نجحت تجربتان علميتان منفصلتان في إبطاء سرعة الضوء الى درجة التوقف التام. ماذا يعني ذلك؟ لنحاول تخيّل غرفة مظلمة، ينطلق الضوء من "مصدر ما" في جدار ولا يصل الى الجدار المقابل، بل يقف في المنتصف كخط أبيض معلق وله نهاية محددة. وفي إمكان محبي عروض "الليزر" تخيل تلك الخطوط وقد حُدد طولها إضافة الى تحديد عرضها. ويذكر هواة السينما سيوف الليزر التي يتمنطقها محاربو "الجيداي" في سلسلة أفلام "حرب النجوم" للمخرج جورج لوكاس. ومن المعروف أن الضوء يسير في سرعة 300 ألف كيلومتر في الثانية، وتخف سرعته لدى مروره في الماء ما يولّد ظاهرة "الانكسار" الضوئي. ويتكوّن الضوء من مزيج موجات وطاقة، ويشبه حبات سُبحة مقدار طاقة كل حبة فوتون واحد، كأن الضوء سبحة مديدة من فوتونات. ولدى عبور الضوء في سائل أو غاز، تتصادم فوتونات الضوء مع ذرات السائل أو الغاز، ما يخفف سرعة الفوتونات... قليلاً، وبمقدار طفيف جداً، وهكذا يتولّد الانكسار الضوئي. واستعملت البروفسورة لين فيستجارد هو التي قادت فريق البحث في جامعة هارفارد، سحابة غاز مثلج، فتباطأ الضوء الى أن توقف تماماً، فكأنه احتبس في غلالة من الغاز الثلج. ثم أطلقت حزمة ضياء ثانية، وحركت حبات الفوتون الحزمة الأولى المحتبسة فانطلقت ثانية! ويعني الأمر ببساطة، القدرة على وقف الضوء وحجزه في حيز محدد، ثم التحكم بإعادة إطلاقه. وقاد البروفسور رونالد والثورث تجربة مشابهة، استعملت فيها تقنيات مغايرة لتجربة هو، وأدت الى النتيجة نفسها. وأحجمت فرق البحث عن كشف تفاصيل التجارب التزاماً بقواعد نشر المقالات العلمية، إذ تعتزم مجلة "العلوم" نشر تلك التفاصيل في عددها المقبل. وتنتظر صناعة الكومبيوتر أبحاث الضوء بصبر نافد. ومع صغر حجم الأجهزة وزيادة قدرتها على تخزين المعلومات، تشتد الحاجة الى أساليب أكثر دقة وصغراً في "ضغط" المعلومات. وقد بلغ الأمر، خلال السنة الفائتة، حدود استخدام الذرات ومدارات الإلكترونات، أي أنها صارت على حافة "كومبيوتر الكوانتوم" Quantum Computer. ويعتبر كوانتوم أصغر كمية ممكنة من الطاقة، ويتألف الضوء الأبسط من سبحة فوتونات، "قوة" كل منها كوانتوم واحد. وإذا كتبت برامج الكومبيوتر على هذا النحو، أي بالفوتون والكوانتوم، تصبح قدرة أجهزة مساوية لحجم راحة اليد أكثر من قدرة سوبر كومبيوتر ضخم من النوع المستعمل الآن .... ويعتبر إبطاء الضوء واختزانه من العقبات البارزة التي تعوق ظهور كومبيوتر الكوانتوم، وتَعِدُ تجربتا هو والثورث بإزالة هذه العقبة. وفي مجال الطاقة، تفتح التجربتان باباً امام تطوير أداء الخلايا الشمسية، وربما أحدثت آثاراً عميقة في العلاقة مع طاقة الشمس.