قائد القوات المشتركة يستقبل نائب رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني    تحت رعاية خادم الحرمين ونيابة عنه.. أمير الرياض يفتتح منتدى الرياض الاقتصادي    الرياض تجمع أفضل فرسان العالم في «قفز الحواجز»    العدوان الإسرائيلي يستمر في غزة ويتراجع بلبنان    هل يخاطر بايدن بالسماح لأوكرانيا بضرب الأراضي الروسية    رئيس هيئة الأركان العامة يدشّن أعمال الملتقى الدولي الأول لضباط الصف القياديين    المجلس الدولي للتمور ينظم جلسة حوارية بمشاركة خبراء ومختصين عالميين .. الخميس المقبل    انطلاق النسخة الثامنة من منتدى مسك العالمي 2024 بمدينة محمد بن سلمان غير الربحية    نزع ملكيات في لطائف    التشهير بمواطن ومقيم ارتكبا التستر في نشاط العطور والأقمشة    إطلاق كائنات فطرية بمتنزه الأحساء    ورش عمل لتعزيز خبرات تقييم جودة التقنيات    من قمة العشرين.. بايدن يؤكد دعم إدارته القوي لأوكرانيا    الفضلي: المملكة عززت التعاون الدولي وعالجت تحديات الأمن الغذائي في «العشرين»    انعقاد الجولة الثانية من المشاورات السياسية السعودية - الصينية    نيابةً عن ولي العهد.. وزير الخارجية يترأس وفد المملكة في افتتاح قمة دول مجموعة العشرين    نائب وزير الخارجية يستقبل نائب وزير الخارجية الإيراني للشؤون السياسية    الشورى يطالب باستراتيجية شاملة لسلامة النقل    مكتبة الملك عبدالعزيز العامة تعزز السياحة الثقافية بمشروع وطني طموح    الفيتو الروسي يحبط وقف إطلاق النار في السودان    " طويق " تدعم شموع الأمل ببرامج تدريبية لمقدمي الخدمات لذوي الإعاقة    أمير تبوك يدشن مشروعات تنموية واستثماريه بالمنطقة    «عكاظ» تكشف تفاصيل 16 سؤالاً أجابت عليها وزارة التعليم عن الرخصة المهنية    محافظ محايل يرأس اجتماع لجنة السلامة المرورية    أمير حائل يطلع على مشروع التحول في منظومة حوكمة إدارات ومكاتب التعليم    علوان رئيساً تنفيذيّاً ل«المسرح والفنون الأدائية».. والواصل رئيساً تنفيذيّاً ل«الأدب والنشر والترجمة»    وزارة الثقافة تحتفي بالأوركسترا اليمنية في مركز الملك فهد الثقافي بالرياض    وزير الدفاع يلتقي حاكم ولاية إنديانا الأمريكية    أصول الصناديق الاستثمارية الوقفية ترتفع إلى مليار ريال    مستشفى الحرجة يُفعّل التطعيم ضد الحصبة و الأسبوع الخليجي للسكري    «الإحصاء»: السمنة بين سكان المملكة 15 سنة فأكثر 23.1%    رينارد يتحدث عن مانشيني ونقاط ضعف المنتخب السعودي    قسطرة قلبية نادرة تنقذ طفلًا يمنيًا بمركز الأمير سلطان بالقصيم    مستشفيات دله تحصد جائزة تقديم خدمات الرعاية الصحية المتكاملة في السعودية 2024    9300 مستفيد من صندوق النفقة خلال 2024    الكتابة على الجدران.. ظاهرة سلبية يدعو المختصون للبحث عن أسبابها وعلاجها    النسخة الصينية من موسوعة "سعوديبيديا" في بكين    سماء غائمة جزئيا تتخللها سحب رعدية بعدد من المناطق    حسابات ال «ثريد»    محافظ جدة يستقبل قنصل كازاخستان    كل الحب    البوابة السحرية لتكنولوجيا المستقبل    استقبال 127 مشاركة من 41 دولة.. إغلاق التسجيل في ملتقى" الفيديو آرت" الدولي    الأخضر يكثف تحضيراته للقاء إندونيسيا في تصفيات المونديال    مع انطلاقة الفصل الثاني.. «التعليم» تشدّد على انضباط المدارس    يا ليتني لم أقل لها أفٍ أبداً    موافقة خادم الحرمين على استضافة 1000 معتمر من 66 دولة    إحباط 3 محاولات لتهريب 645 ألف حبة محظورة وكميات من «الشبو»    الإجازة ونهايتها بالنسبة للطلاب    وزير الحرس الوطني يستقبل وزير الدفاع البريطاني    عدوان الاحتلال يواصل حصد الأرواح الفلسطينية    قلق في بريطانيا: إرهاق.. صداع.. وإسهال.. أعراض فايروس جديد    أوربارينا يجهز «سكري القصيم» «محلياً وقارياً»    الخليج يتغلب على أهلي سداب العماني ويتصدّر مجموعته في "آسيوية اليد"    «القمة غير العادية».. المسار الوضيء    أعاصير تضرب المركب الألماني    المكتشفات الحديثة ما بين التصريح الإعلامي والبحث العلمي    دخول مكة المكرمة محطة الوحدة الكبرى    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لجنة الامتحان ضمّت طه حسين وجورج أبيض وأول دفعة كانت من 20 طالباً . كيف خاض زكي طليمات معركة 1930 التي انتهت بإغلاق أول معهد للتمثيل في مصر والعالم العربي؟
نشر في الحياة يوم 09 - 05 - 2000

في أيلول سبتمبر عام 1930 أعلنت وزارة المعارف في مصر عن إنشاء معهد التمثيل العربي، فتقدم الى الامتحان 288 طالباً بينهم 117 من حملة الشهادات العليا والبكالوريا و39 طالبة بينهم ثلاثة من محترفات التمثيل.
