قد تكون المذيعة التلفزيونية هيام أبو شديد وحيدة في ما أسست عليه تجربتها التلفزيونية في تقديم البرامج، في لبنان، في وقت نرى المذيعات يأتين من وكالات عرض الأزياء فقط لا غير، وفي كلّ الأقنية الأرضية والفضائية. ذلك ان هيام أسست تلك التجربة على شهادة جامعية كبيرة، في الاخراج والتمثيل في المسرح، ثم منذ اللحظة الأولى للتخرّج قرّرت ان الثقافة ضرورة لازمة لتكتمل الصورة في خيالها، صورة امرأة ترى الأمور بمنطق البحث والمعرفة لا منطق الطمأنينة الى شاشة بقدر ما هي مغرية، هي أكولة بل شرهة. ولعلّ محطة "ستديو الفن" هي التي قرّبت هيام في أذهان الناس الى منصة الإعجاب، فقد تميّزت على دورات عدّة من مراحل عرض ذلك البرنامج الشعبي، بقدرات في إقامة الحوار النبيه مع أعضاء لجنة التحكيم، ومع المشتركين، ومع الكاميرا، ولم تكن سرعة البديهة، عندها، هي أولى الصفات، بل معها صفة احترام ما تقول والخوض فيه بلباقة مشهودة. وعندما انتقلت هيام أبو شديدالى ال"MTV" كان لها برنامج "سنة عن سنة" الذي امتد لأكثر من سنة، ثم توقفت هيام قليلاً للتفكير في برنامج جديد مختلف عمّا ألفت وألفه الجمهور فكان "كلو تمثيل" الذي لا يزال يصعد في علاقته مع المشاهدين بإصرار هيام على تقديم الأفضل عبر حيويّة اعلامية احترافية واضحة. فكرة "كلو تمثيل" شاهدها من شاهد برامج قناة "الدراما" الفضائية، غير ان هيام تبعث فيها روحاً غير موجودة في برنامج "الدراما" المماثل. وربما كان هناك وجود لفكرة هذا البرنامج في أماكن أخرى، إلا أن هيام، بحكم الخبرة، حرّكت مضمون الحلقات بشكل جعلها على تناسق، وعلى اضافات جدية. ففي كل حلقة هناك مشتركون من هواة التمثيل، وهناك لجنة تحكيم تتبدّل مع كل حلقة، وهناك ممثل محترف ضيف يشارك في مَشَاهد مع الهواة لاختبار قدراتهم، وتتولى هيام مسؤولية ربط الفقرات بحساسية جمالية نادرة لا تعتمد على أيّ تضخيمات في الكلام أو في التعبير أو في الحوار مع الجميع. ومع ان لهيام فقرة أدائية خاطفة، إلا أنّ الوقت ككل، لضيوفها، وغالباً ما يقوم أحد أعضاء لجنة التحكيم بأداء مشهد أمام الهواة. ومعروف ان هذه المهمة صعبة جداً حين يتحوّل "الحَكَم" الى "متهم" أمام عيون هواة، وأمام مشاهدي التلفزيون، فتنشأ حالة صداقة ودية عفوية تنتهي بتصفيق طويل... وبكمية من العرق المتصبّب! تسبح هيام أبو شديد في برامج المنوعات عكس التيار. وإذ تميل تلك البرامج الى التسلية والألعاب الى حدّ الاستخفاف، تميل هي الى التسلية ولكن التي تكتشف جمالاً، والى الألعاب ولكن التي تبني حضورها على امكانات الانسان في الموهبة. وككل المذيعات اللواتي يُسمح لهن بالاطلالة على أكثر من شاشة، تظهر هيام أبو شديد في برنامج فنّي حواري غنائي على شاشة "أوربت"، وفيه تضيف هيام الى قماشة عملها التلفزيوني نسيجاً آخر يمنحها فرصة الذهاب في العمق نقاشاً مع من لهم تجارب فنية، غنائية أو مسرحية أو أدبية أو غيرها وسط ديكور أراد أن يلعب لعبة الضوء والظلّ واشتباك الألوان الموحية الذي يعطي حوار هيام مع ضيوفها مناخات حميمة. وهيام ممثلة. تقول انها لن تنسى يوماً انها ممثلة، ولو غلبت صورة مقدمة البرامج التلفزيونية على أي صورة لها أُخرى... وتتذكر والدها الشاعر الراحل ايليا أبو شديد وتعلن: هل أُريدُ أن أعجبه!؟