تلقى رئيس دولة الامارات الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان أمس اتصالاً هاتفياً من الرئيس الأميركي بيل كلينتون. ولم يكشف في أبوظبي عن مضمون هذا الاتصال بالتفصيل، واكتفت وكالة أنباء الامارات الرسمية بالقول انه جرى خلال عرض العلاقات الثنائية ومستجدات الأوضاع الراهنة في المنطقة. وفتح الغموض الذي أحاط بمضمون الاتصال الهاتفي الذي تم في يوم عطلة رسمية في الامارات بمناسبة عيد الأضحى المبارك، الباب أمام اجتهادات بشأن المواضيع التي تم تناولها خلال هذا الاتصال والاشارات القليلة التي أعطتها الوكالة الرسمية عنه. وتقول مصادر ديبلوماسية ان العلاقات والقضايا المشتركة بين الولاياتالمتحدة وبين الامارات مفتوحة في هذه الفترة على أكثر من صعيد وبدرجة كبيرة من الأهمية ترتقي الى مستوى العلاقات الممتازة بين البلدين. وتتركز العلاقات الأميركية - الاماراتية في هذه المرحلة على قضايا النفط، والعلاقات الأميركية - الايرانية وتأثيرها في مسألة الجزر الاماراتية الثلاث التي تحتلها ايران، وصفقة الطائرات التي اشترتها الامارات من الولاياتالمتحدة ومجمل العلاقات الاماراتية - الأميركية، وأخيراً الزيارة التاريخية للرئيس كلينتون التي بدأها أمس لثلاث دول آسيوية قريبة من الخليج. وثمة اعتقاد بأن الاتصال الهاتفي له علاقة بموضوع النفط. وتعتبر الامارات دولة مؤثرة في سوق النفط العالمية، وتنسق مع السعودية ودول مجلس التعاون الأخرى بشأن الاجراءات التي سيتم اتخاذها في مؤتمر "أوبك" المقبل. ويدور حديث عن ترتيبات لاجتماع يسبق مؤتمر فيينا أو يعقد بعده بين وزير النفط الاماراتي عبيد بن سيف الناصري ووزير الطاقة الأميركي بيل ريتشاردسون للبحث في أوضاع السوق النفطية وقضايا التعاون في مجالات الطاقة. ويلقي الاتصال الهاتفي بعض التساؤلات السريعة بشأن طبيعة الانفتاح الذي أبدته واشنطن على طهران في الأيام الأخيرة وحدود وضوابط هذا الانفتاح وتأثيره في قضية الجزر الاماراتية. ويلاحظ أن الدوائر السياسية والديبلوماسية الاماراتية لم تعلق على الاجراءات التي اتخذتها واشنطن بهذا الصدد ورد الفعل عليها في طهران كونها تعتبر ذلك مسألة تخص الطرفين. ويعتقد في أبوظبي ان الموقف الأميركي المؤيد لتوجهات الامارات السلمية لاستعادة سيادتها الكاملة على جزرها الثلاث طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى التي تحتلها ايران، "موقف ثابت" ولا يخضع للمساومة أو لتحسن العلاقات بين واشنطنوطهران. وتؤيد واشنطن دعوة الامارات لاجراء مفاوضات مباشرة وفق جدول زمني بين الاماراتوايران أو احالة القضية الى محكمة العدل الدولية أو التحكيم الدولي. ويلقي الاتصال الضوء مرة أخرى على "صفقة القرن" بين الاماراتوالولاياتالمتحدة بتوقيع أبوظبي في الخامس من آذار مارس الجاري صفقة مع شركة "لوكهيد مارتن" الأميركية لشراء 80 طائرة من طراز "اف - 16 بلوك 60" المتطورة بقيمة 6.4 بليون دولار. وأعرب الرئيس الأميركي عن شكره وتقديره للشيخ زايد لدوره في إتمام هذه الصفقة التي دامت المفاوضات بشأنها سبع سنوات، ويعتقد بأن الاتصال الهاتفي تناول في جانب منه تقديم هذا الشكر بشكل مباشر. ويؤكد هذا الاتصال الذي سبقه شكر علني لدور الشيخ في عقد هذه الصفقة، ما ذكره الفريق الركن طيار الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس أركان القوات المسلحة الاماراتية ل"الحياة" التي رافقته الى "كوسوفو" عن عدم وجود أي ضغط على الامارات لتوقيع هذه الصفقة، وقوله "ان الشيخ زايد رجل عربي قومي يعرفه الجميع ولا يضع نفسه تحت ضغط أي جهة". ويسود اعتقاد بأن الرئيس الأميركي الذي مر بالمنطقة صباح أمس وهو في طريقه الى الهند في بداية جولة آسيوية تشمل أيضاً بنغلادش وباكستان، اتخذ من هذه المناسبة فرصة للبحث مع الشيخ زايد في مجمل القضايا السابقة التي تشكل محاور مهمة في العلاقات الاماراتية - الأميركية. ويعتقد بأن البحث تطرق أيضاً الى هذه الجولة ذاتها وخصوصاً في جانبها الباكستاني، إذ يعتبر الشيخ زايد من العارفين بالملف السياسي الباكستاني نظراً لعلاقته مع القادة الباكستانيين وآخرهم برويز مشرف الرئيس التنفيذي لباكستان الذي زار الامارات أخيراً. ويؤكد الاتصال الهاتفي بين كلينتون والشيخ زايد، أياً كانت المواضيع التي استأثرت بالبحث، بأن واشنطن تحرص على معرفة رأي الامارات في بعض القضايا التي تهم مستقبل العلاقات بين البلدين والأوضاع الراهنة في المنطقة.