تشكلت لجنة امتحان طالبي الالتحاق في المعهد برئاسة محمد أحمد العشماوي بك سكرتير عام وزارة المعارف، وعضوية الدكتور طه حسين عميد كلية الآداب، والكاتب المسرحي إبراهيم رمزي بك، وزكي طليمات استاذ الإلقاء والإخراج، وجورج أبيض مدرس فن الإلقاء.
وفي تشرين الأول أكتوبر أعلن عن اختيار 20 طالباً وعشر طالبات، وكان من بين الطلبة خمسة من حاملي الشهادات العليا، ومن بين الطالبات خمس يحملن شهادات مدرسية. أما الطلبة فهم: ابراهيم عزالدين، وأحمد حسين البدوي، وأحمد محمد فرج النحاس، واسماعيل نظمي أمين، وحسين حسين عفيفي، وحسين محمود حسن، وصالح ابراهيم، وعبدالحميد الطلياوي، وعبدالسلام النابلسي، وفهمي حنا، وعبدالفتاح حسن محمد، وعبدالفتاح عزو، ومحمد أحمد شاكر، ومحمد أحمد تقي شمس الدين، ومحمد طلبه عزمي، ومحمد عزت القرماني، ومحمد عبدالقدوس، ومحمد أحمد الغزاوي، ومحمد ابراهيم ابو داود النجار، ويوسف فهمي حلمي.
وأما الطالبات فهن: إحسان محمود عفت الشريعي، وجميلة مندور، ودولت عزت، ورفيعة السيد أحمد الشال، وفوزية محمد علي خالد، وزوزو حمدي الحكيم، وفاطمة راشد عبدالرحيم، وفاطمة محمد، ونعمات بولس، ونفيسة سيد.
كان الأول في امتحان القبول عبدالسلام النابلسي اللبناني الوحيد في المعهد، وكانت الأولى فوزية خالد التي عرفت بعد ذلك باسم روحية خالد، أما الأولى في امتحان النقل من السنة الأولى الى السنة الثانية عام 1931 فكانت زوزو حمدي الحكيم، ولكن لم ينتقل أحد الى السنة الثانية بسبب إغلاق المعهد، وهو كان أول معهد تمثيل حكومي في تاريخ مصر.
كان إنشاء معهد التمثيل العربي عام 1930 وإغلاقه عام 1931 معركة كبرى من معارك التنوير، وكانت زوزو حمدي الحكيم بطلة هذه المعركة على رغم أنها التحقت بالمعهد مع تسع زميلات تم اختيارهن من بين 39 سيدة وفتاة تقدمن لامتحان القبول. وقد تابعت مجلة "العروسة" معركة معهد التمثيل متابعة اسبوعية دقيقة من خلال محرر باب "أخبار المسارح والملاهي" والذي كان يوقع بالحروف الأولى من اسمه الأول "جيم"، ولم نستدل عليه مع الأسف. وفيما يلي ما نشرته المجلة عن هذه المعركة حسب تواريخ النشر ووفق اللغة والأسلوب المعتمدين آنذاك:
أولاً: عام 1930:
* 8 تشرين الأول أكتوبر 1930..
"من دواعي الغبطة أن يكون مشروع "المعهد التمثيلي العربي" قد انتقل الى حيز التنفيذ وأنه لم يعد كما كان الى الآن حبراً على ورق. والفضل كل الفضل في ذلك إلى المهمة التي أبداها الاستاذ زكي طليمات الذي ما فتئ منذ عودته من أوروبا يرفع التقرير تلو التقرير والمذكرة على إثر المذكرة لحمل ولاة الأمور على تنفيذ هذا المشروع الجليل الذي يعد خطوة جديدة إلى الأمام في مضمار الرقي وميدان الفنون الجميلة.
ويسرنا كما يسر كل محب لفن التمثيل أن يكون الإقبال على الالتحاق بالمعهد التمثيلي قد بلغ الحد الذي نعرفه. فإن عدد الطلبات التي قد رفعت الى سكرتارية المعهد قد بلغ 150 طلباً تقريباً بينها بضع طلبات من أوانس مصريات وبنات الأسر المعروفة.
