الجولة 13 تنطلق الأربعاء.. الإثارة متواصلة في دوري يلو    كونتي بعد التتويج: تجربتنا في السعودية رائعة.. ومدينة نابولي سعيدة بهذا اللقب    جراحة ناجحة في ركبة نيمار    جدة تستضيف نهائيات دوري أبطال آسيا للنخبة 2026    أصدرت أمانة منطقة تبوك، ممثلةً في وكالة التراخيص والامتثال    المدينة المنورة تحتضن افتتاح مركز الأمير محمد بن سلمان العالمي للخط العربي    سلطان عمان يستقبل وزير الخارجية    إطلاق مهرجان جازان 2026 تحت شعار «كنوز الطبيعة».. فعاليات متنوعة وتجربة سياحية على مدار العام    33 اتفاقية بين بنك التنمية الاجتماعية ونخبة من رواد الأعمال في ملتقى DeveGO    جامعة الأميرة نورة تفتح باب التسجيل في برنامج التسجيل المزدوج لطالبات الثانوية    إطلاق مبادرة "تقنيات التحول الاستثنائي" لتمكين التصنيع المتقدم في المملكة    الذهب يرتفع إلى مستوى قياسي وسط توترات بين أمريكا وفنزويلا    أمير الرياض يرعى حفل الزواج الجماعي التاسع بجمعية "إنسان"    شباب الاتفاق يحافظون على صدارة دوري النخبة    إصدار طابع تذكاري لقصر الفيحاني في دارين    "الشؤون الإسلامية" تنظّم دورة علمية لتأهيل الدعاة والأئمة والخطباء في كوالالمبور    تجمع تبوك الصحي ينجح في إجراء عملية تغيير مفصل الركبة    ضوء النهار يضبط مستويات الجلوكوز في الدم لدى مرضى السكري    كأول جمعية متخصصة بالمنطقة.. "يمنّاكم" لرعاية الأحداث بجازان تعقد لقاءها التشغيلي الأول        مفردات من قلب الجنوب 34    الرئيس ترامب يطلق مشروع بناء سفن حربية من فئة جديدة تحمل اسمه    أمير حائل يستقبل رئيس جامعة حائل    «الداخلية» تسهم في إحباط محاولتي تهريب أكثر من (200) كيلوجرام من المواد المخدرة بسلطنة عُمان    الاستعداد للامتحان    «النيابة»: يحظر ترك الحيوانات خارج الأماكن المخصصة لها    أقر عدداً من مذكرات التفاهم الدولية.. «الشورى» يطالب جامعة الملك خالد بتطوير إستراتيجية «الموارد»    وصول الطائرة السعودية ال 76 لإغاثة الشعب الفلسطيني    الوقت كالسيف    أكد الالتزام بمرجعيات المرحلة الانتقالية.. العليمي يدعو المجلس الانتقالي لتغليب الحوار    افتتاح المتنزه سيشكل نقلة نوعية.. الداود: القدية وجهة عالمية للترفيه والرياضة والثقافة    علماء كاوست يطورون مجموعات بيانات اصطناعية في غياب البيانات الحقيقية للتنبؤ بكيفية انتشار التسربات النفطية في المحيط    ب "علينا"… علي عبدالكريم يستعيد عرش الأغنية الطربية    استعراض التخلي    الذكريات.. أرشيفنا الذي لا يغلق    الكلام    «نسك حج» المنصة الرسمية لحجاج برنامج الحج المباشر    تعزيز حوكمة الاستثمار الجريء    تخريج دفعة جديدة بمعهد الدراسات للقوات الجوية بالظهران    أوميغا- 3 والحوامل    18 ألف جنيه إسترليني تعويضاً عن ركل سائح    «التخصصي» يحقق جائزة «أبكس» للتميز    «قسد» تستهدف أحياءً سكنيةً ونقاطاً لقوى الأمن الداخلي والجيش السوري    الملحق العسكري في سفارة مصر بالمملكة يزور التحالف الإسلامي    غارات على رفح وخان يونس وتجدد نسف المنازل في غزة    لجنة التحكيم بمهرجان الملك عبدالعزيز للإبل تعلن الفائز الأول في شوط سيف الملك "شقح"    ترشيح الحكم الدولي د. محمد الحسين لبرنامج التعليم التحكيمي الآسيوي 2025 في سيئول    مناورات صاروخية إيرانية    أمير جازان يستقبل رئيس جامعة جازان الدكتور محمد بن حسن أبو راسين    بين الملاحظة و«لفت النظر».. لماذا ترتاح المرأة للاهتمام الذي لا يُطلب !!    