تبرز في الشرق الأوسط المشكلة القومية بدرجات متفاوتة من الحدة. ففي تركيا نرى المجتمع متعدد القومية، إذ يتكون من الترك والكرد والعرب والأرمن سابقاً قبل حل المشكلة الأرمنية بالحديد والنار بينما الدولة التركية أحادية القومية وشوفينية لأنها تضطهد القوميات الأخرى، مما يخلق المشاكل القومية، ومنها المشكلة الكردية المعروفة. وفي إيران نرى المجتمع متعدد القومية أيضاً، إذ يتكون من الفرس والترك/ التركمان والكرد والعرب والبلوش، بينما الدولة أحادية القومية، فارسية، ولا تعترف بالقوميات الأخرى ولا تقيم وزناً لحقوقها، وهكذا ظهرت المشاكل القومية الكردية والعربية والبلوشية، سواء في إيران الامبراطورية أو الجمهورية الإسلامية. وفي العراق نجد المجتمع ثنائي القومية، إذ يتكون من العرب والكرد، بينما الدولة أحادية القومية، عربية، وجرت محاولتان لمعالجة هذا الخلل: الأولى في المادة الثالثة من الدستور الموقت لثورة 14 تموز يوليو 1958 باعتبار العرب والأكراد شركاء في الوطن الواحد، والثانية في اتفاقية آذار مارس 1970 بين الحكومة المركزية والحركة الكردية والاعتراف بالقومية الكردية وحقوقها، ممهداً السبيل لتطوير الدولة من أحادية القومية إلى ثنائية القومية، ربما بصيغة الفيديرالية الديموقراطية، إلا أن المحاولتين تعثرتا في التطبيق ولا زالت المشكلة قائمة. المشكلة خطيرة حقاً وتنخر في كيان أقطار عديدة تشكل بمجموعها "العالم الرابع"، الذي يتكون من مجتمعات متعددة القومية لدول أحادية القومية، وقد لا يدرك المرء حجم المشكلة وخطورتها إلا عند اشتعالها في مأساة مروعة تعكسها شاشات التلفاز .... وبالنظر إلى وجود الخلل في التركيب القومي لدول العالم الرابع، فمن المرجح أن يندلع لهيب المشكلة القومية بين آونة وأخرى. وهنا تقع على عاتق الأممالمتحدة، وهي بمثابة الحكومة العالمية، مهمة منع وقوع هذه المآسي الناجمة عن الانفجار العنيف للمشكلة، وذلك بدراسة المشكلة جدياً ومعالجتها جذرياً عبر التأكد من تمثيل الدول الأعضاء لقومياتها وأعراقها، وجعل هذا التمثيل القائم على أساس المساواة القومية شرطاً للعضوية في المنظمة واتخاذ اجراءات رادعة بحقها عند خرق هذا الشرط .... باريس - صلاح سعدالله كاتب عراقي كردي