يملك الفنان أحمد راتب قدرات فنية متميزة إلا أنه لم يقدمها دفعة واحدة في عمله، لذلك لم يقفز مباشرة الى قمة النجومية التي لامسها اخيراً في الكثير من الاعمال التلفزيونية، وبخاصة عندما فاجأ جمهوره بشخصية محمد القصبجي التي قدمها في مسلسل "أم كلثوم". وتابع طريقه ليتألق مرة جديدة في شخصية هاشم المصري في مسلسل "خيال الظل". وفضيلة الصبر التي يملكها أحمد راتب جعلته يعمل في صمت مؤدياً الأدوار السهلة الممتعة المعبرة عن شخصيات تصنع حب الجماهير. لينطلق وبصبر دؤوب نحو النجومية بنجاح عبر أدوار متنوعة. راتب تحدث الى "الحياة" عن مسيرته الفنية وطموحاته: البعض يرى أنك تستحق أن تكون نجماً وتقوم بأدوار البطولة المطلقة؟ - مفهوم النجومية مختلف تماماً عندنا، فالجميع ينظرون الى النجومية على أنها مرتبطة بالمكسب والخسارة التي تخضع لمنطق الشباك، وهذه مسألة مقلقة جداً لأنها تحاصر الفنان داخل أدوار معينة وتجعل ابداعاته مقيدة بها. يعني لو قدمت فيلماً كوميدياً وحقق ايرادات عالية اصبحت محصوراً في نطاق الادوار الكوميدية فقط. وأنا رفضت هذه القيود، فمن حقي أن امثل دور البطل ولكن من الممكن أن يعجبني مشهد في فيلم أشعر انني سأصل به الى قلب الناس سريعاً. ولو تقيدت بنجومية الشباك، لا استطيع ان اختار وأنوّع في أدواري. ثم ان نجومية الشباك تجعل الفنان في حال قلق دائمة تجاه الايرادات والارقام. ويكفي أن أوظف هذا القلق لمصلحة الشخصية التي اقدمها. أما اذا كنت تقصد البطولة المطلقة فأنا لا اعترف بهذه الكلمة وأبلغ دليل على ذلك اننا جميعاً في مسلسل "أم كلثوم" كنا نجوماً، صابرين وكمال ابو رية واحمد راتب وحسن حسني والجميع. وكذلك في مسلسل "خيال الظل": الفيشاوي وماجد المصري وتيسير فهمي وحتى الوجوه الجديدة. وكلمة الفتى الأول والبطل الاول "موضة قديمة" ظهرت في فترة انهيار السينما وظهور أفلام المقاولات، اما الان فنحن نعيش عصر الدراما التلفزيونية ولا يمكن مشاهد ان يقبل فكرة ان يكون الفتى الأول بطلاً وحيداً طوال 15 ساعة، لذلك فإن الدراما التلفزيونية تقدم البطولات الجماعية لا بطولات للنجم المطلق، فأنا وغيري نجوم في أدوارنا حتى لو كانت مساحتها صغيرة. المسألة الآن اصبحت مسألة فن وتمثيل ودور مهم، واعتقد أن نجوميتي تكمن في الأدوار الصعبة. قائمة أعمالك التلفزيونية طويلة ومتنوعة بين الكوميديا والتراجيديا فأي منها أقرب الى قلبك؟ - انا ممثل أولاً وأخيراً، أقدم الكوميديا والتراجيديا، لكن الكوميديا خصوصاً هي الاقرب الى قلبي لذلك لا أحب أن أراها رخيصة، وأنا أرفض أي عمل كوميدي رخيص لأنني فنان ممثل ولست مهرجاً، لذلك أميل أكثر الى اختيار الاعمال التي تحمل كوميديا ساخرة ذات رؤية وهدف، ولذلك تأتي كل أعمالي في هذا الاطار لا تلمس فيها الكوميديا بقدر ما تعيش معي المعنى المحيط بمساحة الدور الذي قمت باختياره. أحدثك هنا عن شخصية هاشم المصري في مسلسل "خيال الظل" وهي شخصية ثرية ذات ابعاد انسانية مملوءة بالتناقضات. انه رجل ساخر، عقلاني، محب، عاشق، قوي، صاحب مبادىء. قدمت شخصية هاشم المصري طبيعية ومن دون مبالغة في التمثيل، لذلك نجحت في إطار عمل درامي متكامل ذي موضوع يحمل رؤية وهدفاً. وفي الدرجة نفسها كانت شخصيتي في مسلسل "ذون النون المصري" ومسلسلات "أوراق مصرية" و"بوابة الحلواني" و"رأفت الهجان" و"طاير في العنق" و"الاقدار" و"سامحوني مكنش قصدي" والسيرة الهلالية" و"الجانب الآخر من نصف الليل" و"غابت الشمس ولم يظهر القمر" و"طيور الحب" و"اثنين على الهواء" و"المال والبنون". مفردات عادل سينما عادل إمام ماذا اضافت لك، الجماهيرية أم المال؟ - الجماهيرية والتنوع والخبرة. قدمت مع عادل إمام سلسلة من الافلام، لم تحو نمطاً واحداً من الشخصيات لذلك استفدت من التنوع. وأعتقد أن عادل أمام فنان حقيقي وموهوب يعيش حالة من الابداع الفني مع كل شخصية يؤديها فتخرج بشكل مختلف عن أي شخصية أداها من قبل. لذلك كان حجم افادتي من هذه الرحلة الفنية كبيراً جداً مع عادل إمام لأنه يحمل مفردات تميزه عن غيره، فحتى صداقته لزملائه فيها الحميمية والاصالة والقيم النبيلة. أي الافلام التي قدمتها مع عادل إمام اضاف إليك جديداً؟ - هناك مجموعة متميزة منها "المنسي" و"الارهابي" و"الارهاب والكباب" و"حتى لا يطير الدخان" و"طيور الظلام" و"واحدة بواحدة" و"خللي بالك من جيرانك" و"جزيرة الشيطان" وعدد كبير من الافلام. وعلى فكرة ليس طمعاً بالمال او الشهرة كانت سلسلة أفلامي مع عادل إمام. ولكن اختياري لأداء أدوار الطبقة المتوسطة معه كان بوعي مني ومن عادل إمام ومجموعة المخرجين الذين عملنا معهم، وكما يقولون لقد تقاربت كيمياء الحب والتفاهم والتناغم بيني وبين هذا الفنان الكبير. فالمشاهد يشعر بالألفة عندما يراني أخاه أو ابن عمه. وهذا يعمق من احساسي بالشخصية لأنني مؤمن بأن الطبقة المتوسطة هي الطبقة التي تحمي المجتمع، وهي التي تخرج منها العلماء والفنانون والعظماء والمشاهير، وانا بالفعل أميل الى تجسيد شخصيات هذه الطبقة. أين أحمد راتب من السينما الآن؟ - وأين هي السينما حتى أكون أنا فيها؟ لا يوجد عندنا سينما الآن، لقد توقف رصيدي عند 25 فيلماً على رغم عشقي للسينما. والموجود حالياً ليس سينما وانما تجارب واجتهادات شخصية او نظريات لإضحاك الناس ولا مكان لي فيها، وعندما تعود السينما الى عصرها كصناعة وفن وابداع سيكون لي بالتأكيد مكان فيها. والتاريخ علمنا أن هناك تجارب "فرقعت" ولكن بعد فترة اختفت تماماً. وفي المقابل هناك تجارب استمرت. ولكن لا يمكننا القول إن الأفلام الكوميدية تعتبر ظاهرة واداءها موجة، فمن الجائز جداً ايضاً ان يقوم أبطال هذه الافلام بتأسيس مدرسة كوميدية جديدة ولكن انا ضد أن تصبح هذه الافلام صيحة سينمائية بلا مبرر، يلهث وراءها الكل ويتحول كل انتاجنا السينمائي الى الكوميديا "بتاعة اليومين دول" يؤدي في النهاية الى عزوف الجمهور مرة أخرى عن الذهاب الى السينما بعد ان عاد اليها منذ سنوات. ماذا عن تجربة ابنتك لبنى المسرحية والفنية عموماً؟ - لبنى درست التمثيل ،ولم تتقدم لأنها هاوية او لمجرد أن والدها فنان، أنا استجبت لرغبتها وشغفها في التمثيل. وشجعتها فدخلت التجربة ونجحت في الاختبار المسرحي، وبالقطع لا بد من ان أكون معها اشجعها واشد من ازرها. فالطريق امامها ما زال طويلاً، والتوجيه مطلوب في كل تجربة فنية تشارك فيها لبنى. ما هي نصيحتك الدائمة لها؟ - احذرها دائماً من التعجل في أي شيء، لأن الجيل الجديد مستعجل دائماً. فعندما يقدم أحدهم دوراً لاضحاك الناس في مسرحية او فيلم يفكر بسرعة ان يقوم ببطولة مسرحية او أن يمثل فيلماً بمفرده. دائماً أقول لابنتي ان الفنان يصقل موهبته بمهارات تفيده في مشواره الفني، وهي لبنى تعرف أن والدها من جيل جاهز دائماً. أنا عمري ما تصورت أني سأقدم شخصية محمد القصبجي في مسلسل "أم كلثوم" ولكن لاني هاوي موسيقى شعرت بمدى الصدق وأنا أقدم الشخصية.