تعثرت المفاوضات في شأن استسلام المقاتلين في منطقة تورا بورا شرق أفغانستان، بعد فشل المهاجمين في تلبية شروط أساسية تضمن سلامة المحاصرين في الجبال، أهمها إشراف ديبلوماسي ودولي على عملية الاستسلام يضمن عدم تعرض المستسلمين لمجازر على غرار ما حصل في مزار الشريف. وتعهد الرئيس الاميركي جورج بوش امس بتعقب اعضاء شبكة "القاعدة" في انحاء العالم حتى القبض عليهم. وقال بوش قبل ان يوقع قانونا لاغاثة الاطفال والنساء في افغانستان في متحف في وسط واشنطن: "الارهابيون الذين شاركوا في حكم افغانستان موجودون بالعشرات في عشرات الدول، ولهذا السبب فإننا، مع اصدقائنا وحلفائنا، لن نهدأ حتى يتم تقديمهمم الى العدالة". من جهة اخرى قال مسؤول أميركي ان الأميركي جون ووكر الذي اعتُقل في قلعة جانغي في مزار الشريف، وكان يقاتل في صفوف "طالبان"، أبلغ المحققين ان "القاعدة" تستعد لهجوم وشيك على الولاياتالمتحدة. لكن مسؤولين أميركيين قالوا ان ليس لديهم ما يدعو الى الاعتقاد انه يملك معلومات محددة عن عمل إرهابي يُحضر له. واوضح المسؤول ان هجوماً تُستخدم فيه أسلحة بيولوجية يمكن ان يحصل في وقت ما قبل نهاية شهر رمضان. ووكر معتقل حالياً في قاعدة راينو قرب قندهار، جنوبأفغانستان. وساهم في تعقيد الوضع في تورا بورا امتناع الاميركيين عن تسهيل ترتيبات الاستسلام، فيما واصلت الطائرات الاميركية التحليق في أجواء المنطقة، ملقية قنابل ثقيلة على القمم والكهوف الجبلية حيث يتحصن عدد غير محدد من عناصر تنظيم "القاعدة" الذي يتزعمه أسامة بن لادن. وفي وقت، أعطى القائد الأفغاني حاجي محمد زمان مهلة 24 ساعة إضافية للمحاصرين تنتهي صباح اليوم، استأنف المقاتلون التابعون للقائد حضرت علي هجومهم على كهوف تورا بورا، مما أوجد حالاً من التوتر بين الجانبين وصلت الى ذروتها. ولم تتوفر معلومات عن مكان وجود بن لادن، فيما بدأ يتراجع اقتناع المهاجمين بأنه ما زال موجوداً في المنطقة المحاصرة. معتقلون عرب وكشفت مصادر رسمية باكستانية ل"الحياة" أمس أن أكثر من خمسين من "الأفغان العرب" اعتقلوا أثناء هروبهم من أفغانستان. لكنها أكدت أن السلطات الباكستانية ستتعامل مع العائلات والأطفال على أسس انسانية وستسمح لهم بدخول أراضيها، تمهيداً لمعاملتهم على أساس كل حال بمفردها وترحيلهم إلى بلادهم. جاء ذلك في وقت شددت باكستان إجراءاتها الأمنية على الحدود ودفعت قوات كوماندوس ومروحيات تجوب المنافذ المؤدية إلى تورا بورا، لمنع تسلل الأفغان العرب أو قادة حركة "طالبان". تورا بورا وكشفت مصادر أفغانية مطلعة في جلال آباد خلال اتصال هاتفي مع "الحياة" أمس، خلافات جدية بين القائدين العسكريين البارزين في المدينة، اللذين يقودان الحملة ضد الأفغان العرب، نشبت حين لجأ المسؤول الأمني للمدينة حضرت علي إلى نسف اتفاق تردد ان الأفغان العرب توصلوا إليه مع المسؤول العسكري للمدينة محمد زمان خان. وشن مقاتلو حضرت علي هجوماً على معاقل الأفغان العرب أمس، لكنهم فشلوا في التقدم، وفقدوا عدداً من القتلى والأسرى، فيما أعلن عن مقتل جزائري وشيشاني من المحاصرين. وعزز موقف حضرت علي رفض الولاياتالمتحدة اتفاق الهدنة، إذ واصلت دكها مواقع "القاعدة" بقاذفات "بي 52" على تلال الجبال المطلة على قاعدة تورا بورا التي فقدتها "القاعدة" أول من أمس. وقدر حاكم ولاية نانغرهار وعاصمتها جلال آباد الحاجي عبدالقدير خان عدد الأفغان العرب المحاصرين ب400-500 مقاتل. ونفى علمه بمكان وجود أسامة بن لادن، مضيفاً أن "ثمة إشاعات تتحدث عن وجوده في منطقة تورا بورا ولكن لا يوجد ما يؤكد ذلك". وكشفت