ولا يسعنا إلا أن نوجه كلمة ثناء على صفحات هذه المجلة التي تعني عناية خاصة بالشؤون النسائية الى اولئك الأوانس الكريمات اللواتي خطون هذه الخطوة الجريئة، وهي خطوة نرجو أن تكون مثمرة وأن تشجع غيرهن من بنات الأسر على الالتحاق بهذا المعهد الذي يرمي الى أغراض فيما ما فيها من الخير لمصر والمصريين.
وسنأتي في عدد قادم على ذكر الفوائد التي تعود على الفتيات من الالتحاق بالمعهد التمثيلي، ليس فقط من وجهة "التمثيل" فحسب بل من وجوه أخرى كثيرة".
* 15 تشرين الأول 1930:
"عندما يصل هذا العدد الى أيدي القراء يكون المعهد التمثيلي قد فتح أبوابه بعد الانتهاء من امتحان المتقدمين للالتحاق به. وهكذا يصبح ذلك الحلم الذي طالما علل أنصار التمثيل أنفسهم به حقيقة ملموسة، وجل ما نرجو هو أن يكون النجاح حليف القائمين بأمر هذا المعهد الجليل.
ولا بد هنا من الإشارة الى موقف أصحاب الفرق التمثيلية ومديريها تجاه المعهد التمثيلي منذ أن بدأت فكرته تختمر في الرؤوس الى هذه الساعة التي اصبح فيها المشروع نافذاً، فقد حاربه مديرو الفرق ولا يزالون يحاربونه. وقام من بينهم من سمح لنفسه بأن يطعن في كفاءة الاستاذين اللذين عينتهما وزارة المعارف للتدريس فيه. ولسنا نعلم السبب الذي حمل أولئك المتهجمين على سلوك هذا المسلك تجاه مشروع قامت الحكومة بتنفيذه خدمة للفن وللمسرح المصري والممثلين المصريين. فماذا يخشى مديرو الفرق من المعهد والقائمين بأمره؟ وما سبب ذلك الرعب الذي استولى عليهم وافقدهم رشدهم فخرجوا عن جادة الصواب؟ أيضرهم أن يكون في مصر معهد للتمثيل، يرفع هذا الفن الجميل الى المستوى اللائق به، ويوجد في مصر رهطاً من الممثلين المتعلمين القديرين، ويضع حداًَ للفوضى التي تضرب اطنابها في أرجاء المسرح المحلي، ويدخل عنصراً "نظيفاً" في وسط يؤلمنا أن نقول عنه أنه ملوث موبوء؟ أم أنهم يخشون زوال سلطتهم وإنهيار طغيانهم، لأنهم يريدون أن يظلوا الحاكمين بأمرهم، المتحكمين برقاب الممثلين؟
لسنا ندري في الحقيقة ما هو شعورهم وما الذي يدفعهم الى وقوف هذا الموقف العدائي نحو المعهد التمثيلي، وتطاولهم على الاستاذين جورج أبيض وزكي طليمات وبقية المدرسين في المعهد، لكننا لا نستطيع إلا أن نؤاخذهم على هذا التطاول وذلك الموقف. ولو كانوا يريدون حقيقة خدمة الفن كما يدعو، ويسعون الى رفع مستوى التمثيل كما يقولون، لكان موقفهم غير هذا، ولكانت لهجتهم في أحاديثهم واقوالهم غير ما نسمع ونقرأ غير أن المعهد قد فتح الآن أبوابه، ولا نعتقد أن حملات المغرضين أو الموتورين من شأنها أن تؤثر في سيره".
* 22 تشرين الأول 1930:
"إلى حين كتابة هذه السطور كانت لجنة الامتحان للمعهد التمثيلي قد انتهت من الشرط الأول من عملها فوقع اختيارها على ماية أو أكثر من الثلاثماية طالب وطالبة الذين تقدموا للامتحان إذ وجدت فيهم المؤهلات الكافية لقبولهم في المعهد، لكن هذا العدد فوق المطلوب، ولا بد من اختيار ثلاثين أو اقل من اولئك الماية الناجحين لإلحاقهم بالمعهد كطلبة، وعندما يصل هذا العدد إلى أيدي القراء تكون اللجنة قد انتهت من الشطر الأخير من عملها واختارت الثلاثين من الطلاب بينهم الأوانس اللواتي نجحن في الامتحان.
ونغتنم هذه الفرصة لتهنئة الاستاذ زكي طليمات الذي يرى الآن ثمرة مجهوده ماثلة للعيان بعد أن ظل سنوات يعمل في سبيل إنشاء هذا المعهد الجليل وظل مثابراً على جهاده غير مبال بالصعاب والمعاكسات حتى كلل النجاح مسعاه وأصبح المعهد التمثيلي حقيقة واقعة ملموسة، وجل ما نرجو أن يظل النجاح حليفه مع زملائه الأفاضل الذين أخذوا على عاتقهم إعطاء الدروس في مختلف فروع هذا الفن الجميل.
