في اليوم السادس والثلاثين من الحملة الدولية على "طالبان" استعاد "تحالف الشمال" الافغاني المعارض ولايات قندز وهيرات وباميان لبسط سيطرته على شمال افغانستان وغربها تقريباً. وبدأت قواته بالزحف جنوباً الى قندهار، معقل زعيم الحركة ملا محمد عمر ومقر انطلاقته. وأعلنت قوات التحالف انها تقدمت في اتجاه العاصمة كابول وأنها سيطرت على خنادق "طالبان" وبعض دفاعاتها في محيط المدينة. وأوقفت تقدمها على بعد ستة كيلومترات منها في انتظار اوامر بالتقدم. وشوهدت قوافل لمقاتلي "طالبان" وهي تفرّ الى خارج المدينة تلاحقها المقاتلات الأميركية. وخلت الدوائر الرسمية في كابول من موظفيها، وتقلص بصورة كبيرة عدد حرسها. وقلب تقدم المعارضة الواسع والمفاجئ في سرعته أولويات التحرك الدولي ضد "طالبان" وأسامة بن لادن. فبعدما كانت الدعوات تلح بحصول تقدم ما قبل بداية شهر رمضان الجمعة المقبل، صار الحديث الآن عن ضرورة وقف التقدم ومراجعة المواقف العسكرية المستجدة لحماية انتصار "تحالف الشمال". وبالتالي عدم الوقوع في فخ قد تكون نصبته "طالبان" يهدف الى تشتيت مقاتلي المعارضة وتوزيعها على اكثر من جبهة، مما يسهل ضربها في وقت لاحق عبر عمليات عسكرية خاطفة، لا تحتاج الى تجهيزات أو أعداد كبيرة من الجنود. ويبدو ان "طالبان" بتراجعها السريع عن مواقعها في شمال افغانستان وغربها، عززت مواقعها في الحزام البشتوني الممتد جنوب وجنوب شرقي البلاد وفي المنطقة الحدودية الشمالية الغربية الباكستانية. وأبرز مدن هذا الحزام قندهار معقل الحركة. ولمواجهة تعزيز خطوط "طالبان" ورسم خطوط مواجهة عرقية في افغانستان سارعت واشنطن وباريس ولندن الى اعلان معارضتها تولي التحالف المعارض "دفة الحكم" وحده. وتلاقت الدعوة الغربية مع تحذير باكستاني من سيطرة فصيل بمفرده على كابول رمز "وحدة افغانستان". وتخشى اسلام آباد من احتمال تقسيم افغانستان لما لذلك من انعكاسات سلبية على الاستقرار الباكستاني. وما عزز مخاوف اسلام آباد، بحسب مراقبين سياسيين، غياب جملة "الحفاظ على سيادة ووحدة الأراضي" الأفغانية عن كل تصريحات المسؤولين الغربيين، وذلك خلافاً لما يحصل عادة في موقف مماثل، خصوصاً مع العمليات العسكرية ضد العراق، حيث أصرّت واشنطن وباستمرار على ضرورة الحفاظ على وحدته. وتسعى اسلام آباد الى تعزيز الحضور البشتوني في صفوف المعارضة. وتحدثت صحفها عن مسعى لإيجاد "تحالف جنوب" مماثل ل"تحالف الشمال"، يضم رموزاً بشتونية تلقى قبولاً بين القبائل. ويرى المراقبون ان المحك الحقيقي لمقدرة "تحالف الشمال" هو في المعارك المقبلة، التي لن يكون امام "طالبان" خلالها إلا خياران: إما الصمود أو الانسحاب الى خارج افغانستان حيث لن يجدوا اي ترحيب يذكر.