يناقش مجلس الشعب السوري البرلمان حالياً مشروعاً يتعلق بضمان السرية المصرفية، وذلك في اطار جهود الحكومة لتحسين اداء المصارف الوطنية كي تستطيع منافسة المصارف الاجنبية التي يتوقع ان يُسمح لها قريباً بالعمل في البلاد. وقال مدير "المصرف التجاري السوري" السيد محمود مثقال، ان "السرية المصرفية في سورية من شأنها ان تساعد في جذب الاموال السورية المودعة في المصارف الاجنبية" مشيراً الى انه "في حال تطبيق مبدأ السرية المصرفية، لن يعود بإمكان احد الاطلاع على حساب أي شخص، باستثناء المحاكم المختصة وفي حال طلبت ذلك". وكان رئيس البرلمان، السيد عبدالقادر قدورة، طلب أخيراً من لجنتي الشؤون الدستورية والتشريعية والقوانين المالية في المجلس اعداد مشروعين لاستحداث سوق لتداول الاسهم المالية وانشاء مصارف تجارية خاصة. في الوقت نفسه اشار وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية الدكتور محمد العمادي الى الجهود المبذولة لتطوير المصارف المحلية كي "تكون الوسيلة الحقيقية لتنمية الادخارات وتعبئتها" وتوجيهها الى اسواق الاستثمار و"خلق قنوات جديدة في هذا المجال"، لافتاً الى "ان سورية تسعى الى ان تكون المصارف وسيلة حقيقية لتطوير ودفع النشاط الاقتصادي وتنشيط التجارة الخارجية". وقد حصلت ثلاثة مصارف لبنانية اخيراً على تراخيص للعمل في المنطقة الحرة في سورية بعد موافقة الحكومة السورية على فتح مصارف خاصة في المناطق الحرة برأس مال لا يقل عن 11 مليون دولار بالعملة الصعبة كحد ادنى. وهذه المصارف هي: "الشركة العامة اللبنانية - الاوروبية" و"فرنسبنك" و"البنك الاوروبي للشرق الاوسط". وهناك مصارف عدة اخرى سيُسمح لها بفتح فروع لها قريباً. وستتيح المصارف الجديدة للمستثمرين التصرف بحرية اكبر برساميلهم واجراء تحويلاتهم الى الخارج بسهولة اكبر، بعدما كانت سورية تفرض رقابة على الصرف وتحويل العملات الاجنبية الى الخارج، الأمر الذي كان يدفع رجال الاعمال الى العمل عبر المصارف اللبنانية. ومعلوم انه بعد تأميم القطاع المصرفي في سورية في الستينات اعتمد تمويل الاقتصاد السوري على "المصرف التجاري السوري" الذي يستحوذ على 75 في المئة من موجودات القطاع المصرفي، فيما يتوزع رصيد الموجودات على خمسة مصارف متخصصة تجارية وصناعية وزراعية وعقارية وتسليف شعبي مملوكة من قبل القطاع العام. وأُعطي "المصرف التجاري" إضافة الى المصرف المركزي الحق الحصري للقيام بعمليات القطع المحددة وتمويل التجارة الخارجية. واصبح مع فروعه ال52 المنتشرة في انحاء سورية الوحيد الذي يقوم بصيرفة التجزئة بمعناها المحدود جداً. وتتباين آراء خبراء الاقتصاد في سورية حول جدوى تخصيص النظام المصرفي. ويؤكد بعضهم ان فتح مصارف اجنبية ستكون له آثار سلبية على اداء المصارف المتخصصة في سورية، "لأنه يعني تغييراً اساسياً في بنية الاقتصاد الوطني ويساهم في نزوح المدخرات الوطنية الى المصارف الاجنبية، إضافة الى عدم استقرار اليد العاملة في المصارف المحلية ونزوح الخبرات منها نتيجة الاغراءات في مجال الاجور والتعويضات". فيما يرى آخرون ان "المشكلة الاساسية في النظام المصرفي انه بُني لخدمة اقتصاد يعتمد على التخطيط المركزي" وانه "لم يعد كافياً" بعدما سمح بزيادة دور القطاع الخاص والاعتماد على السوق. وأشاروا الى "انه لا يستطيع اجتذاب مدخرات السوق ولا يستطيع توظيفها لخدمة القطاعات الانتاجية".