عندما قررت ادارة نادي تشلسي الإنكليزي التخلي عن المدرب الإيطالي جانلوكا فيالي ارتفعت جفون أنصار الفريق وهبطت أحناك المتابعين باستغراب. وازدادت حيرة الصحافة المحلية عن أسباب الاقالة المفاجئة بقدر جهلها هوية الخليفة المتوقع، وعبّر بعض الجماهير عن غضبه بمقاطعة لقاء الفريق ضد سانت غالن السويسري 1-صفر ضمن كأس الاتحاد الأوروبي الخميس الماضي، فيما استغل البعض الآخر الذي حضر المباراة، الفرصة للتعبير عن غضبه الذي انصب بشكل لافت على عاتق المدافع الفرنسي فرانك لوبوف الذي كان على خلاف مع مدربه المعزول، كما لاقت الإدارة نصيبها من الاتهامات. وسرعان ما اتضحت الصورة عندما عُيّن الإيطالي كلاوديو رانييري 49 عاماً مدرباً جديداً للفريق خلفاً لمواطنه فيالي ليصبح المدرب التاسع تحت رئاسة كين بايتس، الذي كشف عن طموح ناديه ورغبته الشخصية بأن يمحي فكرة ان تشلسي "نادٍ صغير في ثوب كبير"، وقال "رانييري سيأخذنا الى مرحلة جديدة... مرحلة أفضل نحقق فيها طموحنا وآمالنا". ولم ينسَ بايست شكر فيالي على ما حققه لتشلسي ووصفه ب"أنجح مدرب في تاريخ النادي"، علماً أنه أحرز ألقاب في عامين ونصف وهي كأس أبطال الكؤوس الأوروبية وكأس المحترفين 1998 وكأس الاتحاد الانكليزي 2000 والكأس السوبر الأوروبية 1998 والدرع الخيرية 2000، إلا أنه فشل في تحقيق أهم لقبين في نظر بايتس وهما بطولة الدوري وكأس أبطال أوروبا، وربما الأخيرة كانت مجرد عدم التأهل الى منافساتها سبب كافٍ للإقالة. هذا هو المستوى الذي وصل اليه تشلسي وهذه هي الإنجازات التي أصبحت ادارة النادي تتوقع تحقيقها وان كان همّ بايتس الأول تحقيق الأرباح المادية من عالم كرة القدم الخيالي وهو الذي دفع جنيهاً استرلينياً واحداً في منتصف الثمانينات لشراء النادي الذي مزقته الديون. علماً ان انجازات تشلسي قبل حقبة التسعينات كانت متواضعة بإحرازه بطولة الدوري مرة واحدة 1955 وكأس الاتحاد 1970 وكأس أبطال الكؤوس الأوروبية 1971، وكان يعد من مصاف فرق الوسط وصاحب الشعبية الثالثة أو الرابعة في لندن بعد ارسنال وتوتنهام ووست هام، ولم يكن قديماً عندما لعب في الدرجة الثانية 1989. وتميزت جماهيره عن غيرها كونها من الطبقة الأرستقراطية لأن غالبيتها من مشاهير السياسيين ونجوم التمثيل والغناء. نقطة التحول عندما اشترت شركة "سكاي" التلفزيونية حقوق النقل المباشر لمباريات الدرجة الأولى أو ما أصبحت تعرف بالدرجة الممتازة في عام 1993 وأتخمت جيوب الأندية بالملايين من الجنيهات، جاءت نقطة التحول والقفزة الواسعة لتشلسي عندما عيّن نجم انكلترا وتوتنهام السابق غلين هودل مدرباً للفريق، معتمداً على سمعته لاعباً ذي شعبية عالمية، وهودل بدوره نجح في جذب نجوم العالم أبرزهم الهولندي رود خوليت، وقاد الفريق الى نهائي كأس انكلترا 1994، والى المشاركة في المسابقات الأوروبية، ما أعطى النادي نوعاً من الشهرة العالمية وأكسب هودل أيضاً شهرة محلية استغلها الاتحاد الإنكليزي وعينه مدرباً لمنتخب انكلترا خلفاً لتيري فينابلز العام 1996 لتنتهي المرحلة الأولى من مسلسل صعود النادي اللندني. وأيقن تشلسي أهمية أن يكون "نجماً كبيراً" على رأس الفريق، فكلّف خوليت خلافة هودل، وهو بدوره جذب "أصدقاءه" من ايطاليا أمثال فيالي وجانفر انكو زولا وروبرتو دي ماتيو وغيرهم، وواصل تشلسي تألقه وأحرز كأس الاتحاد عام 1997، وانتهت المرحلة الثانية بمفاجأة مشابهة لإقالة فيالي عندما أعلن بايتس استغنائه عن خدمات خوليت في الشهرين الأولين من عام 1998، واستلم فيالي مهام المرحلة الثالثة بنجاح كبير محرزاً خمسة ألقاب في عامين ونصف ومستقدماً كمّاً هائلاً من النجوم العالميين لم يحلم أنصار الفريق في رؤيتهم بقمصان النادي. وهذا لم يكن كافياً لبايتس وادارة تشلسي التي رأت ان الفوز ببطولة الدوري وضمان التأهل الى دوري أبطال أوروبا يتطلب ثعلباً خبيراً سبق له أن صال وجال وجرّب خفايا المستديرة الصغيرة، ولم يجد تشلسي أنسب من ابن روما رانييري الذي سبق له تدريب كالياري 1998 - 1991 ونابولي 1991 - 1993 وفيورنتينا 1993 - 1997 وقاده الى لقب بطل الدرجة الثانية 1994 وكأس الاتحاد الإيطالي والكأس السوبر المحلية 1996، وانتقل الى اسبانيا وتحديداً الى فالنسيا وقاده الى كأس الاتحاد 1999 وكوّن فريقاً قوياً سمح لخليفته هيكتور كوبر بقيادته الى نهائي دوري أبطال أوروبا العام الماضي. في حين كان رانييري يصارع في مؤخرة الدوري مع اتلتيكو مدريد الذي هبط الى الدرجة الثانية في نهاية الموسم، ولكن بعد أن رحل رانييري بثلاثة أشهر. ويراهن تشلسي على رانييري أن يأخذه الى مصاف الأندية الكبيرة ومقارعة مانشستر يونايتد وارسنال على الدوري المحلي، وريال مدريد وميلان على الدوري الأوروبي، فيما يرى المتابعون ان اقالة فيالي قد تنعكس سلباً، وان النادي عند مفترق طرق، تقود احداها الى القمة وأخرى الى الهاوية.