الإدارة العامة للاتصالات والأنظمة الأمنية تدعم الجاهزية التشغيلية في معرض «واحة الأمن»    خطط «الصحة» على طاولة أمير القصيم    «الشؤون الإسلامية» في عسير تنفذ 30 ألف جولة رقابية    انطلاق تصفيات مسابقة الملك سلمان لحفظ القرآن في جازان    تنوع بيولوجي في محمية الملك سلمان    إنفاذاً لأمر خادم الحرمين الشريفين.. وزير الدفاع يقلد قائد الجيش الباكستاني وسام الملك عبدالعزيز    إنفاذًا لأمر خادم الحرمين الشريفين.. سمو وزير الدفاع يُقلِّد قائد الجيش الباكستاني وسام الملك عبدالعزيز من الدرجة الممتازة    في كل شاب سعودي شيء من محمد بن سلمان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إكمال "الدائرة الفاضلة" : رؤية جديدة للحقوق والتنمية
نشر في الحياة يوم 29 - 06 - 2000

في الأحياء الشعبية والمدن الفقيرة والقرى الريفية في أنحاء العالم كافة، سيولد هذا العام قرابة 40 مليون طفل من دون أن تعترف بهم الدولة بأي شكل من الأشكال. ومع اختفاء حياتهم من الناحية الإحصائية، فإن هؤلاء المواطنين المنسيين سيُحرمون حتى من أبسط المكاسب السياسية والاقتصادية والاجتماعية، من الحق في التصويت إلى الحق في الرعاية الصحية إلى الحق في التعليم. وسينضم كثيرون منهم على الأرجح إلى ال 30.000 طفل الذين يموتون كل يوم في أنحاء العالم من أمراض يمكن الوقاية منها، أو إلى أطفال الشوارع البالغ عددهم 100 مليون طفل، أو إلى ال 1.2 مليون فتاة اللاتي يُتاجر بهن في عالم الدعارة. وحتى إذا ما نجحوا في البقاء على قيد الحياة، فإن من المؤكد تقريباً أنهم سيعيشون حياتهم ضمن العدد البالغ 1.2 بليون شخص من سكان العالم الذين يعيشون على أقل من دولار واحد يومياً، ويفتقرون الى ما يليق بالبشر من أمن شخصي أو مأوى أو غذاء أو عمل.
وهؤلاء وملايين غيرهم في أنحاء العالم كافة لا يفتقرون فحسب إلى الحقوق المدنية والسياسية الأساسية، بل يفتقرون أيضاً إلى الحريات الاقتصادية والاجتماعية الأوسع نطاقاِ واللازمة للكرامة الإنسانية. ويتمثل أكبر تحديات الألفية الجديدة في الطريقة التي يمكن أن نساعدهم بها لتأمين حقوق الإنسان والتنمية البشرية لهم، في أن نمنحهم صوتاً سياسياً حقيقياً مع توسيع نطاق اختياراتهم وفرصهم الاقتصادية في الوقت نفسه.
وقد كرّس تقرير التنمية البشرية لهذا العام - الذي ينشره برنامج الأمم المتحدة الإنمائي والذي يصدر اليوم 29 حزيران/يونيو في باريس - للإجابة عن هذا السؤال المعقد، إذ يبين أن المفهومين لا يرتبطان فحسب ارتباطاً لا ينفصم، بل أن كلاً منهما يعتمد على الآخر لكي يضرب بجذوره وينمو في مختلف المجتمعات.
وعلى رغم أن هذا الرأي لا يزال محل خلاف في بعض الدوائر، إلا أنه ينبغي ألا يكون كذلك. فخلال حقبة الحرب الباردة، لم يكن يُنظر إلى الحقوق المدنية والسياسية من ناحية والحقوق الاقتصادية والاجتماعية من ناحية أخرى كوجهين لعملة واحدة، وإنما كرؤيتين متعارضتين لمستقبل العالم. غير أن الحال لم تعد كذلك في أعقاب موجة التحول الديموقراطي الجديدة التي عمت معظم أنحاء العالم في السنوات الأخيرة. وتعبيراً عن ذلك، فإن نسبة البلدان التي صدقت على كل العهود والاتفاقات الأساسية للحقوق السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية قد ارتفعت على مدار العقد المنصرم من 10 في المئة فحسب إلى أكثر من النصف الآن.
