قدر وزير الزراعة والمياه السعودي الدكتور عبدالله بن عبدالعزيز المعمر حجم الاستثمارات المطلوبة في قطاع المياه خلال السنوات ال20 المقبلة بنحو 331 بليون ريال 88.3 بليون دولار. وقال في حديث الى "الحياة" ان الوزارة الغت 500 مشروع للاعلاف ترشيداً لاستخدام المياه، ووافقت على تصدير ما زاد عن حاجات المزارعين من الآلات الزراعية وفقا لضوابط محددة. واشار الى ان الوزارة تدرس حالياً تعرفة استهلاك المياه تمهيدا لرفعها الى المجلس الاقتصادي الاعلى. وفي ما يأتي نص الحوار: ما هي أبرز ملامح التغييرات في السياسة الزراعية السعودية وما هي اهدافها؟ - شهد القطاع الزراعي تغييرات عدة أبرزها ما املته الضرورة في شأن خفض معدلات استهلاك المياه الموفرة للزراعة والعمل على تقليلها وترشيد استخدامها، وتبعاً لذلك أوقفنا اصدار تراخيص جديدة لزراعة الاعلاف بدءاً من عام 1996، وتمكنت الوزارة من الغاء 500 مشروع للاعلاف لم تستكمل بعد اجراءات اقراضها بالتنسيق مع البنك الزراعي، كما أوقفنا تصدير القمح وقلصنا زراعة الشعير. من جهة أخرى عملت الوزارة على تحسين الكفاءة الاقتصادية للقطاع الزراعي من خلال الاستمرار في تقديم الخدمات للمزارعين وايجاد المناخ الملائم لاستمرار القطاع الخاص في الانتاج والتصنيع الزراعي واستقطاب التقنيات الحديثة، وتشجيع تطبيق اساليب الزراعة والري الحديثة ورفع كفاءة المؤسسات البحثية والفنية والارشادية وكفاءة المشاريع الانتاجية من خلال دعم البحوث والدراسات الفنية وتطبيق التقنيات الحديثة والعمل على توطينها ورفع الكفاءة التسويقية للمنتجات الغذائية، الى جانب تنمية القوى العاملة الزراعية والعمل على تطويرها والمساهمة في تحقيق التوازن البيئي من خلال المحافظة على الموارد الطبيعية ومكافحة التصحر فضلا عن تهيئة القطاع الزراعي للتعامل بمرونة وكفاءة مع التطورات والمستجدات المحلية والاقليمية والدولية. شددتم أخيراً على ضرورة تقليص زراعة المحاصيل التي تستنزف الثروة المائية والاتجاه الى محاصيل اخرى، ماذا تم في هذا الشأن وكيف تتابعون ذلك مع المزارعين؟ - انطلاقاً من الاستراتيجية الجديدة للتنمية الزراعية المتمثلة في تنمية القطاع الزراعي مع المحافظة على الموارد المائية الحرجة وتحقيق توازن بين الامن المائي والامن الغذائي، قلصنا المساحات المزروعة من المحاصيل الحقلية في المناطق التي تعتمد على الري من المياه الجوفية غير المتجددة، فانخفضت المساحات المزروعة قمحاً من 924.4 الف هكتار عام 1994 الى 420.2 الف هكتار الموسم الجاري ما ادى الى خفض الانتاج من 4.7 الى 1.6 مليون طن في ما يغطي حاجة المستهلك المحلي والاكتفاء الذاتي من القمح. كما انخفضت المساحات المزروعة شعيراً من 315.9 الف هكتار في موسم 1996 الى 25.5 الف هكتار الموسم الجاري ما ادى الى خفض الانتاج من 1.8 مليون طن الى 100 الف طن. ومن جهة اخرى منعنا تصدير الاعلاف العام الماضي. ووجدت الوزارة تعاوناً كبيراً من المزارعين لقناعتهم بهذه الاجراءات وايمانهم بأهمية المحافظة على المياه وترشيد استخدامها. اعلن البنك الزراعي تغيير سياسته الاقراضية. ما هي ابرز ملامح هذا التغيير وأهدافه؟ - من دون شك هناك تنسيق وثيق بين وزارة الزراعة والمياه والبنك الزراعي لتوجيه ومتابعة استراتيجيات التنمية الزراعية الحالية، اذ يتم التركيز على تمويل المشاريع الزراعية المرخصة من قبل الوزارة ذات الاستهلاك المنخفض من المياه والتوجه نحو الاهتمام بتمويل التقنيات الحديثة التي لها خاصية ترشيد استهلاك المياه. كما سعى البنك الزراعي في الأعوام الاخيرة الى ادخال تعديلات اخرى في سياسة برامج التمويل لتشمل انشطة التسويق وتصنيع المنتجات الزراعية. يعاني بعض المزارعين خصوصاً الكبار منهم من تكدس الآلات الزراعية التي تم الحصول على معظمها عن طريق القروض والاعانات الزراعية بعد انحسار اعمالهم، كيف تتم معالجة مثل هذه القضية؟ - ادراكاً من الحكومة لحاجات المزارعين بعد المتغيرات في السياسة الزراعية وانحسار المساحات المزروعة من القمح والشعير والاعلاف، قررت الدولة السماح للمزارعين بتصدير ما زاد عن حاجات مزارعهم من الرشاشات المحورية والحصادات والبذرات والتراكتورات والحراثات وفقاً لضوابط وترتيبات محددة. كيف كانت الاستجابة من المزارعين والمواطنين لسياسة ترشيد استهلاك المياه في القطاع الزراعي؟ - بدأنا منذ عام 1997 تنفيذ خطة وطنية متكاملة لترشيد استخدام المياه، وركزت استراتيجية الحملة الوطنية للترشيد على مخاطبة الوازع الديني والوطني لدى جميع المواطنين والمقيمين بأهمية المياه وضرورة ترشيد استخدامها والمحافظة عليها لتلبية متطلبات الاغراض المنزلية الزراعية والصناعية ومجالات البناء والتشييد والكشف على شبكات توزيع المياه من تسرب المياه، اضافة الى التوعية بأهمية استخدام المواد المقتصدة للمياه. وكان التركيز ايضاً على تشجيع المزارعين على استخدام وسائل الري الحديثة ذات الكفاءة العالية والتخلي عن الطرق التقليدية في الري كالري بالغمر الذي يهدر كميات كبيرة من المياه، كما يتم التركيز على زراعة المحاصيل ذات الاستهلاك المنخفض من المياه بالاعتماد على طرق الري بالتنقيط او الرش وادخال اصناف نباتية مقاومة للجفاف وتتحمل المياه ذات الملوحة العالية، وكانت الاستجابة لحملة الترشيد جيدة. في اي المحاصيل الزراعية والمنتجات الحيوانية حققت السعودية اكتفاء ذاتياً؟ - حققت المملكة الاكتفاء الذاتي في كثير من المنتجات الزراعية النباتية والحيوانية ومن اهمها القمح والتمور والالبان الطازجة وبيض المائدة، كما حققت نسبة عالية من الاكتفاء الذاتي تجاوزت 70 في المئة لكل من لحوم الدواجن والخضر والفواكه، ونحو 50 في المئة من الاسماك. كيف تقيمون الوضع المائي في البلاد الان؟ - الوضع المائي جيد وتجري حالياً دراسات جيولوجية تفصيلية على طبقات المياه الرئيسية والثانوية في السعودية وستصدر بعدها مباشرة الخطة الوطنية للمياه. أين وصلت طلبات الاستثمار الأجنبي في محطات التحلية وكم يبلغ عدد الطلبات المقدمة؟ - تقدم عدد من الشركات الوطنية والأجنبية للاستثمار في إقامة محطات تحلية جديدة ووصل عدد هذه الطلبات الى ما يقرب من 20 طلباً وهي قيد الدراسة في اللجنة الدائمة للمجلس الاقتصادي الأعلى. كم يبلغ حجم الاستثمارات الرأسمالية المطلوبة في قطاع المياه؟ - تقدر التكاليف الإجمالية المطلوبة لتأمين المياه للسنوات ال20 المقبلة ب331 بليون ريال 88.26 بليون دولار على افتراض ان معدل استهلاك الفرد الواحد 300 ليتر في اليوم. تحدثتم سابقاً عن إعادة النظر في تعرفة المياه، ماذا تم في هذا الشأن وهل هناك ارقام معينة تم الاتفاق عليها او يتم درسها؟ - يجري حالياً درس هذا الأمر بين الجهات المعنية وسيتم قريباً التوصل الى تعرفة جديدة اخذت فيها اعتبارات خصوصية الماء في حياة كل فرد وأهمية توافره وتقديمه للمستهلك بأسعار مناسبة ومعقولة، وسيتم عرضها حال الانتهاء من درسها على المجلس الاقتصادي الأعلى. يعاني بعض مزارع الدواجن من قضية الإغراق الأجنبي، ما هي الخطوات الرسمية في هذا الشأن؟ - هذا امر طبيعي يحدث في الأسواق الحرة والمفتوحة، وسبق ان قدمت الغرفة التجارية الصناعية في الرياض دراسة اثبتت وجود هذا الإغراق. لكن انتاجنا الوطني يحظى بدعم كبير فهناك رسوم حمائية على الدواجن المصدرة الى اسواق المملكة تصل إلى 20 في المئة، اضافة الى ان المشاريع الوطنية تتبع الأسس التجارية والتنافسية التي تمكنها من الصمود امام الإغراق والمنافسة الخارجية.