* المعهد الأهلي:
وعلى ذكر المعهد التمثيلي الرسمي الذي فتحته الحكومة، نرى أن لا بد لنا من الإشارة إلى عمل فردى آخر، جليل الشأن أيضاً، يقوم به فريق من أنصار فن التمثيل فقد رأى هذا الفريق أن المعهد التمثيلي الحكومي لن يكون كافياً لجميع الطلاب الذين يرغبون في درس هذا الفن الجميل وأن الإقبال على الالتحاق به كان عظيماً وفاق ما كان منتظراً، وعليه قر رأي الجماعة على تنفيذ مشروع قديم كان قد فكر فيه أحد انصار التمثيل المعروفين وهو الاستاذ عبدالرحمن حمدي، الذي نذكر أنه حاول مراراً إنشاء معهد لدراسة فن التمثيل لكنه لم يلاق التشجيع الكافي فاضطر الى العدول عن فكرته. أما الآن فإن الظروف قد تغيرت، ورأى الاستاذ أن تنفيذ مشروعه القديم أمر مستطاع، فكوّن لجنة لهذا الغرض، على رأسها سعادة محمد فاضل باشا، لإنشاء "معهد التمثيل الأهلي" وإنشاء فروع له في أنحاء القاهرة، وبدأت اللجنة تعمل في هذا السبيل كيلا تضيع الفرصة على مئات الشبان الذين لم يتيسر لهم دخول المعهد الحكومي، وسنوافي القراء بسير هذا المشروع المفيد..".
* 29 تشرين الأول 1930:
واليوم "برده يرجع مرجوعنا" للمعهد. ولست أدري كيف يوجد في الأوساط التي تدعي أنها "فنية" ونصيرة التمثيل وعاملة لرقيه، من يرفع صوته أو يشحذ قلمه للنيل من هذا المشروع والطعن في القائمين بأمره. أقول إن المشروع جليل، وأن الجمهور كان يحبذ فكرة تنفيذه، وهو الآن يصفق لذلك التنفيذ وقد صار حقيقة ملموسة، وكانت الحكومات التي تعاقبت في مصر جميعها، على اختلاف نزعاتها السياسية، ترى فيه الطريقة الوحيدة لإنقاذ التمثيل من الفوضى والنهوض بهذا الفن الذي نسميه "مدرسة الشعب".
وقد اهتم بهذا المشروع الوزراء ووكلاؤهم وسكرتيرو الوزارات ولجنة الفنون الجميلة، وقامت الدنيا وقعدت، وخصصت الصحف أعمدة طويلة عرضة من صفحاتها للثناء على أصحاب هذه الفكرة وأنتهت هذه الضوضاء بأن فتح المعهد، وحلت العقدة، وكل عام وأنتم بخير.
فأية ذبابة تلسع الغاضبين، وأي شعور يدفع الناقمين، لكي ترتفع أصواتهم المزعجة الآن، وينبري أنصارهم واذنابهم من حملة الأقلام، فيسمعوننا عويلهم ونواحهم بعد أن قضى الأمر وله مرد له؟
إنني أحاول أن أقف على سبب لهذه الحملة التي يحاولون إثارتها على المعهد، وأن أجد تلك الذبابة التي تلسعهم، وأن أدرك الشعور الذي يدفعهم فلا أجد ولا أرى ولا ألمس غير "الغرض" الذي يعمي ويصم ويفقد الصواب.
هذا "أستاذ" كان يعترف له الجمهور بالنبوغ لكن نبوغه مقرون بالغرور فهو يعتقد أن الرجل الوحيد الذي يصلح لإعطاء الروس في المعهد هو هو لا غيره! لكن الوزارة لم تحسب له حساباً فقامت قيامته عليها وأصبح المعهد في نظره لا يساوي شيئاً ما دام هو بعيداً عنه.
وهذا صاحب فرقة تمثيلية يأمر وينهي كما يشاء فإذا قامت في الغد فرقة حكومية أو تخرج من المعهد فريق من الممثلين والممثلات الذين سيكونون بلا شك أرقى وأنظف من الممثلين والممثلات الذين نراهم الآن يتبخترون على المسرح. إذا حدث كل ذلك فإن صاحب الفرقة سيفقد بلا شك جزءاً من مكانته، ويضطر أن يخفض من كبريائه وصلفه وتحكمه: وهذا ما لا يريده.. وهذا ما يجعله حانقاً على المعهد والقائمين بأمره!
وهذا كويتب من أولئك الذين نكبت بهم الصحافة في هذه الأيام التي تعرض فيها الأقلام للبيع بأبخس الأثمان، نراه يضع قلمه رهن إشارة اولئك الناقمين الغاضبين، مقابل.. مقابل اشياء نربأ بقلمنا هذا أن نشير اليها، فيطعن ويسب ويشتم ويتطاول على اشخاص كل ذنبهم أنهم يحاربون الفوضى ويعملون لإقامة التمثيل الصحيح على صرح متين!. وهذا أحد العاطلين الذين يرتزقون من فضلات الفرق واصحاب الفرق، يرى مناصرته لهم تبقي باب الرزق مفتوحاً أمامه، فينطلق في الشوارع ويجلس في المقاهي مندفعاً في التشهير بهذا أو التملق لذاك.
فأف وألف أف لهذا!، ولعنة الله على وسط مثل هذا الوسط، لا ينمو في تربته غير الضغينة والحسد والحقد والغرور والدسائس والكذب والنفاق!
