تُنجز، أواخر السنة الحالية، الخطة الخمسية الأولى لمكافحة تعاطي المنشطات التي يشرف عليها الاتحاد العربي للألعاب الرياضية، وتسهر اللجنة الطبية المنبثقة منه على تنفيذها. وكانت الخطة انطلقت عام 1996، ومن ضمن برامجها 20 دورة تدريبية، انجز منها 18 دورة حتى الآن، آخرها كانت في بيروت منذ أيام قليلة بالتعاون مع اللجنة الأولمبية اللبنانية. وتبقى دورتان مقررتان في الجزائر وليبيا، قبل أن يعقد مؤتمر عام في نهاية السنة الحالية لتقويم نتائج الخطة، واعداد محاور الخطة الجديدة. افتتح دورة بيروت نائب رئيس الاتحاد العربي للألعاب الرياضية الأمير نواف بن فيصل بن فهد، وأمين عام الاتحاد العربي عثمان السعد، ورئيس اللجنة الأولمبية اللبنانية اللواء الركن سهيل خوري. وتقام هذه الدورات بالتعاون مع اللجنة الأولمبية الدولية التي أنشأت منذ أشهر الوكالة الدولية لمكافحة المنشطات هيئة مستقلة، ووفق ما أوضحه الدكتور باتريك شاماش المدير الطبي في اللجنة الأولمبية الدولية فإن خطوات الاتحاد العربي مهمة جداً من أجل تنقية وحماية الرياضة العربية، خصوصاً أن الميثاق العربي لمكافحة المنشطات اعتمد من قبل وزراء الشباب والرياضة العرب في القاهرة عام 1996 وفي ضوئه نشرت مبادئ مكافحة المنشطات في الدول العربية. الدكتور شاماش حضر افتتاح الدورة في بيروت، وقال ل"الحياة": "ان الغاية الاساسية من هذه الدورات، وقد اجريت ثلاث منها في بيروت حتى الآن، اطلاع المشاركين من اداريين وفنيين على كل جديد في هذا المجال من أجل التوصل الى وضع تشريع وطني لمحاربة ومكافحة المنشطات، وامكانية أخذ عينات أكثر فأكثر خارج المنافسات. والمهم إيصال المعرفة الى أكبر عدد من المهتمين والمطلعين والمسؤولين عن الرياضيين، ومن خلالهم الى أصحاب الشأن، بحيث تتسع القاعدة التي تتجنب المنشطات الآفة الأولى للرياضة". المراقبة الدائمة ووصف الدكتور شاماش هذه الدورات بأنها القسم التقني من محاربة المنشطات، "ونحن في حاجة ان يُتابع الأمر في كل دولة على حدة من خلال المراقبة الدائمة وصولاً الى ايجاد التشريعات القانونية وذلك من خلال السلطات السياسية. وأن تكون النصوص متوافقة في العموم مع مثيلتها في باقي الدول العربية". ولا يرجّح شاماش ان تنجز هذه الخطوات في الوقت القريب "ربما لأن ذلك متعلق بكل دولة وحاجاتها، خصوصاً أن الرياضة ليست دائماً من الأولويات في دول ذات حاجات صحية ومعيشية واجتماعية أخرى". ولفت الدكتور شاماس الى أن الوكالة الدولية ممولة من اللجنة الأولمبية الدولية بنحو 25 مليون دولار حتى نهاية 2001، على ان تموّلها الحكومات المعنية بنحو 50 في المئة من موازنتها بعد ذلك. وأضاف: "ان دور الدولة كمؤسسات مهم وكبير، فمن دونه لا يمكن تسهيل الكثير من المعاملات وتدخل الشرطة والقوى الأمنية الأخرى والجمارك لوقف ما يسمى بتجارة وتهريب المنشطات". وكشف ان الوكالة الدولية ستضطلع بإجراء 2500 كشف مخبري خارج المسابقات قبل دورة سيدني الاولمبية في ايلول سبتمبر المقبل، كما تقرر أن تنتدب سبعة مراقبين معاونين لمساعدة المنظمين والمسؤولين في اللجنة الدولية الناشطين في هذا المجال منذ 1967. واعتبر رئيس اللجنة الطبية في