يعرفه المارة في الشوارع والشبان الواقفون على النواصي باسم "أبو العز". شاب وسيم في الثلاثينات. شعره أسود وعيناه جميلتان. يرتدي ثياباً أنيقة ويمشي في شوارع دمشق بسرعة غريبة. لا تبدو عليه هيئة المصاب بمرض ما. مظهره عادي، وهمه الوحيد ترديد النكات أمام الشبان المجتمعين في الأزقة وسماع مثيلاً لها منهم. لكنه لا يلبث ان ينتقل بسرعة الى شارع آخر بعدها يعطي في نهاية حديثه نصيحة للشباب ب"عدم الثقة بالفتيات" و"تجاهل فتيات كلية الآداب". يرتاد "أبو العز" شارعي الحمراء وباب توما وغيرهما من الشوارع والأسواق التي يقف فيها الشبان. يروي لهم عدداً من النكات التي تتعلق بالفتيات والحب والخيانة و"الموبايل". ويتنافس الشبان على كسب وده وجلبه الى شلتهم وسماع نكاته ورواية نكات جديدة له. وعندما يرونه ماشياً في الشارع، ينادونه بأعلى صوتهم. وقد يتجاهلهم في بعض الأحيان مكملاً سيره الى شارع آخر أو يستجيب لطلبهم في أحيان أخرى. يتوجه "أبو العز" في الصباحات الباكرة الى مدارس الفتيات لتحذيرهن من الشبان، ويروي لهن نكاتاً "على الماشي" راجياً منهم عدم الانتساب الى كلية الآداب وعدم تقليد طالبات ذلك القسم في التبرج الكثير وعدم الخروج مع الشبان ثم يطلب منهن ان "يسلمن على بنات الجامعة" كما يطلب من طالبات الجامعة ان "يسلمن على بنات المدارس". يلف الغموض هذا الشاب. فبعضهم يروي انه كان متيماً بإحدى الفتيات وانها تركته ما سبب له عقدة نفسية. فيما يروي البعض الآخر انه كان طالباً في كلية الحقوق وأن عائلته وأمه هما السبب في ضياعه ومرضه. فيما يجد قسم متشائم انه ليس سوى أحد عناصر الأمن المتخفين. لا تستطيع ان تتحدث اليه بطريقة طبيعية. فهو لا يرغب سوى برواية النكات وسماعها. وعندما يشعر انه ضاق بأسئلتك لا يتردد في الشتم وترك المكان بسرعة. يستغرب المارة صوته العالي جداً. وحضوره الجميل وذاكرته الجيدة إذ يحفظ المئات من النكات، لكن أحداً لا يعلم أين يقيم أو أين ينام ومن يعتني به. ولا يزال منذ أعوام عدة يتنقل بين المدارس والجامعات محيطاً نفسه بهالة من الغرابة والمزاح ملقياً الفضول والشك في نفس كل من يراه.