تترقب أوساط لبنانية رسمية التطورات في شأن المفاوضات الفلسطينية الاسرائيلية التي يقودها الرئيس الاميركي بيل كلينتون، وسط معطيات تبلغت بها، "تسمح برفع حظوظ التوصل الى اتفاق بين الجانبين خلال الأسبوعين المقبلين، على المسار الفلسطيني". وقالت هذه الأوساط ل"الحياة" ان "الزيارة الاخيرة للرئيس الفلسطيني ياسر عرفات لواشنطن واللقاءات التي عقدها مع الرئيس كلينتون قطعت شوطاً في التفاهم على عدد من المواضيع التي كانت موضوع خلاف بين الفلسطينيين والاسرائيليين، سواء في ما يتعلق بمساحة الانسحاب الاسرائيلي من الضفة الغربية، او بحجم ازالة المستوطنات الاسرائيلية فيها، او بالسيادة الفلسطينية على القدسالشرقية والسيادة على الحرم القدسي الشريف ورقعة هذه السيادة، وان الموضوع الذي ما زال يحتاج الى مخارج او صياغة جديدة هو المتعلق بعودة اللاجئين الفلسطينيين، لأنه الأكثر صعوبة وتعقيداً...". وذكرت معطيات هذه الأوساط اللبنانية الرسمية ان دولاً عربية، خصوصاً مصر، تواكب ما تم التوصل اليه من تقدم في اللقاءات التي يعقدها كلينتون، خصوصاً انه تناول الكثير من التفاصيل التي كانت مصدر خلاف وتساؤلات من الجانب الفلسطيني في ملاحظاته على ورقة اقتراحات الرئيس الاميركي الأسبوع الماضي. وقالت الأوساط نفسها ان اعلان وزير الخارجية الاسرائيلي شلومو بن عامي ان الفلسطينيين سيحصلون على عاصمة في القدسالشرقية، في حال توقيع اتفاق، تطور مهم وتنازل من الجانب الاسرائيلي يجب عدم الاستهانة به. واعتبرت ان هذا الامر لم يكن ليتم لولا حصول تقدم ضمني بين الجانبين، اذ ليس منطقياً اعلان قبول قادة "حزب العمل" وفريق رئيس الحكومة ايهود باراك تنازلاً كهذا، قبيل الانتخابات لاختيار رئيس حكومة جديد في اسرائيل في 6 شباط فبراير المقبل، لأنه سيزيد في التأثير السلبي في شعبية باراك، لو لم يكن الموقف المتقدم هذا مقدمة لاعلان اتفاق بين الجانبين، ينهي حال التوتر والمواجهات ويكون بالتالي اساساً لتحسين اوضاع باراك الانتخابية. وأضافت الأوساط اللبنانية الرسمية: "ان معطيات تجمعت لدى بعض المسؤولين تشير الى ان السيادة والسلطة على الأماكن المقدسة في القدس وجدت حلاً لها يقضي بالسيادة الفلسطينية عليها عبر الأوقاف الفلسطينية، باستثناء جزء من حائط المبكى البراق يقل طوله بكثير عما كانت تطالب به اسرائيل، فضلاً عن أن اسرائيل ستفكك معظم المستوطنات في الضفة الغربية باستثناء بعضها، الكثيفة السكان على الحدود بين الدولتين. ثم ان الانسحاب الاسرائيلي سيشمل السواد الأعظم من أراضي الضفة مع تحديد مسبق لحدودها استناداً الى خرائط واضحة، خلافاً للغموض الذي اكتنف هذه القضية في اقتراحات كلينتون...". ولم تستبعد هذه المصادر ان يكون الحل غامضاً، بل ناقصاً، في ما يتعلق بعودة اللاجئين بحيث تترك معالجتها الى مراحل لاحقة، استناداً الى المبادئ التي يتم التداول فيها الآن. وهو امر أثار حفيظة الجانب اللبناني الذي وجد مخاطر من تكريس امر واقع يقود الى التوطين الفلسطيني في لبنان، سعى الاميركيون والفلسطينيون والاسرائيليون الى تلافيه باعطاء الأولوية لعودة لاجئي لبنان. وتفيد قراءة هذه الأوساط لاحتمالات التوصل الى اتفاق قبل خروج كلينتون من البيت الأبيض في 20 كانون الثاني يناير الجاري، ان حافز الأخير هو القيام بانجاز تاريخي، كما هو معروف، وان الادارة الاميركية الجديدة برئاسة جورج بوش تتمنى الا تنغمس في ازمة الشرق الأوسط وبالتالي ان يوفر عليها كلينتون هذا الموضوع الصعب. وتضيف قراءة هذه الأوساط: "اما باراك، فان توصله الى اتفاق، قد يرفع حظوظه في مواجهة منافسه على رئاسة الحكومة في شباط المقبل، الى حد المناصفة، بينما البقاء من دون اتفاق سيبقي ارييل شارون متفوقاً عليه في كل الأحوال...". وتابعت: "قد يلجأ باراك الى تنازلات ما، يخاطب بها الجمهور الاسرائيلي، على انه رجل التشدد مع الفلسطينيين ورجل السلام أيضاً، وان منافسه هو رجل التشدد والحرب فقط... لأن التوصل الى اتفاق قبيل الانتخابات سيوقف الانتفاضة ويشعِر الناخبين بالأمن الذي يعدهم به شارون عبر المزيد من القوة...". وتعتبر الأوساط نفسها، وهي تتكتم على المعطيات التي تؤدي الى هذه القراءة، ان سيناريو الاتفاق قد يشمل انسحاباً اسرائيلياً من جانب واحد في بعض مناطق الضفة قبل اعلان الاتفاق بحيث تخف المواجهات مع الانتفاضة الفلسطينية الى أدنى حد. وتشير الى ان الاتفاق اذا حصل لن يكون اعلان مبادئ أو اتفاق مبادئ، بل سيكون نهائياً.