بقي لفرينتي بيريا وزير داخلية الاتحاد السوفياتي في عهد جوزف ستالين مجرماً يستحق الموت في نظر المحكمة العليا الروسية التي خففت الأحكام بحق ثلاثة من اعوانه، من الاعدام الذي نفذ فيهم قبل 47 سنة الى السجن لمدة 25 سنة! رفضت الهيئة العسكرية للمحكمة العليا في روسيا في 29 ايار مايو الماضي اعادة النظر في حكم الاعدام على المارشال الجورجي بيريا الذي كان الساعد الأيمن لستالين في أخطر المجالات، من الأمن الى انتاج القنبلة الذرية وصنع الدبابات في زمن الحرب. وكان بيريا يخوض صراعاً ضارياً على السلطة مع نيكيتا خروشوف منذ وفاة معلمهما ستالين عام 1953 الى ان اعتقل في الكرملين خلال اجتماع حكومي ثم اعلن عن محاكمته بعشرات من الاتهامات، أقلها التعامل مع استخبارات 14 دولة والعمالة لحزب "المساواة" الذي حكم اذربيجان لفترة قصيرة بعد الثورة الشيوعية في روسيا، واغتصاب آلاف من النساء والفتيات القاصرات، ناهيك عن اعتقال اعداد ضخمة من المواطنين الابرياء واعدام كثيرين منهم. ومنذ زمن بعيد يطالب اقارب بيريا باعادة الاعتبار اليه بحجة ان معظم الاتهامات التي وجهت اليه باطل. وزعمت أرملته في حينه انه لم يكن "زانياً" بل كان "يختلي بجاسوساته ومخبراته الكثيرات لأخذ التقارير منهن". وصرح نجله سيرغو، العالم والمصمم البارز في مجال الاتصالات بأن والده لم يحاكم على الأرجح بل قتل في الكرملين فور إلقاء القبض عليه. واعتبر ان والده كان ضحية الصراع على السلطة. ويشير بعض أنصار بيريا الى انه دفع حياته ثمناً لآرائه الجريئة في اصلاح النظام الشيوعي الذي عرف عيوبه أحسن من غيره، وان عدد ضحايا التصفيات التي اشرف عليها مبالغ فيه مقارنة بأعمال سلفه في جهاز الأمن نيكولاي يجوف الذي أزهق أرواح الملايين. والمفارقة ان الهيئة العسكرية للمحكمة ذاتها برأت ثلاثة من مساعدي بيريا من بعض الاتهامات التي حوكموا بها وخففت الاحكام بحق 18 منهم من الاعدام الى السجن 25 سنة. لكن عزاء أقاربهم كان بائساً، اذ نفذ حكم الاعدام فيهم قبل نحو نصف قرن واحرقت جثثهم.