ل"الحياة" مصادر أفغانية قدمت أمس من قندهار حركة نزوح من المدينة بعد التوتر بين القائدين الميدانيين المتخاصمين حاكم قندهار السابق غول أغا والقائد الميداني ملا نقيب الله الذي سلمته "طالبان" المدينة. وقال شهود إن عدد الفارين من المدينة خلال الأيام القليلة الماضية في اتجاه المناطق الحدودية، زاد على 17 ألف شخص، وذلك تحسباً لاقتتال داخلي في المدينة. في غضون ذلك، اتهم الرئيس برهان الدين رباني "قوى أجنبية" بفرض الحكومة الانتقالية على الافغان، لكنه أكد عزمه على التعاون مع هذه الحكومة. جاء ذلك قبل وصول رئيسها حميد كارزاي الى كابول مساء للبحث في ترتيبات انتقال السلطة بحلول 22 الشهر الجاري. وكان مقرراً أن يجري كارزاي محادثات مع وزير الدفاع الجنرال محمد فهيم الذي أكد إثر محادثاته مع المبعوث الدولي الاخضر الابراهيمي أن قوة دولية لا يزيد عددها على ألف عنصر من جنسيات مختلفة، سيسمح لها بالانتشار في كابول، لحماية بعض المرافق الحكومية. وتوقع الامين العام للأمم المتحدة كوفي أنان أن يتخذ مجلس الأمن قراراً في شأن تشكيل هذه القوة في الايام القليلة المقبلة. حملة في المانيا في غضون ذلك، خطت الحكومة الألمانية أمس خطوتها الأولى في سياستها الأمنية المستندة إلى القانون الجديد لمكافحة الإرهاب، فأصدر وزير الداخلية الألماني اوتو شيلي قراراً بحظر نشاط منظمة "دولة الخلافة" الإسلامية التي يتزعمها التركي متين قبلان المسجون حالياً في المانيا، ومصادرة أموالها ومحتويات مقارها ومؤسساتها والتنظيمات التابعة لها. ونفذ القرار 1200 شرطي في سبع ولايات المانية منذ ساعات الصباح، وحصل قبلان على نسخة رسمية عن حظر منظمته من محاميه الذي زاره خصيصاً لإبلاغه بالأمر، وبإمكان تسليمه إلى السلطات التركية التي سبق وأن حاكمه القضاء فيها وقضى بإعدامه بتهمة الخيانة العظمى. ويقضي قبلان حكماً بالسجن لأربع سنوات بسبب إصداره فتوى تدعو إلى قتل أحد منافسيه على الخلافة. وبرر شيلي قرار الحظر بأن منظمة "دولة الخلافة" تركز نشاطاتها العدائية "ضد النظام الدستوري للبلاد وضد الديموقراطية والقانون"، مضيفاً أيضاً انها "تحرض ضد تركيا وضد إسرائيل واليهود"، وتسعى إلى اسقاط نظام الحكم في تركيا لإقامة دولة الخلافة فيها. ولم يؤكد وزير الداخلية معلومات أشارت إلى وجود اتصالات بين منظمة قبلان وأسامة بن لادن، لكنه لم يستبعد ذلك، داعياً إلى انتظار نتائج التحقيقات التي تجري حالياً. وجرت المداهمات والمصادرات من دون وقوع أي حادث يذكر، باستثناء توقيف 30 شخصاً وجدوا في الصباح الباكر في المقر الرئيسي للمنظمة في كولونيا ثم تركهم بعد اجراء تحقيق سريع معهم. وقال شيلي إن العملية غير موجهة ضد الإسلام والمسلمين في المانيا، وإنما ضد تنظيم "خطر في أفكاره وتصوراته الدينية"، لافتاً إلى أن الحظر "خطوة أولى قد تطال منظمات متطرفة أخرى". "مؤامرة" على الصحافية على صعيد آخر، اتهمت الصحافية البريطانية إيفون ريدلي التي كانت معتقلة لدى "طالبان" أجهزة الاستخبارات الغربية بالسعي الى إقناع الحركة بإعدامها، وذلك بتلفيق وثائق توحي بأنها تسللت الى أفغانستان بهدف التجسس وإيصال هذه الوثائق الى الحركة. وقالت ريدلي التي تعمل مراسلة لصحيفة "صنداي اكسبرس": "أعتقد أنه لو أعدِمت علناً بتهمة التجسس، لكان الغرب استثمر ذلك أداة للدعاية، في مواجهة المناهضين للحرب". وأضافت انها لا تعرف الجهة الاستخباراتية التي حاولت الايقاع بها، وهل هي الاميركيون أو البريطانيون أو "موساد"، لكنها أشارت الى أن "طالبان فهموا اللعبة وأشفقوا عليّ وأخلوا سبيلي".