افتتح في "متحف الفن التاريخي" في العاصمة النمسوية قبل مدة معرض لفنون ايران تحت عنوان "سبعة آلاف عام عمر الفنون الفارسية"، يضم 180 قطعة اثرية جاءت من المتحف الوطني في طهران ومن متحف رضا عباسي في العاصمة الايرانية. ومعظم هذه القطع يُعرض للمرة الاولى خارج ايران. المعروضات تمثّل حقباً مختلفة من تاريخ البلاد، بعضها من مرحلة ما قبل التاريخ واخرى تعود الى ما قبل الفتح الاسلامي، وبعضها من العصر الاسلامي الاول. اختيرت للمعرض اعمال متنوعة من الخزف والمعادن والزجاج، منها مصحف شريف بالخط الكوفي من العصر الاسلامي الاول مكتوب على الرق. ونظراً الى سعة البلاد وتعدد الاقوام واختلاف الطرز الفنية، فقد اختيرت المعروضات بعناية لتمثل المناطق المختلفة والمقاطعات التي تتكون منها الجمهورية الإسلامية الايرانية، وفي الوقت نفسه المراحل الزمنية التي شهدت تطورها. هناك قطع ذهبية في غاية الاتقان من كردستان ايران واخرى من منطقة عربستان خوزستان. كما قسمت المعروضات حسب الفترات الزمنية التي تمثلها، فمنها عشر قطع من فترة ما قبل التاريخ تعتبر وثائق حية على مقدرة الانسان آنذاك على الابداع الفني في صنع الاشكال والرسم عليها بخليط من الالوان. ومن نماذج تلك الفترة تمثال صغير من الفخار يمثل امرأة مع طفلها يقدر علماء الاثار عمره بسبعة آلاف عام. ومن ضمن المعروضات قلادة من القرن الخامس قبل الميلاد لا زالت في رونقها وجزء من تمثال للملك شابور الثاني احد اشهر الملوك الساسانيين من القرن الرابع بعد الميلاد، وست قطع من مرحلة ما قبل الفتح الاسلامي والباقي من الفترة الإسلامية ولغاية الفترة السلجوقية في ايران. ومن معروضات العصر الاسلامي ماعونان: الاول من الفضة بقطر 5،22 سنتم، من القرن الثامن الميلادي / الثاني للهجرة، يتضمن رسوماً لمجموعة من المطربين وزعت على اربعة اماكن موضوعها نساء يرقصن تحت شجرة الكرمة، وفي الاسفل صورة لديك بري. والثاني خزفي من الفترة بين القرنين العاشر والحادي عشر الميلادي الرابع/ والخامس الهجري رسم عليه طير بألوان وردية على خلفية باللون الابيض. وتعتبر الفترة الساسانية مرحلة انبعاث للفنون الفارسية في مجالات العمارة وفنون البناء والفنون التشكيلية المختلفة التي وصلت إلى درجة الابداع الفني خصوصاً في اعمال المعادن صحون وكؤوس وقوارير التي زوقت في تنسيق رائع يدل على حس فني نادر وعلى فهم واسع للشكل والتعامل معه في اضافة اعمال فنية ذات ابعاد ثلاثية. ومن اجمل معروضات تلك المرحلة القطع الذهبية والفضية من العصر الاخميدي 558 - 330 ق.م التي جمعت من قصور سوسه وبيرسبوليس. ومنها كأس من الذهب عُثر عليه في احدى المقابر بشمال ايران يشكل اهمية خاصة لدارسي الفنون لكونه مزيناً بمواضيع زخرفية مشغولة بأبعاد ثلاثية. ويوجد بعض القطع من حضارات اخرى استقرت في ايران لها اهمية لا تقل عن تلك التي صنعت في مناطق ايران نفسها لانها تقدم صورة عن تطور الفنون في المناطق التي صنعت فيها. ومن بينها كأس من الفضة في نهايته رؤوس ثلاثة ثيران متداخلة. خضعت الفنون الايرانية، كما كان الحال في دول الشرق الاوسط، لتأثير فنون اخرى، فبعد العصر الاخميني بدأت فترة التأثير الاغريقي بعد احتلال ايران من قبل الاكسندر المقدوني 336 - 323 ق.م ثم الفترة الساسانية 224 - 651 ميلادية. وفي فترتها الاخيرة كانت تحت التأثير العربي بعد الفتح الإسلامي. ومن معروضات تلك الفترة صحون من الفضة مزينة بالعديد من المواضيع. كما يمكن مشاهدة اعمال من الخزف والزجاج من العصر الإسلامي الاول تمثل في احد جوانبها استمرار النمط الساساني في الفنون، ومن جانب آخر المنحى الجديد في الفنون ذات البعد الاسلامي من حيث الشكل والتزويق، كما يظهر ذلك في فانوس زجاجي استخدم في انارة احد مساجد نيسابور. وسيستمر المعرض الحالي حتى 25 آذار مارس المقبل.