ولكن على رغم أن ذلك يعد أمراً مشجعاً، فإنه لا يكاد يقترب من المستوى المنشود. فكثير من هذه الديموقراطيات لا يزال يفتقر إلى الأمان والتحرر والاستقرار. وبينما نواجه التحديات الاجتماعية والاقتصادية الجديدة التي تطرحها عملية العولمة، فإننا يجب أن نعترف بأن حقوق الإنسان ليست مكافأة على التنمية، كما يقول البعض. بل أنها بالأحرى عنصر لازم لتحقيق التنمية. فتوفير فرص الحصول على التعليم والمأوى والعمالة عنصر من عناصر تحقيق الحرية الإنسانية يتسم بالأهمية نفسها التي تتسم بها الحقوق السياسية والمدنية. غير أنه لن يكون بمقدور الناس أن يستفيدوا بصورة حقيقية من الحريات الاقتصادية إلا إذا تمتعوا بالحريات السياسية - أي حق كل الرجال والنساء في أن يشاركوا على قدم المساواة في شؤون المجتمع.
ولذلك، فإن التقرير لا يهدف ببساطة إلى مجرد وضع علامة على الألفية الجديدة - بل أنه يقترح خطة عملية للعمل. فهو لا يعنى بتوجيه أصابع الاتهام أو الخروج بتصنيف قانوني لأسوأ منتهكي حقوق الإنسان. بل أن التقرير، باعتماده على كم هائل من البيانات الإحصائية، يبين بصورة مقنعة أن مفتاح توليد نوع النمو الاقتصادي اللازم لتلبية هذه الاحتياجات المتنوعة يكمن في إقامة بيئة مؤاتية من المؤسسات والقوانين الشفافة والمسؤولة والفعالة.
ومن خلال ذلك، يقول التقرير بصورة مقنعة إن أفضل سبيل لكي تحقق البلدان ذلك هو من خلال تبني نهج يعتمد على حقوق الإنسان في التنمية والقضاء على الفقر. وهذا بالتحديد ما نسعى الآن في برنامج الأمم المتحدة الإنمائي إلى مساعدة البلدان على إنجازه - التحول من المشاريع الميدانية الأصغر حجماً التي لا تترك سوى اثر محدود على المستوى الجزئي إلى الاضطلاع بدور أوسع نطاقاً في توفير المشورة المتعلقة بالسياسات العامة والدخول في شراكات للمساعدة في بناء وتعزيز القدرات المحلية اللازمة للتصدي للفقر وغير ذلك من المشاكل.
لقد تعلمنا عبر الطريق الصعب أن الناس لا يقبلون على المشاركة في التنمية بحماس إلا إذا شعروا بأن لهم مصلحة في ذلك، وبأن صوتهم مسموع في عملية التنمية. وهذا هو السبب في أن الحقوق تجعل من الناس عناصر اقتصادية أكثر فاعلية. فلا يمكن الاكتفاء بإصدار تشريعات تكفل الصحة الجيدة والعمل للناس _ فالأمر يحتاج أيضاً إلى اقتصاد قوي يستطيع توفير هذه الخدمات، كما يحتاج إلى هياكل حكم مستقرة خاضعة للمساءلة للحفاظ على استدامة هذه الخدمات. وتحقيق ذلك يتطلب إشراك الناس على الصعيد الاقتصادي.
ان التحدي الذي يواجهنا الآن لا يقتصر على مجرد ضمان تبني الجميع لتلك المعاهدات السياسية والاجتماعية والاقتصادية، بل أنه يتمثل في تدعيم وتنفيذ رؤية عريضة لحقوق الإنسان تغذي التنمية البشرية المستدامة وتتوطد أركانها من خلال تلك التنمية. وعندما نلتزم المفهومين على أرض الواقع مثلما نلتزمهما على مستوى المبادئ، فإنهما سيشكلان دائرة فاضلة تعزز نفسها بنفسها. إننا بحاجة لأن نستفيد من التقدم الهائل الذي تحقق مؤخرا، وأن نوسع من تلك الدائرة لتوفير أشكال الحماية السياسية والعائدات الاقتصادية والأمل في المستقبل لملايين المحرومين الذين لا يزالون يفتقرون إليها.
* مدير برنامج الامم المتحدة للتنمية. والمقال تنشره "الحياة" بمناسبة اعلان تقرير البرنامج اليوم في باريس.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.