أول الكلام: لشاعر الصهيل الحزين، السفير/ عبدالعزيز محيي الدين خوجه: - هل أكتفي يا قلب بالأحلام أشربها... فتُفقدني الصوابْ؟! شوقي الى المجهول: أقلقني وصاحبني الصعود الى السحاب وجناحُك المجنون يأخذني ويُغويني... ويغري بالذهاب شِعْري، وخفقُكَ للهوى كتبوا أساطير الأماني، والعتاب!!
بعد أن كتبتُ عن نزوة إغلاق هذا العمود للتحسينات... حادثني صديق من أسرة الكلمة، "يتعاطى" الكتابة مثلي في الصحف اليومية المحلية، وقد لاحظت اختفاء مقاله الدائم، وقرأ هو ما كتبته عن "الإغلاق" الكتابي... وتلاقى صوتانا عبر الهاتف حتى التصادم، وهو يقهقه معجباً بعبارة: "مغلق للتحسينات"، قائلاً لي: كيف كنت حين كتَبْت هذا العمود؟! - أجبته: كنا معاً... فأنت نفّذت الإغلاق، وكأنك استرخيت قليلاً! قال بنبرة مبتسمة، كأنه يسخر... ولم أعرف: هل كانت سخريته مني أو من نفسي، ولكنه أجاب: - لأنني "مكبوس" يا صديقي!! سألته: ماذا تعني بهذه الكلمة/ مكبوس، كأنك طن من الورق المكبوس؟!! - اجابني: لا تستظرف كثيراً، أنا ماني ناقصك... خذني على قد عقلي واسمعني. قلت: سآخذك بالحجم الذي تريد... هات... أفرغ قربتك على رمال صحرائنا. - قال: لقد أرهقنا نحن الكلمات، فالمفروض ان الكلمات: تريحنا ولا ترهقنا... ولكن تأمل وتفحّص ما يُحرق يومياً من ملايين الكلمات فوق الصحف: ألا يخلق فيك الإحباط والعذاب والفجيعة والحزن؟! قلت له: هل تعني انك تعاني من السأم؟! - قال: بل اعاني من الخجل امام القارئ، فنحن لم نعد نعطيه الجديد ولا المفيد، ولكننا كل يوم ندور في حلقة مفرغة وسمجة كثور الساقية!! قلت: صدقت... ولكن الكتابة رسالة، وتجدد، ومتابعة؟! - قال: أحسنت، ومن اجل قيمة واحترام الرسالة، والحرص على التجدُّد والمتابعة... فلا بد للكاتب ان يسترخي بعض الوقت، وينسحب من الضوضاء القاتلة ليتأمل، وليتجدد من داخله... فالزحام فوق صفحات الجرائد اصبح مثل اللَّمة ولا ترى ولا تدري عن الشيء الذي يلتمّ حوله الناس أو الكُتَّاب!
وشردت خواطري، وكأنني أحسست "بالتنميل" في اصابع يدي، وأيضاً بالتنميل في أفكاري!! وجالت خواطري في اشياء كثيرة من ممارساتنا اليومية، ومن تعاملنا وسلوكياتنا، وحتى من أفكارنا... وكان لا بد ان أكتشف احتياج كل هذه الأشياء الكثيرة والهامة الى التحسينات أو إلى إغلاقها لنجددها ونصهرها وننشطها. وهناك البعض من البشر يحتاج الى تحسين افكاره وسلوكياته، وترميمها، وطلائها "بالبوية" حتى لا تسقط في العَيْ أو الفراغ، أو الذهول... فهي تحتاج الى دفعات جديدة من التعلم، ومن المشاعر المتجددة والنقية التي تميز الإنسان عن الحيوان!