وعفواً إذا كان هذا الكلام إجمالياً يتناول الجميع بالرغم من أن بينهم من لا يستحقه، لكن الاقلية تذهب ضحية الأكثرية وبجريرتها. وما نشاهده اليوم من أعمال ونسمعه من اقوال في محاربة المعهد التمثيلي الجليل، والنيل من القائمين بأمره وهم صفوة رجال الفن والأدب، يجعل القلم يشمئز ويجمح.
وهذا كله يجعلنا من ناحية أخرى نضرع إلى الله أن يأخذ بأيدي العاملين في سبيل هذا المعهد لكي يصلوا إلى ما يصبون إليه - ونصبوا إليه معهم - من القضاء على هذه الفوضى وإنقاذ التمثيل من الهوة التي يسيرون إليها.
* 5 تشرين الثاني نوفمبر 1930:
عندما يصل هذا العدد الى أيدي القراء تكون الدروس قد بدأت في المعهد التمثيلي تنفيذاً للبرنامج الذي وضع بعد البحث والفحص والتمحيص فعلى بركة الله هذه السفينة التي تسير بالتمثيل الى شاطئ السلامة. وقياماً بالواجب المفروض علينا نحو هذا الفن الجميل الذي نراه "جميلاً" بالمعنى الصحيح وخالياً من الأدران التي تفسده وتشوهه، نتعهد من الآن بأن نطلع القراء على ما يجري في المعهد وعلى سير العمل فيه بدقة وانتظام. حقق الله الآمال التي نضعها في القائمين بأمر هذا المشروع الجليل.
* 26 تشرين الثاني 1930:
ساعدنا الحظ وشهدنا الدروس التي تعطى لطلاب معهد التمثيل فأيقنا أن النجاح سيكون نصيب هذا المشروع الجليل وأن الفوائد التي ترجى منه لن تلبث أن تبدو ظاهرة بينة محسوسة. ولا يسعنا بهذه المناسبة إلا أن نشير بالإعجاب إلى دروس الاستاذ زكي طليمات الذي يلقي على الطلبة الآن شبه محاضرات عن الإلقاء واساليبه واصوله بطريقة مبتكرة لم يألفها التلاميذ في مصر، بحيث أن طلبة المعهد سيكونون عما قريب ملمين بدقائق هذا الفن - فن الإلقاء - ويستطيعون أن يطبقوا عملياً المبادئ التي يتلقنونها الآن من استاذهم النابه، ولا شك في أن طريقة الاستاذ زكي طليمات في تعليم الطلبة فن الإلقاء هي خير وسيلة مؤدية الى النجاح المنشود، فإن جميع الممثلين الذين نراهم الآن على مسارحنا قد تعلموا الإلقاء بالتمرين فقط، دون أن يلموا بشيء من اصوله ومبادئه وقواعده، وهذا ما يجعلهم بعيدين عن الكمال الذي نحلم به.
* 3 كانون الأول ديسمبر 1930:
من القرارات السديدة التي اتخذتها وزارة المعارف فيما يتعلق بالمعهد التمثيلي القرار الخاص بتعليم اللغة الفرنسية للطلبة والطالبات فإن هذه اللغة هي الآن بلا شك أغنى لغات العالم بالأدب المسرحي والملمون بها هم في آن واحد ملمون بآداب المسرح في جميع اللغات لأنه لا يوجد مؤلف قيم عن المسرح إلا وقد نقل الى اللغة الفرنسية بعكس اللغات الأخرى التي لا يتسع أدبها المسرحي لإحتواء كل طرائف الفن كاللغة الفرنسية، ونحن نهيئ أصحاب هذه الفكرة كما إننا نهنئ الطلبة والطالبات أيضاً لأن هذا القرار يضاعف الفائدة من التحاقهم بالمعهد والثقة في نجاحهم وتوفيقهم.
ثانيا: عام 1931:
* 8 تموز يوليو 1931:
تابعت "العروسة" النشر عن معهد التمثيل ابتداء من هذا التاريخ في إطار باب "أخبار المسارح والملاهي" ولكن بتوقيع "مظهر" أو "حسن مظهر"، ومن المؤكد أنه يختلف عن "جيم" الذي كان يوقع الباب قبل ذلك لأن اسم حسن مظهر ليس فيه حرف جيم من أوله إلى آخره.
وقد استهلت "العروسة" النشر عن معهد التمثيل العربي عام 1931 بالإشارة الى معركة زوزو حمدي الحكيم مع يوسف وهبي، ومن الواضح أنه كان الفنان الكبير الذي يهاجم المعهد في متابعات "جيم" في إطار الصراع "التقليدي" الذي استمر سنوات طويلة بينه وبين زكي طليمات، ومن الواضح أنه بينما خشى "جيم" الإشارة الى يوسف وهبى بالاسم، وكانت له سطوة كبيرة، دخلت زوزو حمدي الحكيم المعركة ضد يوسف وهبي بالاسم، وبعنف، دفاعاً عن معهدها وعن استاذها زكي طليمات، وفيما يلي نص ما نشرته "العروسة" في 8 تموز 1931:
يظهر أن المسلك الذي سلكته طالبة معهد فن التمثيل الآنسة زوزو حمدي الحكيم في ثورتها على الاستاذ يوسف وهبي لم يرض الكثيرين، وقد أحدثت رسالة أحد المتحمسين التي نشرناها في هذا العدد دوياً هائلاً جاوبته الاضعاف المضاعفة من الأصداء. ويتجلى ذلك من كثرة الآراء التي ترد إلينا يومياً وتتحد جميعها في وجهة رأي الأديب "ق".
