نجحت الضغوط التي مارستها الحكومة الاردنية خلال اليومين الماضيين في اقناع اكثر من 30 نائباً بسحب تواقيعهم على وثيقة كان وقعها 54 نائباً تطالب الحكومة بتطبيق احكام الشريعة الاسلامية. وشكلت الوثيقة صدمة للاوساط السياسية والشعبية واثارت تساؤلات عن دور الحكومة في التشجيع على الخطوة غير المسبوقة في الاردن. وفيما طالبت الوثيقة بوضع برنامج زمني واضح لتنفيذ احكام الشريعة، سعى مسؤولون حكوميون الى التقليل من اهميتها، معتبرين انها مجرد اقتراح غير ملزم وغير قابل للتطبيق العملي. وتوقعت مصادر نيابية ان يسحب اكثر من 35 نائبا تواقيعهم على العريضة بعدما اعلنت كتلتان نيابيتان نيتهما درس القضية واعلان موقفهما ازاءها. وبرر عدد من النواب الذين سحبوا تواقيعهم خطوتهم هذه بحجة ان النائب محمد بني هاني، الذي نظم عملية التوقيع، اضاف فقرة بعد التوقيع تطالب الحكومة ببرنامج زمني لتطبيق احكام الشريعة الاسلامية. ونفى النائب بني هاني من جانبه ان يكون اضاف تلك الفقرة، وقال ان "تنقيح الوثيقة تم قبل عرضها للتوقيع وليس بعده". واضاف: "انا مندهش من سحب بعض النواب تواقيعهم خصوصاً ان المذكرة كتبت ووقعت بقناعة الجميع". وكشفت سرعة "اقناع" هذا العدد من النواب بسحب تواقيعهم مدى طواعية غالبية مجلس النواب لحجج الحكومة، لكنها كشفت في الوقت نفسه ضعف حجة الحكومة في تعاملها مع مطلب الغاء المادة 340 من قانون العقوبات التي تمنح احكاماً مخففة لمرتكبي "جرائم الشرف" وتذرعها بموقف المجلس لرفض الالغاء. واكدت مصادر سياسية مستقلة ان الوثيقة المطالبة بتطبيق الشريعة جاءت بمثابة رد على قيام اميرين من العائلة المالكة بقيادة مسيرة احتجاجية ضد قرار مجلس النواب رفض الغاء المادة 340. وجاءت مطالبة النواب بتطبيق الشريعة بمثابة صدمة خصوصاً في ضوء غياب جماعة الاخوان المسلمين وحزب جبهة العمل الاسلامي المعارض عن البرلمان، بعد مقاطعتهم الانتخابات النيابية عام 1997 وسيطرة التيار التقليدي العشائري الموالي للحكومة على البرلمان. وتوقعت مصادر سياسية ان ينعكس موقف النواب هذا سلباً على المناخ الاستثماري في الاردن. وقال النائب الاسلامي المستقل عبدالله العكايلة ان احد اسباب توقيع المذكرة هو الاحتجاج على المسيرة التي قادها الاميران علي وغازي في 14 من الشهر الجاري للدعوة الى الغاء المادة 340 وشارك فيها نحو خمسة آلاف شخص. ولم يصدر عن الديوان الملكي اي تعليق على مذكرة مجلس النواب، فيما تكهنت بعض المصادر السياسية غير الرسمية بإحتمال حل البرلمان في مرحلة مقبلة والدعوة لإنتخابات نيابية جديدة. ونفى مسؤول حكومي كبير وجود احتمال لجوء العاهل الاردني الى حل البرلمان مستخدماً صلاحياته الدستورية. واكد ان الحكومة لا تزال تتمتع بدعم وثقة الملك.