عاشت تركيا ليلة من الف ليلة وليلة اثر فوز فريقها المظفر "غلطة سراي" بأول لقب أوروبي في تاريخ بلاده، وخرج مئات الآلاف رجالاً ونساء واطفالاً في تظاهرات احتفالية طافت شوارع المدن الكبرى للتعبير عن الفرحة بهذا النصر. ولم تمنع حساسية تركيا إزاء كوبنهاغن ومعاييرها الأوروبية، فريق "غلطة سراي" من الفوز على خصمه الإنكليزي "أرسنال" 3-1 ولو بالركلات الترجيحية. وتوجت كوبنهاغن "غلطة سراي" بطلاً لكأس الاتحاد الأوروبي، مما أثار فرحة عارمة بين الأتراك خصوصاً السياسيين الذين حضروا المباراة، إذ حقق الفريق حلمهم الذي عجزوا عن تحقيقه، كأن تركيا أحرزت ثلاثة أهداف في شباك أوروبا وللمرة الأولى. والأهم أن هذا الفوز جاء بعد تغلب الفريق التركي على فريقين انكليزيين، هما "ليدز يونايتد" و"أرسنال" ألدّ الأعداء القوميين للأتراك. وبدا هذا العداء واضحاً من خلال الأحداث الدموية التي وقعت قبل مباريات "غلطة سراي" مع هذين الفريقين. نشوة الفرحة بالانتصار أبقت الجميع في تركيا مستيقظاً حتى الصباح، فشوارع المدن الكبرى، اسطنبولوأنقرة وأزمير وأضنة لم تهدأ ولو لدقائق، وتحول مئات الآلاف من الأتراك الذين تجمعوا لمشاهدة المباراة في الميادين العامة من خلال شاشات ضخمة أعدتها البلديات، الى الرقص على أنغام الدبكة والمزمار. وانطلق المئات بسياراتهم يجوبون الشوارع حاملين أعلام "غلطة سراي" وتركيا. ولم تمضِ 24 ساعة حتى بدأ المسؤولون الأتراك يتسابقون الى مكافأة هذا الفريق "المعجزة"، إذ أعلن رئيس بلدية اسطنبول أنه سيطلق اسم "غلطة سراي" على أحد أحياء المدينة، واسم المدرب فاتح تريم على أحد شوارعها، فيما طالب الرئيس السابق سليمان ديميريل بتمثال للاعبي الفريق في أنقرة، فضلاً عن بحث البرلمان في مسودة قانون استثنائي لمنح أعضاء الفريق مبالغ ضخمة كمكافأة من الدولة. وبإحرازه كأس الاتحاد الأوروبي، توج "غلطة سراي" فوزه ببطولة الدوري التركي هذا الموسم، للمرة الثالثة على التوالي، وبكأس البلاد للمرة الثانية وجمع الثلاثية النادرة. وهذه هي المرة الأولى التي يفوز فيها فريق تركي ببطولة رياضية أوروبية في غير رفع الأثقال والمصارعة الرومانية، فيما يتمنى الجميع أن تلحق السياسة التركية بالرياضة، لتحقق ولو جزءاً بسيطاً من نجاح هذا الفريق على الساحة الأوروبية.