ونحن نعتذر الآن لأرباب الرسائل عن إغفالنا لنشرها مكتفين بما سلف ذكره راجين أن لا يتكرر وقوع مثل ذلك من أي عضو من أعضاء الأسرة المسرحية، ولقد نشرنا صورة للطالبة زوزو بالعدد الماضي لإخراس ألسنة الشر التي رمتنا بممالأة الاستاذ يوسف وللدلالة على حيادنا التام وعلى أن غرضنا ما هو إلا تشجيع الحركة التمثيلية وحمايتها من معاول الهدم في الوقت نفسه.
ولعل ما أصاب زوزو حمدي من تبكيت الضمير على تهورها السابق ومن معاقبة الصحف لها خير شفيع لتناسي ما وقع والسير في طريق طيبة تهدى الى الوئام والسداد لا إلى التشاحن والاحقاد.
* 22 تموز1931:
بات معهد فن التمثيل اليوم تحت رحمة قرار وزاري وشيك الظهور، وهذا القرار الذي ما فتئ موضوع تمحيص وزارة المعارف واهتمام الصحافة، وفزع الكثيرين قد آثار نزاعاً بين الكتاب. ففريق منهم يطالب ببقاء المعهد على حاله الماضي دون تغيير أو تبديل في نظامه، وفريق آخر ينادي بوجوب تحكيم الحزم في الموضوع ومراعاة مصلحة الدولة المالية قبل الاعتبارات الأخرى.
والغريب أن كل ما استند عليه الفريق الأول - انصار المعهد - في دعايتهم هو مجرد الفاظ الضراعة والتوسل الى المولى تعالى ووزير المعارف أن يبقى المعهد.. غائلة القرار المقبل! ولم يقصروا كفاحهم على الفاظ الاسترحام والتغني بمدى أهمية المعهد في بث الثقافة والتهذيب، بل تطرقوا الى الافتراء على ذوي الرأي والفكر الآخر بغير ما سبب، اللهم إلا لاختلافهم معه في اتجاه الغرض.
وكان الله شاء بهذا الصدام المكشوف أن تطالع الوزارة منه نيات المنبرين للدفاع اللاذع فتضيف صفحة جديدة الى ما عندها في سجل المعهد! وهؤلاء الذين سنوا أقلامهم وشحذوا قرائحهم لتدعيم غايتهم وسلق من تحدث نفسه بإذاعة مقال أو معتقد يهدي الحكومة الى ضوء الحقيقة كلهم تظللهم سحابة المعهد ويرتبطون به أما عن طريق التعليم أو التأليف أو المخادلة. ولذا فهم لا يستشعرون تبكيتاً في تغافلهم عن المخازي الأخيرة وفي تجاهلهم ما يجره بقاء المعهد بحالته الراهنة على بلادهم من إحراج وأرزاء مالية أو في اجترائهم على مهاجمة الكتاب في عقائدهم ومنهم رؤساء تحرير الصحف المحترمة، يستحلون كل ذلك ويجرؤون على إتهام غيرهم أنهم.. الصنائع الجهلة الضعفاء.
لقد كنا نرحب بنظرات حضراتهم إذا اتحدت معنا في تعديل نظام المعهد ولو من ناحية واحدة منه ولكن تشبثهم بوجوده قاصراً على تخريج الممثلين والممثلات بحيث تعدم الأسرة المسرحية فؤائده ويحرم كبار الممثلين من الاشتغال فيه أسوة بزميلهم طليمات وأبيض ويوقع الحكومة والمسارح في ارتبكات مالية مستقبلة. فهذا ما لا نشايعه ولا نقره بحال.
أما الثقافة التي يتمسكون بها فهي ثابتة وان ذهب المعهد بل ربما جاءت أهم شيوعاً بالنظام الجديد. فإلغاء المعهد ليس معناه حرمان المسرح من ممثلين وممثلات على دراية بالأدب والفن المسرحي ولا تعطيل حركة نقل الروايات الغربية المهمة الى العربية أو شل تقدم المؤلف المصري وعدم منح الفرق أعانتها.. لا.. فهذه غايات تحرص على تنفيذها الحكومة وتنفق من أجل تحقيقها بجود وسخاء، وإنما معناه إنما النهضة المرجوة بأمضى وسيلة ومنع القيل والقال ووقف ضياع المال سدى، وهذا ما يتمناه كل محب للفن والاصلاح.
