للمرة الاولى تجاوز الدولار حاجز 10.36 درهم مغربي في اليومين الماضيين، وهو معدل قياسي تحققه العملة الاميركية في سوق الصرف المغربية بزيادة بلغت نحو 20 في المئة. واعربت مصادر في وزارة المال والاقتصاد المغربية عن مخاوفها من انعكاسات ارتفاع الدولار على قيمة الديون الخارجية المقدرة ب18 بليون دولار، وعلى العجز في الميزان التجاري. في غضون ذلك، نفت وزارة المال وجود اي نيّة لخفض قيمة الدرهم. ويتزامن ارتفاع سعر صرف الدولار مع ارتفاع مماثل في فاتورة النفط المغربية التي قاربت بليون دولار، وهي لم تكن تجاوزت نصف هذا المبلغ العام الماضي. كما ان حاجة المغرب الى استيراد القمح بنحو 200 مليون دولار تزيد في تأزيم وضعية الميزان التجاري الذي قدر العجز فيه العام الماضي بنحو اربعة بلايين دولار. في المقابل يشكل انخفاض سعر العملة الاوروبية الموحدة، اليورو، وبقية العملات الاوروبية مصدر قلق على وضع الصادرات المغربية، الى اسواق الاتحاد الاوروبي، نظراً الى المنافسة التي تمثلها العملات الاوروبية الضعيفة. وقال محلل مالي ل"الحياة" ان الرباط ستكون مضطرة في مثل هذه الحال الى مواجهة انخفاض اليورو وارتفاع الدولار على السواء. ومعلوم ان العملة الاوروبية تمثل اهم موارد دخل البلد من قيمة الصادرات التي تشمل خصوصاً المنتجات الزراعية والغذائية والملبوسات والمنتجات المصنّعة والتي تشكل نسبة 65 في المئة من اجمالي التجارية الخارجية للمغرب. لذلك كلما انخفض اليورو، تقلصت عائدات التصدير وزادت المنافسة داخل الاسواق الاوروبية. اما الدولار فانه يتحكم في حجم المديونية الخارجية من جهة، ويتم به استيراد غالبية منتجات الطاقة والقمح والتكنولوجيا المتقدمة، على رغم ان صادرات الفوسفات 1.7 بليون دولار تسدد في معظمها بالدولار، خصوصاً في اتجاه دول مثل الهند وباكستان نحو 600 مليون دولار مجتمعة. ويتوقع خبراء ان تساهم هذه المفارقة في ارتفاع عجز الميزان التجاري الذي فقد اربعة نقاط العام الماضي، حيث تراجعت تغطية الواردات بالصادرات الى دون 70 في المئة. كما ان استمرارها يؤدي الى الضغط على الاحتياط النقدي لدى المصرف المركزي والذي يقدر حجمه بنحو ستة بلايين دولار. وكانت عمليات تخصيص الشبكة الثانية للهاتف النقال لعبت دوراً في ارتفاعها بنحو 1.1 بليون دولار. ونبّه مركز دعم الصادرات المغربية في الخارج الى مخاطر استمرار تدهور وضع الميزان التجاري وتقلص عائدات الصادرات. واعتبر ان استمرارها قد يستنزف الاحتياط النقدي ويُدخل المغرب في دوامة البحث عن مصادر مالية بديلة، على غرار ما حدث في الثمانينات، بحيث سيكون على المغرب تدبير بين اربعة و4.5 بليون دولار اضافية من دون احتساب خدمات الدين الخارجي، ما سيجعل حجم تمويل العجز والمديونية في حدود ثمانية بلايين دولار سنوياً. لكن هذه المخاوف تبدو مبالغاً فيها في رأي دوائر مكتب الصرف المشرف على العملات والقطع الاجنبي والتي تعتبر ان عائدات السياحة وتحويلات المهاجرين تكفي لسد عجز الميزان التجاري. وفي اعتقاد مكتب الصرف، ان المشكل يكمن في تدبير خدمة الديون الخارجية التي تستنزف ثلث الموازنة العامة للدولة 3.5 بليون دولار. ولتخفيف حدة المنافسة الخارجية نصحت جمعيات التصدير بخفض سعر الدرهم لجعله اكثر تنافسية خصوصاً في السوق الاوروبية الرئيسية، ولكن وزارة المال بادرت اول من امس الى نفي اي نية لخفض قيمة العملة المحلية، ورفضت الفكرة جملة وتفصيلاً. واعتبرت ان مثل هذه الخطوة سيضر بالقدرة الشرائية، ويرفع التضخم ويزيد قيمة الواردات ويعرقل برنامج تقليص الديون الخارجية الذي يشكل اولوية في الوقت الراهن لخفضه الى 30 في المئة من اجمالي الناتج المحلي بحلول سنة 2003. وأقفل الدولار امس عند 10.26 درهم واليورو عند 9.96 درهم.