راحٌ وروحْ... في ليلةٍ قصدا حمى وتسربلا بالليل خوفَ الرّاصدينْ ماذا هناك؟ سوى الأنين.. سوى العناق.. وألفِ قُبّرةٍ تنوحْ حملت أضالِعُها السُفوحْ والرِّيحُ تُعوِّل في حشاها.. والطوالُ كأنها نخل لعبدِ القيسِ موسومُ الجباهْ نبَذتهُ - لكن بعد حينٍ - بالعراءْ لولا تُسبِّحُ يا حزينْ لولا الدّعاءْ لولا المقوّسُ من جذوعٍ والمكوّرُ من ثمارْ ما عانَقت عيناكَ أضواءَ النهارْ ولبثتَ في فلكِ الرّحى العملاقِ تصرخُ: أيْ نارْ *** راح وروحْ... في ليلةٍ قصدا حمى وتسربلا بالليل خوفَ الرّاصدينْ! ماذا هناك؟ سوى الشّفاهِ على الشّفاهْ يا بَردَ هذا الشّهدِ.. خذْ وطني إليكَ أدّبهُ.. قد ينسى أساهْ ثم اسع سعيكَ في القفارِ وصُبّهُ في كل باديةٍ أناخَ بها الرُّعاةْ.. ضرَبوا القِباب على مواجِعها وناموا.. علّ الغفاةْ إذ يصبحونْ يجدونه نمراً ييمّمُ وجهه شطرَ السوادِ فيركوضونْ.. مسخاً.. فمسخاً.. يركضونَ إلى الضّفافْ عمتم صباحاً يا عراةْ الغسلُ أبردُ ما يكونْ.. الغسلُ أطهرُ ما يكونْ.. الغسل أبرأُ ما يكونْ.. ما استفردت كفّاه إلا ثَديّ باسقةٍ تعيشُ على الكفافْ للتوِّ صلّت ركعتينْ في كلّ واحدةٍ تكبِّرُ أربعاً وتسبّحُ الزلزال..يا قدحَ القيامةِ.. طائر النارِ الذي زجرت خطايانا لقد نفر العراة الى المخاصبِ طوِّفوا بالنخل واحتطبوا نصبوا محاريبَ الخطيئةِ خلفَ دولاب الكرومِ ونحنُ ما زالت أناملُنا على الحصباءِ تفرزُ رقشَها للرّجمِ يا قِدْحَ القيامةِ.. طائرَ النار الذي زجرت خطايانا تمطّى صُلب هذا الليلِ.. أردَفَ.. ثم ناءَ.. وشارفَ الميقاتْ.. علّق فوق ناصيةِ الدُّجى الأجراسَ نحن مضمِّروا أفراس عزرائيلْ من يأتونَ للميقاتِ أفواجاً زرافاتٍ ووحدانا.. سنُحرِمُ في سرابيلٍ من القطرانْ نسرجُ خيلَنا بالبرقْ نترعُ عن ثنايا وجها المجذومِ وجهاً كان يثملُ بالمعتّقِ من رزايانا.. ونصهلُ.. نصهلُ.. قد أطلّ الفجرُ فاسعي في مناكبنا جيادَ الرُّعبْ ها هي ذي تصيرُ الريحُ قابِلةً وها قد أولَدَ النّيروزُ آلافاً من الخيّالةِ الآتينَ من رحِمِ المخاض المرْ يرتجزونْ: بلون أجنّةِ اللهبِ وُلِدنا ساعةَ الغضبِ لأخضرّ ذي ندى تربٍ وأحمرَ ذي شجىً تعِبِ لنا وجهان: ذو سغبٍ الى الجُلّى وذو طرَبِ وها هم يذرعونَ الوقتَ من سَحرٍ إلى سحرٍ.. ومن كهفٍ إلى كهفٍ.. لعلّ نحيبَهم من صمتهِ صبحاً يؤوبْ أيوبُ يا هذا النحيبْ.. أيّوب يا إرثَ الغريبِ الى الغريبْ.. *** راح وروحْ.. في ليلةٍ قصدا حمى وتسربلا بالليل خوف الرّاصدين ماذا هنا؟ أسوايَ ملقىً فوق قارعةِ الرمادْ.. أسوايَ.. من ذرّوا هشيمَ عظامهِ فوق البيوتِ وفوق الدروبْ.. يا من قصدتَ الى الحمى ليلاً وأوقدتَ السّراجْ وجلستَ جلسةَ منتشينَ الى الشرابْ تُسقى وتَجهشُ: "ليتَ قومي يعلمونْ" أهرِقْ نبيذكَ فوق صدري صُبّهُ صبَّ العذابْ أنا ذا أُقلّبُ بين أطيافِ الجحيمِ وليلة أخرى تمرُّ وأستحيلُ الى.. دخانْ.. * شاعر سعودي.