* 29 تموز1931:
لم يجد جديد في شأن معهد فن التمثيل، وغاية ما انتهى الينا وتداولته الصحف فوق ما أوردناه سالفاً هو حذف منهاج الرقص التوقيعي واتجاه عزم الوزارة الى فصل بعض الطلبة والطالبات وحرمان العنصر النسوي من الدراسة بتاتاً. وذلك ما يبعث على شيء من الارتياح. أما الهدف الأساسي الذي قصدناه في صيحاتنا المتواترة مدلين بالكثير من الآراء عليه والذي آزرتنا فيه بعض الصحف الكبرى المحترمة وعلى رأس قائمتها "المقطم" الأغر، وهو تعطيل نظام المعهد الراهن القاضي بخلق سرب حاشد من أهل التمثيل في المستقبل يضيق به ذرع المسرح، ما يؤدي الى عواقب ضارة يصحبها في الغالب الندم والفوضى.
على أننا نرى أن المسألة ليست من التعقيد والأشكال كما صورتها أوهام بعض الكتاب بل هي لا تتعدى في مبناها ومرماها عن حد واضح قد يعرفه كل ذي نفس تغار على مصلحة البلاد العام وتفضلها على المصالح الفردية الذاتية، والوزارة الآن جادة في فحص لب الموضوع في جو آمن بالتعقل والبصيرة متخذة من المراجع والوقائع التي بين يديها خير ما يهديها الى أحكام وأحزم قرار يهيئ السلام ويوجد التفاول العام.
ومما يجمل ذكره في هذا الصدد إننا التقينا بأحد كبار موظفي المعارف ولدى استطلاعنا لرأيه عن المعهد وعن مصير تهالك الكتاب في الدفاع عنه. أجابنا أن كل شغب يرمي به - المتحمسون للمعهد - إلى تركيز بنيان غرضهم لهو مما يفل من ذلك البنيان ويجعل الوزارة تحدق الى الضوضاء بمنظار مجسم ينزع النقاب عن أمور ما زال يلابسها الغموض. وهذه الأمور الخافية التي أظهرت بعضها الأيام غرست البواعث المريبة الأولى في الوزارة فدفعتها إلى التفكير بإلغاء المعهد في حين لم تكن تجول تلك الفكرة بخاطر مخلوق ما. ومن المحتمل جداً لو أتاحت الاقدار لمعالي وزير المعارف إنكشاف ظاهرة جديدة من ظواهر الخفاء يجرها الصراع الغريب الذي نلمحه اليوم - لاصدر معاليه القرار الحكيم المريح لبلاده من كابوس رهيب خلقته ظروف الامس فسحق المال والاخلاق وبذر الحيرة والمشادات.
فالمال وإنفاقه الكثير على مصادر المعهد الحالي وما قد ينجم من مضاعفته في الغد فهذا شيء واقع ملموس، والاخلاق وتدميرها تحت أهواء الطالبات وحضرات، وتلويث سمعة الوزارة والبلاد فهذا ما وقفنا عليه لحسن الطالع اخيراً قبل ان يستطير شرره، والحيرة المقبلة وما سيعتور الحكومة من القلق والارتباك في استخدام جيش خريجي المعهد وتوسيع نطاق المسرح وما يتبع ذلك من شؤون فهذا ما لا يمكن لشخص التغافل فأمامنا الآن برهان قائم بل براهين تؤيد ما نذهب إليه، فلا كان المعهد ولا كانت ثقافته المحدودة التي نستخلصلها منه إذا استحالت الحال الى الكارثة التي دهمت اخلاقنا اليوم والتي لا شك ستدهم المال والطمأنينة في الغد!!. فيجب علينا إذن ان نستفيق لإبادة هذا الكابوس او للعمل على كسر سطوته بتعديل نظامه قدر المستطاع ومن الاباء الادبي أن لا ينزوي الكتاب اتقاء لاقلام انصار المعهد المنبثين في اغلب الصحف، فالواجب يطالبنا برفع اصواتنا عالية محبذين العدول عن المعهد بإلغائه وفتح قاعة المحاضرات والترحيب بكل فكرة من شأنها تحقق الغايات المنشودة.
وبلادنا ولله الحمد ليست في حاجة صارخة الى كثرة المسارح كما يتقول البعض ولعل فيما تلاقيه دور التمثيل من الملمات المالية ما يوقفنا على المغبة المباشرة لتضعيف المسرح وامتداد فروعه. وإنما كل ما في الامر ان مسارحنا مفتقرة بعض الافتقار الى تهذيب الفن التمثيلي بها، وتثقيف ادراك الممثلين والممثلات. ومن الميسور إصابة ذلك عن طريق وادع مختصر لا عن طريق صاخب مديد، وأملنا وثيق في معالي وزير المعارف الجليل بنهو الموضوع من الوجه الاتم المرغوب.
* 5 آب أغسطس 1931:
اشرنا في كتاباتنا السالفة عن المعهد أن هناك خلافاً في وجهة نظر الكتاب إزاء المعهد التمثيلي والاسباب الحافزة على ضرورة تعطيله، وأن هذا الخلاف الناشب سلك سبيلاً وعراً محفوفاً بالمناجزة الغير مشروعة، وللاسف الشديد أن السنة التي استنها انصار المعهد في جدلهم ودفاعهم فاحت وخامتها وسرت عدواها الوبيلة الى بعض الاقلام، وكان ان صدرت "مجلة الراديو" الاسبوعية بمقال في هذا الصدد تحت عنوان - مهزلة المعهد التمثيلي - ضمنته تصريحات جريئة خطيرة سبق أن اشارت اليها بعض الصحف.
