توقف الهجوم امس، على قاعدة تورا بورا بعد موافقة المقاتلين الاجانب المتحصنين داخلها على الاستسلام بحلول الساعة الثامنة من صباح اليوم الثالثة فجراً بتوقيت غرينيتش. وبدا قادة البشتون الذين قادوا الهجوم على القاعدة غير واثقين من مكان وجود اسامة بن لادن الذي انسحب عدد كبير من انصاره الى جبل سبين غار المجاور، فيما تعرضت مخابىء اخرى لتنظيم "القاعدة" في منطقة خوست ولاية بكتيا القريبة من الحدود الباكستانية لقصف عنيف. وبرزت تساؤلات حول مصير الافغان العرب الذين سيستسلمون اليوم، في ظل رفض القيادة الاميركية اعطاءهم اي ضمانات مسبقاً لجهة تسليمهم الى دولهم، وتقليلها من اهمية اعلانهم العزم على الاستسلام مؤكدة ان معظمهم لجأ الى مناطق جبلية اخرى لمواصلة القتال. وتخوفت مصادر انسانية من تعرض الاسرى في تورا بورا لسيناريو يشبه المجازر التي طاولت الاسرى الاجانب في مزار الشريف، فيما نقلت صحيفة "نيويورك تايمز" عن شهود في شمال افغانستان، ان عشرات الاسرى قضوا خنقاً داخل حاويات محكمة الاغلاق خلال نقلهم من سجن الى آخر. وفي الوقت نفسه افادت تقارير ان جثث 50 عربياً دفنت في قندهار، فيما احصيت مئات الجثث لمقاتلي "طالبان" الذين سقطوا من جراء القصف خلال دفاعهم عن مطار قندهار. وفي وقت اجرى المبعوث الدولي الاخضر الابراهيمي محادثات في كابول مع قادة تحالف الشمال بهدف تأمين انتقال هادىء للسلطة الى الحكومة الانتقالية المعينة في بون ونشر قوة دولية صغيرة في العاصمة الافغانية، بحث وزير الخارجية الاميركي كولن باول في باريس ولندن امس، في موضوع تشكيل تلك القوة. واعربت مصادر ديبلوماسية غربية عن اعتقادها ان تفويضاً سيصدر عن مجلس الامن يوم الجمعة المقبل، في شأن تشكيل القوة التي يتوقع ان تقودها بريطانيا وتشارك فيها فرنسا والمانيا وتركيا وايطاليا وكندا. ولمس باول في باريس ولندن بوادر تردد ازاء توسيع الحرب على الارهاب لتشمل دولاً أخرى، ما دفعه الى تأكيد ان الادارة الاميركية لم تتخذ قراراً بعد في هذا الشأن وهي ستتشاور مع حلفاء الولاياتالمتحدة قبل اتخاذ اي قرار. وفي كابول، قال وزير الدفاع الجنرال محمد فهيم ان تعداد القوة الدولية لن يتجاوز الف جندي وهو "عدد كاف لضمان ارساء الامن اثناء اجتماعات الحكومة الانتقالية والمجلس الاعلى للقبائل الافغانية لويا جيركا". وفي حديث الى صحيفة "واشنطن بوست"، وجه حميد كارزاي رئيس الحكومة الانتقالية التي ستتولى السلطة في 22 الشهر الجاري، تحذيراً الى الولاياتالمتحدة من مغبة اهمال بلاده مجدداً، وتخليها عن تعهدها القضاء على الارهاب في افغانستان التي "يجب ان يتوقف حكم البندقية فيها". وحال دون انتقال كارزاي الى كابول للقاء الابراهيمي، انهماكه في حل الصراعات بين الفصائل البشتونية المتنافسة على السيطرة على قندهار، في وقت ظل مكان ملا محمد عمر زعيم "طالبان" مجهولاً، بعد استسلام قواته في المدينة. وقال احد القادة البشتون ان بعض مقاتلي "طالبان" وتنظيم "القاعدة" ما زالوا مختبئين في قندهار وحولها. واشار الى ان حافظ ماجد وهو مساعد كبير للملا عمر رفض الاستسلام ويقود جماعة من المقاتلين المتحصنين في المستشفى الصيني في المدينة حيث يوجد مدنيون يتلقون العلاج. وذكر ايضًا ان هناك عددًا من مقاتلي "طالبان" في قرية سبيروان على بعد نحو 35 كيلومترًا غرب قندهار. واضاف: "حتى ولو استسلم ماجد، لن يعفى عنه. سيقتله شخص ما". وخيم قلق من الاوضاع في قندهار حيث انتشر حمل السلاح، ما استدعى عقد اجتماع بين قادة القبائل اتخذ خلاله قرار باستحداث ثمانية مراكز للشرطة وتوفير زي رسمي لعناصرها، ومنع اي مدني من حمل السلاح تحت طائلة السجن. لكن كثيرين شككوا في امكان ضبط الوضع الامني في المنطقة. تورا بورا وعلمت "الحياة" في إسلام آباد ان الهجوم على تورا بورا توقف بعدما ابدى العرب المحاصرون هناك استعدادهم للاستسلام الى قوات الحكومة المحلية في جلال آباد بحلول صباح اليوم، شرط أن يتم ذلك بمراقبة الأممالمتحدة وأن يصار إلى إرسال كل منهم إلى بلاده. ولكن مراقبين شككوا في أن توافق المنظمة الدولية على لعب مثل هذا الدور، على غرار ما حصل للمستسلمين في قندوز الذين اقتيدوا الى قلعة جانغي قرب مزار الشريف حيث قتل المئات منهم. وعززت المخاوف تصريحات الناطق باسم المركز الاعلامي الاميركي في إسلام آباد كينتون كيث، اكد فيها عدم رغبة الولاياتالمتحدة في ترتيب عملية استسلام الأفغان العرب، اذ قلل من أهمية ذلك، مشيراً الى أنهم فروا إلى الجبال العالية لمواصلة المعارك. الغارات الاميركية ووسعت الطائرات الأميركية نطاق غاراتها أمس، وقصفت مواقع في ولاية بكتيا المحاذية للمناطق القبلية الباكستانية، يشتبه في انها تضم مخابىء لتنظيم "القاعدة". وأسفرت الغارات عن سقوط عشرات القتلى والجرحى في صفوف المدنيين. ونقل بعض المصابين إلى المستشفيات الباكستانية القريبة من الحدود. وروى شهود من منطقة تورا بورا ل"الحياة" كيف أن القنابل الأميركية التي وصل وزن الواحدة منها إلى سبعة اطنان، كانت تفتك بالمقاتلين العرب والسكان المحليين، وتسفر عن انهيارات عصبية في صفوف الناجين من القصف.