علمت "الحياة" من مصدر فرنسي مطلع أن تشاوراً مكثفاً سيتم بين واشنطن وباريس في شأن لبنان في الأسابيع المقبلة، بعد المحادثات التي أجراها وزير الخارجية الفرنسية هوبير فيدرين مع نظيرته الأميركية مادلين أولبرايت والمستشار للأمن القومي ساندي برغر ووزير الدفاع وليام كوهين في العاصمة الأميركية، نهاية الأسبوع المقبل. وأكد المصدر ل"الحياة" أن الجانبين اتخذا قرار تكثيف التشاور على صعيد كبار موظفي وزارتي الخارجية، لأن الأسابيع المقبلة حاسمة بالنسبة الى الانسحاب الإسرائيلي من جنوبلبنان وتطورات الأوضاع ميدانياً. وذكر أن الجانبين تطرقا الى تنظيم مؤتمر لمانحي المساعدة، لإعادة بناء جنوبلبنان. فرأى فيدرين في حديثه مع أولبرايت في هذا الشأن عدم الإسراع في تنظيمه قبل التأكد مما سيحدث على صعيد الأمن بعد الانسحاب الإسرائيلي، لكنه أكد وجوب التحضير لمثل هذا المؤتمر للمساعدة على إعادة بناء لبنان. وقرر الجانبان أن يكون هذا الأمر أيضاً موضوع التشاور المقبل بينهما، فضلاً عن القضايا الأمنية المتعلقة بمرحلة ما بعد الانسحاب. وأشار المصدر الى تطابق في وجهتي نظر فيدرين وأولبرايت على أن "العقدة الأصعب الآن هي مستقبل "جيش لبنانالجنوبي" الموالي لإسرائيل إذ إن وزير خارجية إسرائيل ديفيد ليفي لم يكن واضحاً بالنسبة الى هذا الموضوع في محادثاته، الجمعة الماضي، مع الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان". أما بالنسبة إلى مسألة الحدود بين لبنان وإسرائيل ومزارع شبعا، فذكر المصدر"أنها ما زالت متقلبة، هل هي أراض سورية أم لبنانية". وتابع أن الرسائل اللبنانية والسورية تشير الى أن "لبنان وسورية يحلان المسألة بينهما وينبغي للأمم المتحدة أن تتأكد من أن الجيش الإسرائيلي انسحب من مزارع شبعا". وقرر الجانبان الأميركي والفرنسي انتظار ما سيكون قرار الأممالمتحدة وأمينها العام في هذا الشأن. وبالنسبة إلى قوات الطوارئ الدولية العاملة في الجنوب، كرر فيدرين للجانب الأميركي موقف فرنسا وهو أنها لم تقرر بعد المشاركة في تعزيز هذه القوات، لأن الوضع ما زال شديد الغموض. لكن المصدر أوضح أن فرنسا لا تستثني أي احتمال في هذه المسألة. وأكد ما أفادت به "الحياة" مصادر ديبلوماسية غربية أخرى، أن فيدرين ذكر لأولبرايت أن على فرنسا، قبل اتخاذ قرارها، أن تعرف في وضوح ما هي نيات كل من سورية وإسرائيل ولبنان لما بعد الانسحاب، وأن يقدم الأطراف الثلاثة ضمانات أوضح بالنسبة الى تهدئة الأوضاع ميدانياً. وأشار فيدرين الى أن فرنسا تنتظر أيضاً لترى الإجراءات التي يتخذها الجانب اللبناني، وهل ينشر قوى أمن أو وحدات من الجيش اللبناني لاستعادة سيادته على جنوبلبنان، وتنتظر أيضاً النيات الإسرائيلية بالنسبة الى الأوضاع الأمنية. ودعا فيدرين أيضاً الى صدور قرار جديد عن مجلس الأمن بالنسبة الى القوات الدولية، ولكن ليس ضرورياً تبنيه مباشرة، بل في مرحلة لاحقة، إذ إن تأكد الأممالمتحدة رسمياً من الانسحاب الإسرائيلي كاملاً تطبيقاً للقرار 425، لا يتطلب تغييراً وإعادة تشكيل لقوات الطوارئ. وليس هناك بعد قرار من أحد بإعادة تشكيل هذه القوات أو تعزيزها، لأن هذين الأمرين، وكذلك تغيير المهمة، بحسب فيدرين، تتطلب إصدار قرار جديد عن مجلس الأمن. وأشار المصدر الى تباين مع الموقف الأميركي في هذا الشأن، فالجانب الأميركي لا يرى ضرورة صدور قرار جديد في مجلس الأمن، كونه سيفتح الباب للخلافات والمزايدات من أجل إعادة التفاوض على مشروع قرار جديد. ورأى أن الموقف الأميركي غير واضح بالنسبة الى المراحل الثلاث التي ذكرها فيدرين لما بعد الانسحاب الإسرائيلي. وأشار إلى أن فرنسا طلبت من الولاياتالمتحدة أن تلتزم معها في مساهمتها في قوات الطوارئ الدولية إذا اتخذت فرنسا قراراً بذلك، وأنها تدرك أن الولاياتالمتحدة، وإن لم ترسل قوات، يجب على الأقل تحديد مساهمتها، إذ إن فرنسا تطلب منها التزاماً قوياً للمشاركة في المسؤولية، كما هي حال الدول الأخرى في مجلس الأمن.