اتخذت وزارة الخارجية الاميركية اجراءاً صارماً بحق سفير الولايات المححدة لدى اسرائيل مارتن انديك لإساءة تعامله مع وثائق سرية أثناء توليه مناصب عدة حساسة في وزارة الخارجية الاميركية. فقد أعلن الناطق الرسمي باسم وزارة الخارجية ريتشارد بارتشر ان الوزارة علقت الترخيص الأمني لانديك بانتظار نتائج التحقيق بتهم خرق المعايير الأمنية المتبعة في وزارة الخارجية. ويقضي هذا التدبير ايضا بمرافقة انديك لدى دخوله مبنى وزارة الخارجية في واشنطن. واكدت السفارة الاميركية في اسرائيل امس ان انديك لن يعود الى مركزه في تل ابيب قبل انتهاء التحقيق المتصل بخروقات ذات طابع أمني. وقال الناطق باسمها لاري شفارتز: "السفير سيبقى في واشنطن الى حين انتهاء التحقيق الأمني". وأضاف شفارتز ان "وزارة الخارجية وعدت بحل هذه القضية في وقت سريع"، لكنه رفض تحديد طبيعة هذه "الخروقات". وأوضح ان "اتهامات جدية" وجهت الى السفير، لكنه شدد على "عدم وجود أدلة بخصوص الكشف عن معلومات مصنفة سرية". واعرب شفارتز في مقابلة مع اذاعة الجيش الاسرائيلي امس عن أسفه حيال تزامن هذه القضية مع كون المفاوضات بين الفلسطينيين والاسرائيليين تمر في مرحلة حاسمة. وذكرت مصادر الخارجية ان التحقيقات التي تجري حالياً ويقودها مكتب التحقيقات الفيديرالي ومكتب الأمن الديبلوماسي التابع لوزارة الخارجية تركز على اساءة انديك التعامل مع الوثائق السرية والاستهتار بحفظها وذلك منذ ان كان مساعداً لوزير الخارجية لشؤون الشرق الأوسط. وأصدر انديك بياناً عبر محاميه أكد فيه انه لم يعرض أي معلومات سرية للخطر، معرباً عن أسفه لقرار تعليق ترخيصه الأمني الذي أدى الى عدم قدرته على الاستمرار في العمل سفيراً للولايات المتحدة لدى اسرائيل. وجاء في بيان انديك: "لمدة سبع سنوات كنت خلالها فخوراً بخدمة بلدي، نذرت نفسي لخدمة مصالح الولاياتالمتحدة في الشرق الأوسط". وأضاف البيان: "ان تعريض المصالح الأمنية القومية للولايات المتحدة للخطر أمر بغيض لدي بصورة مطلقة، ولا يمكنني أبداً ان أفعل أي شيء يخل بتلك المصالح". وقال: "يؤسفني ان محاولتي اداء واجب على افضل نحو ممكن في ظل احوال صعبة جداً ادى الى تعليق اذوني الامنية موقتاً بينما يجري تقرير ماذا كانت الاجراءات الامنية الصحيحة قد اتبعت". وعاد انديك الى واشنطن تاركاً تصريف أعمال السفارة في تل ابيب لنائبه بول سايمونز. ومن المعروف عن انديك تأييده لاسرائيل وارتباطه بمنظمات موالية لها. ويعتبر انديك أول سفير للولايات المتحدة كان قد خدم في السابق في جهاز استخبارات اجنبي. ذلك انه عمل نائباً لمدير الاستخبارات الاسترالية لشؤون الشرق الأوسط. ولم يحصل انديك على الجنسية الاميركية الا في كانون الثاني يناير 1993 أي قبل اسبوع من تعيين الرئيس بيل كلينتون له في البيت الأبيض مسؤولاً عن ملف الشرق الأوسط في مجلس الأمن القومي. ولد انديك 49 عاماً في لندن ونشأ في استراليا، وهو أول يهودي يعين سفيراً للولايات المتحدة لدى اسرائيل. وكانت خدمته الأولى في منصب سفير في اسرائيل من نيسان ابريل 1995 الى تشرين الأول اكتوبر 1997، وهي فترة كان خلالها قناة اتصال مهمة بين البيت الأبيض ورئيس الوزراء الاسرائيلي في ذلك الحين اسحق رابين. وكان انديك قبل التحاقه بفريق الرئيس كلينتون رئيساً لمعهد واشنطن لدراسات الشرق الأوسط في واشنطن وهو معهد يروج للسياسة الاسرائيلية. ووافقت وزيرة الخارجية مادلين اولبرايت على اقتراح تعليق الأذن الأمني الممنوح لانديك بعد ان طلب مكتب الأمن الديبلوماسي ذلك. وذكرت مصادر الخارجية الاميركية ان مكتب الأمن الديبلوماسي قرر تجميد انديك عن العمل في 12 ايلول سبتمبر الجاري. ولكن العمل بالقرار لم يبدأ الا الخميس الماضي. وكانت وزارة الخارجية الاميركية تعرضت مطلع صيف هذه السنة لسلسلة من الخروقات الأمنية داخل المبنى كان آخرها سرقة جهاز كومبيوتر نقال يحتوى على معلومات فائقة السرية. وأدت هذه الخروقات الى انتقادات شديدة من قبل الكونغرس الاميركي مما دفع وزارة الخارجية الى اتخاذ اجراءات صارمة ومراجعة التدابير الأمنية. وصار انديك ثاني مسؤول اميركي تجمد امتيازاته الأمنية نتيجة سوء تعامله مع الوثائق السرية بعد ان اتخذت وزارة العدل اجراءات مماثلة بحق مدير الاستخبارات المركزية "C.I.A" جون دويتش الذي ما زال يخضع للتحقيقات. ويتمتع انديك بعلاقة طيبة ووثيقة مع رئيس الوزراء الاسرائيلي باراك. وكان انديك قد عاد من مهمته الأولى سفيراً للولايات المتحدة في اسرائيل بعد فوز بنيامين نتانياهو في الانتخابات الاسرائيلية، ولكن كلينتون اعاده الى اسرائيل بعد فوز باراك في الانتخابات، وبناء على طلب باراك. وبتجميد انديك عن العمل يستفرد دنيس روس بملف عملية السلام الذي كان انديك من اللاعبين الأساسيين فيها. وذكرت صحيفة "واشنطن بوست" امس ان لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الاميركي تحرت عن موضوع انديك الثلثاء الماضي بعد ان تلقت اتصالاً من مجهول حذر من ان وزارة الخارجية قد تتجاهل توصية مكتب الأمن الديبلوماسي. وحتى الآن لم يتحدث اي تقرير عن اتهامات لانديك بالتجسس. وذكرت "واشنطن بوست" ان التحقيق الجاري الآن يتعلق جزئياً باستخدام انديك اجهزة كومبيوتر نقالة غير محمية امنياً في اعداد مذكرات عن لقاءاته مع زعماء أجانب. وينظر المسؤولون ايضاً في ما اذا كان انديك أخذ معه الى بيته، خلافاً للقواعد الأمنية، مواد مصنفة على أنها سرية، للاعداد لاجتماعات.