استعدت شوارع مدينة دبي لاستقبال معرض "جيتكس دبي 2001" الذي يقدّم لها سنوياً آخر مستجدات المعلوماتية عالمياً، ويضعها على نغم ايقاع تطورها عربياً ومحلياً. وكان بوسع من غادر دبي عند اختتام معرض جيتكس، الذي استمر من 14 الى 18 تشرين الأول اكتوبر الجاري، ان يرى لافتات باللون الأزرق مثبتة الى أعمدة الكهرباء تحمل شعار "ستارز"، وهي قمة للقاء العلوم والتكنولوجيا والفنون رافقت اعمال المعرض. وتحمل اللافتات صور الرئيس الأميركي السابق بيل كلينتون ونائبه آل غور والزعيم الافريقي نيلسون مانديلا وغيرهم ممن كان مقرراً استضافتهم في قمة "ستارز". وحال الجو السياسي الملبد الذي رافق اول حروب القرن الحادي والعشرين، دون حضور كلينتون ومانديلا وآل غور، لذا بدا حضور نيل بوش، شقيق الرئيس الأميركي الحالي، دالاً الى دعم ذي بعد دولي لأعمال المعرض. وبدا المعرض كأنه تخطى حاجزاً نفسياً بمجرد افتتاحه، والحال ان شكوكاً راودت البعض عن قدرة دولة الإمارات على إتمام هذه الخطوة، في ما هي على مقربة من الأحداث الجسام التي تدور و قائعها في المحيط القريب. وحضرت شركات المعلوماتية الأميركية كافة، مثل "مايكروسوفت" و"أنتل" و"كومباك" و"اتش بي" و"أوراكل" وغيرها، اضافة الى كوكبة من شركات الكومبيوتر والاتصالات في العالم مثل "ايسر" و"لوجيكا" و"سيمينز" و"سيمبول" وسواها. والحال، ان الشكوك لم تنبع من السياسة وحدها، فالاقتصاد الجديد يعاني ازمة طاحنة منذ ما يزيد على السنة. فعلى مدار السنة ونصف السنة الماضية، لم تكف صحافة الغرب عن الحديث عن "انفجار فقاعة اقتصاد الإنترنت" وتهاوي شركات دوت.كوم التي بات بريق سطوعها خلف التاريخ. وفي تلك الفترة، واصلت سوق "نازداك" التي تهيمن عليها اسهم شركات التقنية العالية، هبوطها، حتى قبل ضربة الإرهاب في 11 ايلول سبتمبر الماضي. وفي تلك الفترة عينها هبط حجم "نازداك" من ما يقارب ستة آلاف نقطة الى هامش يتراوح بين ألف وخمسمئة وألف وسبعمئة نقطة! هل نجا "جيتكس - 2001" من كل هذا الصخب؟ لا يبدو الجواب سهلاً، مع اني اميل الى التفاؤل. لكن غمامة عبرت في خاطري اثناء جلسة حوار مسائية وتداعت الى ذهني، وسط النقاش عن ضرورة تغيير عقلية التعامل في السوق، صور تناقلتها الروايات، ثم الأفلام، عن كيفية زحف حرب الدول الى حياة الناس اليومية في الحرب العالمية الأولى. وتكررت هذه الغمّة مراراً في القاعة التي خصصها "مركز دبي التجاري العالمي" للصحافة العربية والدولية، كلما هُجر حديث التكنولوجيا الى نقاش السياسة والحرب. من أدرانا اننا نجونا؟ فقط لنأمل ذلك. الحوسبة المتنقلة ماذا في جديد تكنولوجيا الكومبيوتر؟ لا يتمالك زائر "جيتكس" عن تكرار هذا السؤال، وعلى رغم الضجيج ولافتات النيون ومنصات العرض، تحس انه مشهد سبق ورأيته. ويمكن المجازفة بالقول إن ابرز مستجدات هذه السنة هي ثلاث: أ - الحوسبة المتنقلة Mobile Computing. ب - اللسان العربي في المواقع والبوابات والأدوات والنظم وما إليها. ج - بروز مشكلة المضمون Content، في عمل المعلوماتية العربية، خصوصاً على صعيد الإعلام الرقمي. والحال ان كلاً من هذه المحاور يستحق مقالاً خاصاً ومطولاً. وتمثّل الحوسبة المتنقلة مفهوماً تكنولوجياً وتطورياً يقول إن الوقت حان لكي تذهب الأجهزة الى الناس بدل ان يأتي الجمهور الى الكمبيوتر القابع في مكانه الثابت. واستعمال لفظة "اجهزة" هنا هو على سبيل الكناية، فما بات يتنقل مع الناس هو المعلوماتية نفسها. ولأن الهواتف النقالة هي أدوات بارزة في ايدي الجمهور المتحرك لذا مالت اجهزة الكومبيوتر الى الاندماج معها. وهكذا، فإن مفهوم المساعد الرقمي الشخصي أو PDA، يتمثل راهناً في اندماج الخلوي مع كومبيوتر اليد، وكلاهما من الأدوات المحمولة. وفي هذا المسار مشت "مايكروسوفت" و"كومباك" و"ايسر" و"سيمنز" وغيرها. وباتت المعلوماتية فائقة الاهتمام باللسان العربي، وهذا طبيعي مع ميلها الى التوطن في التربة التي تتحرك عليها. عرّبت "مايكروسوفت" بوابتها المعروفة باسم "ام اس ان"، وعلى نحوها فعلت "ام ان بي سي"، وفي خط مشابه جاءت "أرابيا. كوم" من هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" والأمثلة تكاد لا تحصر. الوجه الآخر من العملة نفسها هو ميل الشركات العربية الى تولي اعمال تقنية ظلّت حكراً على الشركات الكبرى لوقت طويل. وأما مشكلة المضمون، فتلك قصة طويلة ومتشعبة، ويشكل وصول المعلوماتية العربية إليها جزءاً من "الهبوط" الى وقائع الحياة اليومية. ومن الصعب تماماً عرض هذا الموضوع في هذه العجالة وأبرز ما أنجزه "جيتكس" هو الاتفاق على إقامة معرضين مماثلين في المملكة العربية السعودية والهند. ففي مؤتمر صحافي ضم كلاً من خالد القاري وألبرت عون، من مؤسسة الرياض للمعارض. وحيد عطالله وابراهيم الهاشمي "مركز دبي التجاري العالمي"، اعلن عن الاتفاق على إقامة "جيتكس السعودية" الأول في الفترة بين 21 الى 25 نيسان ابريل المقبل. وأبرم "مركز دبي التجاري العالمي" اتفاقاً مع حكومة ولاية اندرا براديش عن اقامة "جيتكس حيدر آباد" للمرة الأولى خلال العام المقبل.