حضت منظمة الصحة العالمية والبنك الدولي على فرض ضرائب جديدة على مبيعات السجائر كإجراء اساسي للحد من ظاهرة التدخين في الدول النامية. وذكرت المنظمتان الدوليتان في تقرير مشترك أصدرتاه امس الثلثاء أن زيادة الضرائب أثبتت فاعلية كبيرة في الحد من التدخين، لا سيما في أوساط الفقراء واليافعين وشبه الأميين في الدول النامية. ودحضت المنظمتان تصورات عدة منها أن الفوائد المالية المرجوة من زيادة الضرائب تنتفي بعمليات تهريب منتجات التبغ التي عُزيت إلى الفساد. ويعتقد الباحثون أن زيادة الضرائب على مبيعات السجائر بنسبة 10 في المئة من شأنها أن تشكل دافعاً لنحو 42 مليون مدخن للاقلاع عن التدخين كما يمكن لها أن تمنع حدوث عشرة ملايين وفاة بسبب التدخين منها تسعة ملايين في البلدان ذات الدخل المتوسط والمنخفض علاوة على زيادة دخل الحكومات بنسبة سبعة في المئة. وحذر التقرير، الذي يقع في 512 صفحة وشارك في إعداده 40 باحثاً ومتخصصاً في علوم الاقتصاد والأوبئة والاجتماع والسياسة العامة والقانون من 13 بلداً، من أن بقاء ظاهرة التدخين على وضعها الحالي من دون تغيير ربما يؤدي إلى وفاة بليون شخص في القرن الجاري، أي ما يعادل عشرة أضعاف الوفيات التي نجمت عن التدخين في القرن الماضي. وذكر معدو التقرير أن 30 في المئة من صادرات شركات التبغ، التي تقدر بنحو 1.2 تريليون سيجارة سنوياً، تصل إلى المدخنين عن طريق التهريب، واعترفوا بأن زيادة الضرائب تؤدي إلى زيادة مبيعات السجائر المهربة. لكنهم أعربوا عن اعتقادهم أن "مستويات الفساد المحلي تعتبر مؤشراً أفضل لظاهرة التهريب من زيادة الأسعار". ولاحظ فرانك شالوكا جامعة الينوي الأميركية، الذي شارك في صياغة التقرير، أن الدول التي حاولت الحد من عمليات التهريب بواسطة خفض الضرائب عانت من انخفاض مداخيلها وشهدت أسواقها زيادة في استهلاك التبغ، وقال: "إن الحل الأكثر فاعلية لمشكلة التهريب لا يكمن في خفض الضرائب بل في إبقائها عند مستويات مرتفعة والعمل في الوقت نفسه على مكافحة التهريب". وقلل التقرير من خطورة الآثار المحتملة لانخفاض استهلاك السجائر على فرص العمل، وقال برابات جا كبير العلماء لدى منظمة الصحة: "في حال حدث انخفاض في استهلاك التبغ فإن غالبية الدول لن تعاني من أي خسارة صافية في الوظائف بينما سيُحقق بعض البلدان مكاسب صافية، إذ أن انفاق المدخنين سيتحول إلى سلع وخدمات بديلة، ما سيؤدي إلى خلق فرص جديدة للعمل". لكن جا، الذي شارك في صياغة التقرير، اعترف أن انخفاض الطلب العالمي على السجائر في المدى البعيد سيُعرض عدداً قليلاً من الدول المصدرة، لا سيما الفقيرة في وسط أفريقيا وجنوبها، لخسائر في فرص العمل وستحتاج إلى المساعدة للتغلب على هذه المشاكل المحتملة. وعلاوة على زيادة الضرائب اقترح التقرير تطبيق سلسلة من الاجراءات المساعدة لخفض الطلب على منتجات التبغ أهمها ضرورة أن يكون الحظر على حملات الاعلان والترويج شاملاً، إذ أن الحظر الجزئي قليل الفاعلية إن لم يكن عديمها، كذلك تكثيف حملات التوعية وفرض قيود على التدخين في الأماكن العامة. وأعرب معدو التقرير عن اعتقادهم بأن الاجراءات المقترحة بنوعيها المالي وغير المالي ستُتيح لحوالى 23 مليون من المدخنين الذين كانوا على قيد الحياة عام 1995 الاقلاع عن التدخين، وستمنع التبغ من إحداث خمسة ملايين حالة وفاة جديدة غالبيتها العظمى في الدول ذات الدخل المتوسط والمنخفض. ولفت التقرير إلى أن معالجة الأمراض الناتجة عن التدخين تكلف البلدان الغنية ما يراوح بين 6 و15 في المئة من إجمالي الانفاق على الصحة، وأكد في المقابل إمكانية الحد من التدخين بكلفة زهيدة، إذ أشار إلى أن البرامج الشاملة التي تطبقها الدول المذكورة لهذا الغرض تستهلك ما يراوح بين واحد في الألف وواحد في المئة من مخصصات الصحة "وهي نسبة قابلة للتطبيق حتى في حال الدول ذات الدخل المنخفض حيث الانفاق الحكومي على الصحة أقل منه في الدول الغنية".