في مكتبه المتواضع في صحيفة "أوصاف"، لم يتردد حامد مير، الصحافي الباكستاني الذي كان آخر من أجرى حواراً صحافياً مع أسامة بن لادن زعيم تنظيم "القاعدة"، في منطقة تبعد ساعات بالسيارة عن العاصمة كابول، في القول إن بن لادن نصحه بالعودة إلى باكستان بأقصى سرعة بدلاً من البقاء في كابول لكتابة بعض التقارير من العاصمة الأفغانية. ويوضح حامد مير، الذي تحدث إلى "الحياة" أمس، أن الدكتور أيمن الظواهري الذي تناول معه الفطور صباح الثامن من الشهر الجاري، قبل لقاء الأول بن لادن، قال له إن الانسحاب من المدن الكبرى سيوفر على حركة "طالبان" وتنظيم "القاعدة" انتظار وصول القصف الأميركي إلى اعتابهم، إضافة إلى أن "تحالف الشمال" يشعر بالارتياح نتيجة لذلك، إلى درجة أن عناصره راقبت قصف الخطوط الدفاعية والأمامية وهي تلعب الشطرنج. ويعتبر حامد مير أن بن لادن هو الذي كان وراء تأخر "طالبان" في اتخاذ القرار بالانسحاب لأكثر من شهر بعد بدء القصف الأميركي، في حين كان الملا محمد عمر يؤيد ذلك منذ الأسبوع الأول، بهدف تفادي سقوط ضحايا من المدنيين ومقاتلي الحركة. ولم تمنع الحشود العسكرية والقصف أسامة بن لادن من أن يفاخر أمام حامد مير بأن لديه أربع زوجات وان آخرهن انجبت له طفلة سماها صفية، وذلك في الرابع عشر من الشهر الماضي، أي بعد ثلاثة أيام على بدء القصف الجوي الأميركي على أفغانستان. ويقول بن لادن إن لديه عشرين طفلاً وطفلة، وان اثنتين من زوجاته يمنيتان. ويعرف زعيم "القاعدة" أن من بين عناصر "طالبان" من حمّله مسؤولية ما تعرضت له أفغانستان، لكنه يرد قائلاً: "إن الناس الجيدين والسيئين أينما كان". ولم يحل تعلم كثير من العناصر العربية اللغة البشتونية واندماجهم إلى درجة كبيرة بالأفغان، دون وجود فجوة بينهم، بسبب النفوذ الذي حظي به "الأفغان العرب" وتميزهم عن بقية عناصر حركة "طالبان" وقياداتها. ويشير حامد مير إلى أن الملا محمد عمر استعاد شيئاً من الشعبية التي يحظى بها بن لادن لدى بعضهم، وكذلك في الخارج، خصوصاً باكستان، على رغم ان كثيرين من الأفغان يعتقدون أن بلادهم دفعت ثمن وجود ثلاثة آلاف من العناصر العربية في أراضيها. وأقر بن لادن امام حامد مير بأن لا مفر من قتله في آخر المطاف، لكنه فضّل ان يقتل قبل ان يتعرض للأذى، من خلال تطبيق سياسة اضرب واهرب، والاحتماء في الجبال والكهوف. ويتركز انتشار قوات "طالبان" حالياً في جبال مقاطعات مثل تنغرهار خوست، قونار، باكتيا وقندوز، حيث لا تزال المناطق تخضع لسيطرة زعماء القبائل او جهات متعاطفة مع "طالبان" او القيادات المعتدلة فيها. ويعتقد حامد مير ان الاستراتيجية التي تبناها أسامة بن لادن اخيراً، كانت بسبب حرصه على تخزين المواد الغذائية وسحب الاسلحة الثقيلة، بدليل ان "تحالف الشمال" لم ينجح في كسب قطعة سلاح ثقيلة واحدة، اضافة الى ان بن لادن كان يحاول الاستمرار في المقاومة الى حين سقوط الثلوج. ويُقر من زار مدينة كابول قبل اسبوع من سقوطها، بأن "طالبان" بادرت الى الخروج منها واللجوء الى الجبال والكهوف، ويوضح رئيس تحرير صحيفة "اوصاف" الصادرة باللغة الأوردية بأن العرب وعلى رأسهم اسامة بن لادن وراء اقناع الملا محمد عمر بحرب العصابات. ويقرّ بن لادن بأن اكثر من ثلاثمئة عربي وصلوا إلى افغانستان الشهر الماضي، ويؤكد انه لا يعرف من أين أتوا ولا كيف وصلوا، لكنهم خضعوا للتحقيق لبضعة ايام للتأكد من نياتهم.