بدت روزنامة التطورات المحتملة في عملية السلام بين الفلسطينيين والاسرائيليين امس غاصة بالمواعيد والاحداث المتوقع تواترها بين الاسبوع المقبل ونهاية السنة الجارية. وتضمنت احتمال ارجاء الفلسطينيين اعلان تجسيد دولتهم، واجتماع منظمة المؤتمر الاسلامي في طهران في 20 من الشهر الجاري اعلن مساء امس ارجاءه، واتجاه المغرب الى عقد اجتماع في الرباط للجنة القدس "اذا وافقت الدول الاعضاء"، ووصول المنسق الاميركي دنيس روس الى المنطقة الاسبوع المقبل لتقويم فرص عقد قمة اخرى في كامب ديفيد قال مسؤول اسرائيلي انه يتوقع عقدها في ايلول سبتمبر المقبل. وبات شبه مؤكد أن يتجه الفلسطينيون الى تأجيل إعلان قيام الدولة الذي كان مقرراً في الثالث عشر من ايلول سبتمبر إلى موعد جديد. والموعدان المرجحان هما 15 تشرين الثاني نوفمبر، الذي يصادف ذكرى اعلان الاستقلال الصادر عن المجلس الوطني في الجزائر عام 1988 أو الاول من كانون الثاني يناير ذكرى انطلاقة الثورة الفلسطينية. ونقلت "وكالة انباء الصين الجديدة" عن الرئيس الصيني جيانغ زيمين قوله خلال لقائه امس مع الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات: "نعتقد بأن السلطة الفلسطينية برئاسة عرفات ستفكر وتعلن دولة فلسطينية في الوقت المناسب بهدف الحصول على افضل النتائج". فيما عكست التصريحات الصادرة عن المسؤولين الفلسطينيين التوجه نحو ارجاء اعلان قيام الدولة الذي ازدادت الضغوط الدافعة إليه من "الأشقاء العرب" و"الأصدقاء العالميين" ممن نصحوا الرئيس الفلسطيني بعدم التسرع في اعلان الدولة قبل اعطاء المفاوضات فرصة اخيرة. وفيما كان الخطاب الفلسطيني في الفترة التي تلت قمة كامب ديفيد ينصب على التصميم على اعلان الاستقلال، فإن الأيام الثلاثة الأخيرة التي جرت خلالها عملية تقويم لجولة الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات في 17 دولة، بدأت تميل إلى التمهيد للتأجيل. وفي هذا السياق، قال نائب رئيس المجلس الوطني تيسير قبعة إن المجلس المركزي هو الذي "سيقرر بشأن التأجيل". وردد وزير التخطيط نبيل شعث، الذي يواصل جولة أوروبية، كلاماً مشابهاً، فقال إن "القرار النهائي بخصوص إعلان الاستقلال أو تأجيله سيصدر قبل يوم أو يومين من موعد 13 أيلول". وأقر رئيس المجلس التشريعي احمد قريع بأن "العديد من الاصدقاء الذين التقاهم الرئيس عرفات أسدوا النصح بتأجيل إعلان الدولة على رغم ان غالبية الدول، التي زارها عرفات، أكدت ان اعلان الدولة هو حق فلسطيني لا يخضع لفيتو". وأعلن رئيس المجلس الوطني الفلسطيني سليم الزعنون أمس ان المجلس المركزي الفلسطيني سيجتمع في 8 أو 9 أيلول سبتمبر المقبل للبحث في مسألة تجسيد اعلان الدولة الفلسطينية، بناء على قرار اتخذته اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية ورئاسة المجلس الوطني خلال اجتماع عقد اول من امس الاحد. ويدرك الفلسطينيون ان مؤشرات الموقف العربي تصدر عن مصر التي توقع رئيسها حسني مبارك، أول من أمس، تأجيل إعلان قيام الدولة لتفادي اندلاع صدامات فلسطينية - إسرائيلية، وهو لم يستبعد أيضاً احتمال التوصل الى اتفاق بين الفلسطينيين والاسرائيليين قبل موعد 13 أيلول. ويبدو ان الجانب الفلسطيني قرر فتح الموضوع بصراحة مع "الشقيقة الكبرى"، فأمر عرفات بتشكيل وفد يترأسه محمود عباس أبو مازن غادر أمس الى القاهرة وسيضم أيضاً أحمد قريع وياسر عبدربه وصائب عريقات للبحث في تطورات الاتصالات الفلسطينية - الاسرائيلية والفلسطينية - العربية والعالمية وآفاق استئناف التفاوض في ظل التحفظ العربي عن القمة المقترحة فلسطينياً، والاوروبي والعالمي عن اعلان الاستقلال. وليس معروفاً إذا كان بعض الدول العربية متحمساً لقمة اسلامية تتبوأ طهران صدارتها ويصدر عنها موقف متمسك بالقدس يعزّ صدوره عن قمة عربية. وحسب مصدر فلسطيني مطلع، فإن العرب سيقترحون نقل قضية القدس من المؤتمر الاسلامي إلى لجنة القدس التي يرأسها المغرب لتصدر قرارات غير ملزمة. ويرى الاسرائيليون في تأجيل إعلان الدولة وانعدام فرصة عقد قمة عربية انتصاراً لديبلوماسيتهم التي تبلغ ذروتها في جولات الوزراء شلومو بن عامي الاوروبية وشمعون بيريز الآسيوية ويوسي بيلين الاميركية، فضلاً عن الزيارة المقررة غداً لايهود باراك الى العاصمة الأردنية عمّان. وبحسب مصادر مكتب رئيس الوزراء الاسرائيلي، فإن الخط الديبلوماسي يهدف الى اقناع العالم والعرب بدعوة عرفات الى عدم الاعلان عن الدولة وتليين الموقف من القدس كي يتسنى تجديد القمة في كامب ديفيد بعد ان يشكل باراك "حكومة سلام" تضم حزب ميرتس اليساري بثلاثة وزراء وحزب "شينوي" وحزب "المركز" وحزب "شعب واحد" وعضو منشق عن حزب المهاجرين الروس، مع دعم من خارج الحكومة من الأحزاب العربية والحزب المتدين "يهودات هتوراة". وبهذا يضمن باراك غالبية برلمانية تكفيه كي يعقد اتفاقاً مع الفلسطينيين يطرحه في استفتاء شعبي وعلى الناخبين في انتخابات برلمانية مبكرة. وقالت مصادر باراك ان تجديد القمة منوط بتليين الموقف من القدس وعدم اضاعة الفرصة خصوصاً ان اليمين يتربص وقد ينجح في جمع تواقيع 61 برلمانياً لعقد جلسة عاجلة للكنيست لحجب الثقة عن باراك.