عرض استاذ الجيولوجيا في جامعة عين شمس، عضو مجمع اللغة العربية في القاهرة محمد يوسف حسن، بحثاً له حول "اجتهادات إخوان الصفا في مجالات علم الجيولوجيا"، في إطار أعمال مؤتمر الدورة السادسة والستين للمجمع - من 3 إلى 17 نيسان ابريل الجاري. وركز البحث على رسالتين كتبهما بعض أعضاء جماعة إخوان الصفا في العلوم الجيولوجية كان أول من نبه إلى أهميتها، الجيولوجي المصري رشدي سعيد في العام 1950. وتقع الرسالتان في سبعين صفحة. ويرى الدكتور حسن أنهما تحتاجان الى نشرهما من جديد مع تحقيق وافٍ وتحليل علمي مفصل في كتاب مستقل. وكان الدكتور رشدي سعيد اقتبس جزءاً من صدر الفصل الثالث من الرسالة التاسعة عشرة في "بيان تكوين المعادن" من "رسائل إخوان الصفا وخلان الوفا" طبعة بيروت - 1957 وترجمه الى اللغة الإنكليزية وعلق عليه من الناحية العلمية. ولاحظ الدكتور سعيد أن هذا الجزء "يضم أفكاراً جيولوجية تشرح دورة تحولية ممتازة ومقبولة تماما من وجهة النظر العصرية"، ولاحظ أيضاً أن كتابات إخوان الصفا الجيولوجية تحتوي على أقدم ذكر للظواهر والعمليات الجيولوجية عن تطور المستنقعات، والبحار، والنقل بواسطة الانهار والرياح. وذهب إلى أن إخوان الصفا قدموا عرضا جميلا يعتقد أنه أول سجل للموضوع في تاريخ الجيولوجيا لم يتلُه في بابه شيء قبل نشر كتاب "نظرية الأرض" لجيمس هاتون في القرن الثامن عشر. وقدم الدكتور محمد يوسف حسن في بحثه إلمامة أولية بالمواضيع الجيولوجية التي عالجها "إخوان الصفا" في الرسالتين بحسب ترتيب ورودها في المتن. ومن ذلك ما ورد في الصفحتين 65 و67 من وصف للتركيب النطاقي للكرة الأرضية، وخصوصاً التركيب النطاقي للغلاف الجوي، الذي كان يسميه إخوان الصفا "كرة الهواء" وقسموها الى ثلاثة نطاقات متتالية من الأرض الى الخارج وهي: "كرة النسيم" وتحيط بالقشرة الأرضية، ثم "كرة الزمهرير"، وأخيراً "كرة الاثير". ويصاحب هذا التقسيم وصف مستفيض دقيق لهذه النطاقات الثلاثة من حيث طبائعها وديناميكياتها وعلاقاتها بعضها ببعض وبالأرض، وتقدير سُمك كل منها. وفي هذا الجزء أيضاً كلام عن التسخين غير المتكافئ للأرض والغلاف المائي والغلاف الهوائي في نطاق "كرة النسيم". وما يسببه هذا التسخين غير المتكافئ من إحداث للظواهر الطبيعية الديناميكية والكهربائية في الماء والهواء، كالرياح، والتيارات والأمواج، والامطار، والصواعق، والمد والجزر، وغير ذلك. وفي موضع آخر وصف لتأثير الجبال العالية في توزيع الرياح والأمطار، وفي المناخ عموماً، وذلك باعتبارها حوائل فعاعلة تغير من مسالكها، ويشتمل هذا الجزء أيضا على وصف لما تحتويه الجبال من كهوف ومغاور وأهوية Voids. وورد في الجزء نفسه وصف لتسرب مياه الامطار الى هذه المعالم وخزنها فيها، وكيفية خروجها منها على هيئات مختلفة، وبأسباب مشروحة شرحاً مفصلاً. كما يتضمن شرحا لنظام الدورة الطبيعية للماء، من تبخر مياه المحيط الى تصاعد البخار مع التيارات، إلى التكثف والسقوط على الأرض، والجريان على ظهرها، والتسرب الى جوفها في مسالك طويلة للعودة الى المحيط.