقرار جمهوري" لبطليه هاني رمزي وحنان ترك. ويبدو أن المصريين لم يعد في مقدورهم الاحتفال بأعيادهم من دون الفنان محمد هنيدي، فأعيد عرض فيلمه الصيفي الأحدث "جاءنا البيان التالي" في غالبية دور العرض الكبرى. وعلى رغم غيبوبة الكعك وتخمة المسلسلات، نجا البعض الآخر من الانخراط في حال العزلة الاختيارية التي توجبها الاجازات الطويلة، فقررت نقابة القضاة مثلاً إلغاء الحفلة الفنية التي كانت مقررة في عيد الفطر، والاكتفاء بالابتهالات الدينية، عسى أن تزول الغمة التي اصابت العالم، لا سيما الجزء الاسلامي منه. الغمة الاخرى التي سيبدأ المصريون في التعامل معها بعد انتهاء اجازة العيد، هي غمة الدولار، والتي ظهرت نتائجها سريعة، متمثلة في قفزة سريعة رشيقة عالية حققتها اسعار المنتجات الغذائية في أيام عدة، مع احتفاظ الرواتب بثباتها وعدم تزحزحها قيد أنملة.