ما فائدة العلم والاكتشافات الحديثة لو ظلت مقتصرة على عدد محدود من الأفراد؟ وما الغاية من التوصل إلى علاج جديد لو لم يعرف طريقه إلى أكبر عدد ممكن من المرضى؟ القائمون على أمر مستشفى تكساس الجامعي للأطفال التابعة لكلية طب بايلور في جامعة تكساس على يقين بأن فائدة العلم في انتشاره، وهو ما دعا وفد من اساتذة وإداريي المستشفى إلى زيارة القاهرة قبل أيام حيث سعوا إلى بناء جسور وثيقة مع الأوساط الطبية المعنية في مصر، لا سيما كلية الطب في كل من جامعتي القاهرة وعين شمس. يقول الملحق الدولي للمستشفى نجيب عبدالسلام مصطفى إن المستشفى والجامعة ترتبطان بعلاقات وثيقة مع عدد من الدول العربية، لا سيما دول الخليج. هذه العلاقات - التي سعى الوفد إلى توثيقها في مصر كذلك - تحوي ثلاثة مجالات رئيسية هي: الطب عن بُعد أو Tele Medicine، والصحة عن بُعد Tele health، والتمرين الإداري للمستشفيات وهندسة الطب الاحيائي أو Bio Medical Engineering. يقول مصطفى إن الطب التلفزيوني يقرّب المسافات بين المريض والأطباء الاستشاريين، دون الحاجة إلى نقل المريض. فيمكن للطبيب المعالج في مصر مثلاً مناقشة حالة المريض مع الأطباء في أميركا، كذلك استعراض صور الاشعة والتقارير عبر شاشات مسموعة ومرئية، لذا فهذه التقنية توفر كذلك كلفة الانتقال، مع الاستفادة بالخبرات الطبية. ويضيف نجيب أن التقنيات الحديثة تسمح باستخدام سماعات خاصة للقلب والأنف والأذن وغيرها للكشف عن المريض باستخدام ال Tele Medicine كذلك. ويستخدم مستشفى تكساس الدولي للأطفال هذه التقنية مع عدد من مستشفيات قطر وعمان والسعودية والإمارات والكويت، وحالياً مصر. كما يمكن تنظيم دورات طبية عن طريق الانترنت، تشمل محاضرات وامتحانات، مع إعطاء شهادة في نهاية الدورة، وهو ما يعرف ب Tele Health. مجال آخر برزت فيه مستشفى تكساس الدولي للأطفال هو العلاج بالجينات أو gene Therapy. يقول نجيب إن أطباء المستشفى توصلوا إلى علاج جديد عن طريق الجينات لأورام العصب البصري أو Neuro Blastoma، وهو مرض خطير يصيب الأطفال ويهدد حياتهم. فهذه الأورام الخبيثة تصيب أعصاب العينين، بوادرها أن يرى الطفل ومضات مضيئة لثوان معدودة، ثم تختفي. وكان الحل التقليدي هو إزالة العين، وإلا فقد الطفل حياته. أطباء المستشفى تمكنوا من أخذ جينات من الخلايا الصحيحة في جسم الإنسان، ثم حقنها في الخلايا المصابة بالورم لتنتج بالتالي خلايا صحيحة، تقلص الورم تماماً، ومن ثم يمكن استئصاله بعملية جراحية أو بأشعة الليزر. يقول نجيب إن هذه التقنية حققت نجاحاً على حيوانات التجارب، ولم يبق سوى تطبيقها على البشر. وقد تلقى الوفد طلبات عدة من أطباء يعالجون حالات لأطفال مصابين بهذا المرض لبحث إمكان علاجهم في مستشفى تكساس بالأسلوب الجديد. ويشير نجيب إلى أن عدداً كبيراً من المترجمين يعمل في المستشفى لمساعدة المرضى الأجانب وذويهم، ومنهم مترجمون عرب.