الاتحاد العربي الدكتور رضا كاظم ان الخطة الخمسية اخرجت الحديث عن المنشطات الى العلن "والحصيلة كبيرة في الواقع، فقد أنجزت برنامجاً للتوعية على نطاق واسع في العالم العربي. وأصبحت هناك بطولات عربية تجرى خلالها فحوصات الكشف عن المنشطات وتعلن هوية المتعاطين والعقوبات المتخذة بحقهم، على غرار ما حصل في الدورتين العربيتين في بيروت 1997 اكتشاف 11 حالاً ايجابية وحال امتناع واحدة وعمان 1999 اكتشاف 8 حالات ايجابية والبطولة العربية لألعاب القوى 1999، الى بعض مسابقات كرة القدم". مرحلة التأسيس وأعلن الدكتور كاظم أن تسع دول عربية هي السعودية والاردن وسورية وتونس ومصر وليبيا والمغرب والامارات والجزائر، شكلت لجاناً مختصة بالمنشطات وستقوم بإعداد البرامج الوطنية المتعددة ووضع الأطر القانونية ونظام العقوبات. أما المرحلة المقبلة، فستكون مرحلة تطوير وتوسيع لهذه القاعدة وتثبيت البرامج في جوانبها المختلفة. وحول امكانية الاستفادة من المختبر الذي تجهزه تونس من ضمن استعدادها لتنظيم دورة ألعاب البحر المتوسط في السنة المقبلة، قال الدكتور كاظم: "ان مختبرات الكشف عن المنشطات تمثل في بلدانها مشروعاً يتعدى الجانب والدور الرقابي الى الدور العملي والأبحاث الدائرة في هذا المجال، فضلاً عن الصفة المعنوية كجانب ردعي، وبالتالي فإن خطوة تونس، عمل رائد، خصوصاً إذا اعتُمد المختبر من قبل اللجنة الأولمبية الدولية. وساعتئذٍ يمكنه ان يحلل العينات المأخوذة في الدول العربية كلها وبكلفة أدنى، عبر اتفاقات التعاون، ويجب على الاتحاد العربي للالعاب الرياضية أن يعمل لدعم هذا المختبر عبر مجلس وزراء الشباب والرياضة العرب، ليصبح مختبراً اقليمياً معتمداً". يشار الى أن تونس هي الدولة العربية الوحيدة الموقعة على الاتفاق الأوروبي لمكافحة المنشطات، ما يلزمها أخذ عدد محدد من العينات من المشاركين في مختلف المسابقات الرياضية على أرضها سنوياً، بينما يقتصر الأمر على بادرة بعض الاتحادات المحلية في دول أخرى، مثل اتحاد رفع الأثقال في مصر، وكرة السلة وألعاب القوى في لبنان... ويبقى العائق الأساسي ارتفاع كلفة الفحص المخبري للعينة الواحدة، إذ يقارب ال200 دولار. من العقاب الى الاستيعاب وتستعد اللجنة الأولمبية اللبنانية الى انشاء لجنة طبية واتحاد للطب الرياضي سعياً الى تنشيط العلاقة الصحية والتوعية وسبل المكافحة في القطاع الرياضي، كما أوضح رئيسها اللواء الركن سهيل خوري. أما عثمان السعد فأكد في ختام الدورة ان الاتحاد العربي "مدرك تماماً لخطورة هذه الآفة، والخطة الخمسية الأولى كانت تحت شعار التوعية... والخطة المقبلة ستأخذ في عين الاعتبار البدائل التي يجب تبنيها لمتعاطي المنشطات وكيفية التعامل معهم واعادة تأهيلهم واستيعابهم". وأشار السعد الى أن رحلة الألف ميل تبدأ بخطوة، ولا بد من مباشرة الكشف العشوائي وإن بعدد محدود، في المرحلة الأولى، وحتى ايجاد حل لارتفاع كلفة الاجراءات. كما شدد السعد على ضرورة ايجاد وكالة عربية لمكافحة المنشطات خصوصاً والاتحاد العربي للألعاب الرياضية يضم 40 اتحاداً كميّاً ونوعياً، وتأسيس البرامج الوطنية على نطاق واسع سيكون حتماً ضمن الخطة الثانية.