ويظهر أن هذه الحملة كانت شديدة الوطأة على المعهد الوليد فقامت قيامة طالباته وانصاره، وانبرى طالبان من صفوف الطلبة العديدين، ورفعا الامر الى القضاء!.
وكلمتنا في الموضوع نشير بها الى تكل الصحف التي جهرت بالامس بما يؤاخذ به غيرها اليوم والتي كان أولى أن توجه القضايا إليها من حين بعيد، وفي حوزتنا الآن مقالات متنوعة اذاعتها جرائد متعددة تنطق سطورها بصورة مشابهة لما نشرته مجلة "الراديو" او تنم عن مرمى لا يخفى على قارئ.
على أننا نذكر انه ليس من العدل والصواب أن تجيء القضية مشتركة بحيث لا تعفي زمرة ويؤخذ فرد، مع أن الجميع سواسية في نوع الفعل ومسؤوليته؟! إذا كانت هناك مسؤولية حقيقية وكان الاتهام لا يفتقر الى اثبات..
ونحن الآن نأسف لوصول الامر الى دور القضاء، ونأمل ان تكون هذه الحادثة حداً فاصلاً بين النور والظلام، أما المعهد فقد بتتت الوزارة بشأنه في قرارها الحكيم الصادر في 3 الجاري ومؤداه الغاؤه نهائياً واستبداله بقاعة المحاضرات.
* 12 آب 1931:
صدر قرار الوزارة القاضي بتعطيل المعهد واستبداله بقاعة للمحاضرات في لحظة كان فيها العدد الماضي من "العروسة" ماثلاً للطبع فاضطررنا الى الاكتفاء بالاشارة اليه دون أي تعليق.
واليوم وقد أفلت شمس المعهد بعد عام قضاه سعيرها في التهام المال والوقت والاخلاق مما لا ارى موجباً لتكراره والعودة اليه، فأي شيء يسوقنا القلم الآن؟ يسوقنا الى قرار الوزارة والى قاعة المحاضرات.
فالقرار يشير بصراحة الى ان الوزارة لم تر بداً من تحطيم نظام المعهد حرصاً على مصلحة البلاد وسمعتها الاجتماعية، وإن وجود المعهد التثميلي بحالته السالفة كان ضربة داهمة على التقاليد والعادات المرعية في البيئة المصرية، وعلى الاخلاق أيضاً!.
فكان لزاماً على وزارة التربية والاخلاق أن يهب للقضاء على ما لحق البلاد من رزء وشر، ففكرت طويلاً وبحثت كثيراً وعلى ضوء الروية والحزم طلع علينا القرار صارعاً لتلك الادواء الملتصقة بجسد البلاد باسم التربية والفن، كافلاً في الوقت نفسه للثقافة والتمثيل جل ما يتوخاه المصلحون.
ومن يطالع أقوال الوزارة يتجلى له الغرض الساطع النبيل الذي رمت اليه في قرارها الوارد فيما يلي:
أولاً: ضرورة العمل على تشجيع الفرق التمثيلية للنهوض بعملها، وايفاد البعثات العلمية الى الخارج لدراسة الفن وتشجيع التأليف والتعريب المسرحي.
ثانياً: تغيير نظام المعهد الراهن واستبداله بنظام الاستماع الذي يحقق الغاية نفسها من غير أن يجر الى مساوئها فيستطيع الممثلون الحاليون وغيرهم من اعضاء النوادي الفنية الاختلاف اليه والاستفادة من دروسه بعد جعله قاعة للمحاضرات في الفنون المسرحية وهي تاريخ الادب المسرحي والإلقاء وحرفية المسرح واللغة العربية، ويلغي تعليم الألعاب الرياضية والرقص التوقيعي وحمل السلاح وغيرها من المواد التي أثارت انتقاد الجمهور.
وستعقد للمستمعين في نهاية كل عام مباراة عامة يمنح الناجح فيها جائزة تكون بمثابة شهادة له بتفوقه في الفن المسرحي.
فهل في كل هذه الاقوال ناحية واحدة يمكن للناس الأخذ عليها؟ وأليس من شواهد الاغراض الوصولية النكراء ان نسمع صوتاً رجعياً يرتفع بمناوأة القرار وتسفيه فكرة قاعة المحاضرات وبأنها ستكون داراً يطرقها - كل من هب ودب - في عماد الدين؟!
وأليس من المدهش المضحك ان تتبجح بعض الاقلام بقولها إن الفائدة الفنية قضي عليها بحيث لا يقدر لها رجوع الا برجوع المعهد! لقد يكون لهم العذر في هذيانهم، لأنهم اصيبوا بما لم يكن في الحسبان فباتوا يهرفون وأقاموا الدليل على غرضهم المستتر وهم لا يدرون؟...
* ناقد مصري.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.