ريو دي جانيرو - رويترز - يتعامل القراصنة الجدد في البرازيل بالسلع المقلدة لعلامات تجارية شهيرة مثل نظارات "ريبان" واحذية "نايكي" عوضاً عن السبائك الذهبية. وبدلاً من الاختباء واخفاء عملهم غير المشروع تحت جنح الليل فانهم يصطفون في الموانئ لعرض بضائعهم في وضح النهار. وأصبحت البرازيل، بسوقها الضخمة التي تضم حوالى 165 مليون نسمة وفريقاً هزيلاً من موظفي الجمارك، مأوى لهذا النوع الجديد من التجار المتفاخرين بانفسهم. وقال موريلو امارال رئيس مفتشي الجمارك في ميناء ريو دي جانيرو: "لدينا عدد محدود للغاية من العاملين لمراقبة الحدود والسلع الرخيصة التي تتدفق على البلاد التي يقطنها اعداد كبيرة من المحتاجين... انه وضع صعب". وأضاف ان هناك 2000 موظف جمارك على امتداد حدود البرازيل المليئة بالثغرات مقارنة بحوالى 21000 موظف في فرنسا الاصغر بكثير من ناحية الحجم من البرازيل. وليس لدى هيئة الضرائب الاتحادية التي تشرف على قطاع الجمارك في البلاد تقديرات رسمية عن حجم تجارة السلع المقلدة. وقال متحدث باسم الهيئة: "مهمتنا الاساسية هي جباية الضرائب. وعندما نجد سلعاً غير مشروعة فاننا نصادرها ولكن ليس لدينا عدد كاف من الموظفين لجعل هذه من مهمامنا الاساسية". وقدرت جمعيات تجارية ان البلاد تخسر مبيعات مشروعة تقدر بلايين الدولارات سنوياً نتيجة السوق السوداء المزدهرة، مشيرة الى ان 70 في المئة من النظارات الطبية ونظارات الشمس و40 في المئة من الاسطوانات المدمجة و45 في المئة من الالعاب التي تباع في البلاد مقلدة. وتدخل البلاد في سنة عادية نحو 2.4 بليون علبة سجائر مهربة و1.5 مليون دمية "باربي" ومليون زوج من احذية "نايكي" الرياضية عبر موانىء ريو دي جانيرو وسانتوس وباراناغوا وعبر باراغواي المجاروة. وتسبب السلع المقلدة في بعض الاحيان مشاكل صحية. وقال امارال: "في العام الماضي وجدت السلطات ان نظارات طبية مقلدة تسببت في اضرار خطيرة للمستهلكين". كما تسببت لعب اطفال مقلدة، مصنوعة في الصين وتايوان وتحمل علامات "ديزني" و"تيليتابي" التجارية، في نقل العديد من الاطفال الى المستشفيات. وقال سينيسيو باتيستا دا كوستا رئيس اتحاد مصنعي لعب الاطفال في البرازيل: "انهم يستخدمون مواد من الرصاص السام في دهانات اللعب التي تذوب عندما تلامس لعاب الاطفال". واضاف ان الشركات الدولية يجب ان تلعب دوراً فاعلاً في منع انتاج هذه السلع في العالم، ولكنه شكا كذلك من ان البرازيل لا تفعل شيئاً يذكر ضد السوق السوداء في الداخل. وتصعب السيطرة على هذه التجارة الاخذة في الازدهار. فبعد عقود من الانغلاق الاقتصادي فتحت البرازيل حدودها اخيرا امام التجارة الدولية عام 1990، ما كشف عن جمهور غفير كان محروماً من اقتناء نخبة واسعة من السلع الاستهلاكية. وتلقى هذه السلع المقلدة، الزهيدة الثمن مقارنة بالسلع الاصلية السلع، طلباً من الملايين من السكان في البرازيل الذين لا يتجاوز دخلهم الشهري 83 دولاراً. وتباع الاقلام والولاعات بأسعار رخيصة في حين تباع الاحذية الرياضية بأقل من ربع السعر في المخازن التجارية. وأشار شاب من سكان ريو الى صف من احذية "نايكي" المقلدة في حي يطلق عليه الناس اسم "السوق الحرة" قائلاً: "اذا كانت تحمل العلامة التجارية نفسها والبراءة نفسها وتباع هنا ارخص... سأشتريها من هنا". وحاولت البرازيل مكافحة القرصنة التجارية والتقليد بقانون مفصل لبراءات الاختراع والعلامات التجارية صدر عام 1996، لكن المسؤولين يقولون ان من المستحيل تطبيقه. والعقوبة القصوى هي السجن أربع سنوات فقط في حين لا يحاكم الكثيرون لان مسؤولي الجمارك ممنوعون من الكشف عن اسماء هؤلاء الباعة بمقتضى قوانين السرية في البلاد، ما يمنع الشركات من مقاضاة هؤلاء الباعة. وقال لويس فرناندو ماتوس وهو محام يختص بقضايا العلامات التجارية وبراءات الاختراع: "القانون جيد لكن المشكلة في تطبيقه". وظهرت هذا الشهر بادرة تدل على حجم المشكلة في البرازيل عندما شاهد الناس على شاشات التلفزيون اتلاف السلطات 45 الف زوج من احذية "نايكي" المقلدة كانت صادرتها قبل عام ولم يسجن احد. وما يضايق البرازيليون في الامر هو ان السلطات لم تبحث عن اسلوب افضل للتعامل مع هذه الاحذية بشكل أفضل بتوزيعها على المحتاجين. وقال امارال: "كنا نفضل التبرع بهذه السلع لكن يجب ان نتبع القانون ومطالب الشركات". فبعد عامين من المفاوضات تقرر اتلاف هذه الاحذية. وقالت كاتيا جيانوني المتحدثة باسم شركة "نايكي" للاحذية الرياضية: "الاحذية الرياضية المقلدة قد تتسبب في اضرار خطيرة للكاحل ووتر العرقوب على سبيل المثال لانها في اغلب الاحيان لا تطابق الشكل الاصلي وتنتج من مواد اقل جودة". وقال امارال انه في المرة الماضية عندما منحت "نايكي" احذية للاطفال الفقراء في شوارع ساو باولو عادت الاحذية الى السوق السوداء خلال 48 ساعة.