أكدت مصادر رسمية مصرية أن الحكومة تدرس اتخاذ اجراءات لمنع تكرار هروب رجال أعمال الى خارج البلاد، خصوصاً البارزين. وستبدأ تنفيذها في غضون أيام. جاء ذلك بعد هروب رجلي أعمال بارزين هما مصطفى البليدي الذي باع ممتلكاته قبل هروبه منتصف حزيران يونيو الماضي وبات مديناً لبنك القاهرة ب148 مليون جنيه. ورامي لكح الذي هرب الاسبوع الماضي بعدما باع بعض ممتلكاته بثمن بخس وبات مديناً ايضاً لبنك القاهرة بأكثر من بليون جنيه. وقالت المصادر نفسها ل"الحياة" إن من بين الاجراءات التي ستتخذ، انشاء شركة متخصصة للاستعلام عن المتعاملين مع الجهاز المصرفي واتاحة تلك المعلومات للمصارف. وان تتولى المصارف بنفسها مراجعة محافظها الائتمانية وتقديم اقتراحات في شأن التعاطي مع العملاء حسب موقفهم من السداد، ودعم الجهاز الرقابي للمصرف المركزي كونه الجهة الرقابية الوحيدة على المصارف مع استحداث سياسات جديدة لتشجيع المدخرات خصوصاً الودائع طويلة الأجل. وفي هذا السياق أكد مصدر مصرفي ل"الحياة" إن المصارف المصرية تتجه نحو اتخاذ التدابير ضد عملائها المماطلين الذين توقفوا فجأة عن سداد المديونيات المستحقة عليهم. مشيراً الى أن هؤلاء استغلوا حال الركود وانخفاض السيولة في البلاد وتوقفوا عن السداد بحجة عدم قدرتهم على الوفاء بما التزموا به في الساحة مما خلق مناخاً قلقاً في السوق. وستحدد المصارف في غضون أيام مهلة لرجال الاعمال المتعثرين لسداد ما عليهم أو إحالتهم على الرقابة الإدارية والمدعي العام الاشتراكي للبت في أمرهم على اعتبار ان تلك الاجراءات باتت حتمية بعد ان تعمد البعض التوقف عن السداد دون حساب للمصلحة القومية. وأيد رئيس "جمعية مستثمري السادس من اكتوبر" الدكتور هاني سرور موقف الحكومة "الضرب بشدة على أيدي المنحرفين وغير الملتزمين من المستثمرين" لكنه حذر من "ان معاملة جميع المستثمرين على اعتبار انهم نصّابون أمر مرفوض". وقال ل"الحياة": "إن الجمعية التي تضم نخبة من مستثمري مصر ستقف وقفة واحدة امام أية دعوى قضائية ضد أي من اعضائها، وذلك بعد ما تردد أن المصارف تجهز قوائم للمستثمرين لتحريك الدعاوى الجنائية ضدهم". وكان لكح خاضع للرقابة عندما غادر البلاد في 12 تشرين الاول اكتوبر 1999 ليعود في 6 تشرين الثاني نوفمبر من العام نفسه، قبل فراره ثانية في أيار مايو الماضي. ونجح مسؤول رفيع المستوى في الحكومة في اقناعه بالعودة والاتفاق مع الحكومة على جدولة نصف ديونه التي تزيد قليلاً على 500 مليون جنيه، ما يعني أن لكح كان تحت رقابة غير عادية، ولذلك كانت عملية فراره مفاجأة لكثيرين. لكن مصدر مصرفي قال ل"الحياة" إن هروب لكح كان متوقعاً في توقيت آخر، مشيراً الى أن لكح لم يبع غالبية ممتلكاته في مصر كما فعل سابقوه نظراً لأن هذه الممتلكات كانت تحت أعين أجهزة رقابية صارمة. والممتلكات الحالية في حال بيعها ستغطي ديونه الاساسية لبنك القاهرة والتي لا تزيد على 400 مليون جنيه. ورجح المصدر أن يكون سوء اداء الشركة القابضة للاستثمارات لكح غروب وراء قرار الهروب. إذ أن قيمة شركته في السوق تراجعت من 4،988 مليون بنهاية تعاملات 17 نيسان ابرىل الماضي الى 462،273 مليون جنيه نهاية تعاملات في 16 آب اغسطس الجاري، أي تبخرت اكثر من 700 مليون جنيه في اربعة أشهر. كما ان شهادات الايداع الدولية الخاصة بالشركة تشهد انحداراً في كميتها وسعرها، إذ تراجعت كميتها من 35 مليون شهادة في تموز يوليو 1999 وهو تاريخ الطرح الى 325،12 مليون شهادة في نهاية آيار مايو الماضي كما ان سعرها فقد أكثر من 80 في المئة من قيمتها منذ بداية السنة الجارية، كما أنه مطالب بتسديد 776،15 مليون جنيه فوائد على السندات التي اصدرتها الشركة في شباط فبراير 1999 بقيمة 280 مليون جنيه وبفائدة ثابتة 26،11 في المئة وذلك في كانون الثاني يناير المقبل.