اطلعت على رسالة صلاح سعيد احمد التي نشرتها "الحياة" في عددها الصادر يوم 19 ايلول سبتمبر عن مدينة كركوك وسكانها التركمان، وذهب كاتب الرسالة الى ان "تاريخ التركمان في العراق يعود الى العصر العثماني حين أطلق الانكليز تسمية تركماني على الأكراد والعرب المتعاونين مع الاتراك العثمانيين ضد أبناء مناطق المستعمرة حفاظاً على مصالحهم، ومقابل أجور العمالة. فكلمة تركمان Turk Man تعني رجل الترك، وبصيغته التركية والكردية تفهم بمعنى عميل الترك، وبناء عليه لا يمكن اطلاق عبارة مدينة تركمانية على أية مدينة" ... استغربنا حقاً نشر هذه الرسالة، فالتركمان شعب يعود تاريخهم الى قرون عدة ولا يبدأ بدخول الانكليز الى العراق بعد الحرب العالمية الأولى كما توهم كاتب الرسالة وأراد ان يوهم من ليس مطلعاً على الموضوع من القراء. ولا أريد أن أناقش ما جاء في الرسالة المذكورة، واكتفي أن أنقل اليكم بضعة سطور مما جاء في الجزء 12 من "دائرة المعارف البريطانية" تحت مادة "تركمان" ...: "شعب ينتمي الى الفرع الجنوبي الغربي من مجموعة اللغات التركية أنظر: اللغة التركمانية يعيش غالبيتهم في جمهورية تركمانيا السوفياتية الاشتراكية وفي الأقسام المجاورة من آسيا الوسطى السوفياتية، وعددهم 2.028.000 في سنة 1979 - وتعيش مجموعة كبيرة منهم في ايران، خصوصاً في الشمال، وكذلك في الشمال الشرقي والغربي لافغانستان. هذه المجموعات تسمى: تركمان ما وراء بحر الخزر". "جيوب من التركمان توجد في شمال العراق وسورية، ومجموعات كبيرة منهم تعيش في أواسط تركيا، اذ ان نسبتهم العددية تؤثر في التمييز العنصري ضد الاقليات، خصوصاً بعد سنة 1958. عدد التركمان في العالم قد يبلغ 3.135.000 الخ". هذا ما جاء في دائرة المعارف البريطانية، والإشارة الى سنة 1958 هي اشارة الى ثورة 14 تموز يوليو العراقية في تلك السنة، حين بدأت عمليات تهجير الأكراد والعرب الى كركوك لطمس هويتها التركمانية. ولا أدري ما هو المحذور الذي يجده كاتب الرسالة من ان يقال ان السليمانية مدينة كردية أي أن غالبية سكانها من الأكراد أو ان يقال ان النجف مدينة عربية، أو ان كركوك مدينة تركمانية. فتلك النسبة تدل على ان أكثرية سكان تلك المدينة هم من الاكراد أو العرب أو التركمان، لكنها جميعاً عراقية. وليس في اثبات كون كوكوك تركمانية منذ أقدم الأزمنة نعرة شوفينية، ولا يختلف ذلك عن قولنا ان البصرة عربية، وليس في ذلك إنكار لوجود الشعب الكردي أو التركماني في مناطق اخرى من العراق الذي هو قطر متعدد القوميات، وكانت هذه القوميات تتعايش بسلام، وتتزاوج في وئام، ولم تكن هناك نعرات مثل التي يريد إثارتها كاتب المقال. كما ان أحمد مخلص أمين لم يقل قط ان كركوك مدينة تركية خارج الدولة التركية. بل قال انها مدينة عراقية ذات أكثرية تركمانية. وكان سكان كركوك قبل عمليات التهجير المتعمد يتكلمون التركمانية، وكانت لهم صحفهم التي تصدر بلغتهم، وكانت الدراسة في مدارس كركوك الابتدائية باللغة التركية أو التركمانية ولم يؤثر ذلك في وحدة العراق الوطنية، بل عززها. ولذلك فإننا ننصح كاتب الرسالة عدم اثارة هذه الامور التي تسيء الى الوحدة العراقية في وقت يعاني فيه العراق من مصائب جسيمة .... لندن - كاظم جوا