عرفت سجادة الصلاة منذ ظهور الاسلام وفرض الصلاة، وكان العربي يصلي أحياناً على حصيرة تعمل من سعف النخيل وتشدّ بالخيوط، وأطلق عليها اسم السجادة. ثم صارت السجادة تصنع من مواد أخرى مثل النسيج بمختلف أنواعه. وحظيت سجاجيد الصلاة خصوصاً بعناية فائقة وتفنن الصنّاع في زخرفتها وتجميلها حتى احتلت مركزاً مرموقاً بين التحف الفنية الاسلامية. وتحتل السجاجيد ذات الخمل أو ذات الوفر المعقود المرتبة الأولى بين أنواع السجاد من حيث القيمة والمستوى الفني وهي تتميز بالمتانة وقوة الاحتمال وكذلك بالسِمك النسبي الذي يساعد المصلي على تجنب رطوبة الأرض، وتمكنه من البعد عن النجاسة التي يحتمل وجودها. وتتميز السجاجيد الوبرية ذات الخمل بحسن الملمس وهذه ميزة مهمة لأن من اركان الصلاة السجود لله خضوعاً. ومن السجود اشتق اسم السجادة الذي صار يطلق على السجاجيد الوبرية ذات الخمل خصوصاً. وأتاح السجاد الوبري للصانع فرصة الاتقان والإجادة والتفنن سواء في الصنعة أو الزخرفة حتى استطاع ان ينتج نماذج من السجاد يمكن ان تنافس أجمل تحف العالم. ترجع صناعة السجاد الى عصور قديمة، وربما نشأت عند القبائل الرحل التي تعيش على رعي الأغنام والإبل والماعز، إذ تتوافر المادة الخام من الصوف اللازمة لصناعة السجاد، ويلاحظ أن هذه القبائل الرحل في أشد الحاجة الى هذا النوع من الأثاث الذي يسهل حمله وتكثر فائدته. ولا تزال صناعة السجاد من أهم حرف قبائل الرعاة حتى اليوم. وازدهرت صناعة السجاد في العالم الاسلامي خصوصاً منذ القرن التاسع الهجري الخامس عشر ميلادي. ويعتبر فن السجاد من أحدث الفنون التطبيقية الاسلامية، خصوصاً بعد ان انتشرت صناعته في ايران والأناضول ووسط آسيا والقوقاز اضافة الى سورية ومصر وشمال افريقيا والهند. يستخدم الصوف غالباً في صناعة السجاد وفي بعض الأحيان الحريري. وفي بعض الأنواع الفاخرة تضاف خيوط الفضة أو الذهب. وأحياناً تكون الخيوط من الصوف أو الكتان أو القطن، وأحياناً تكون العِقد من الصوف وربما الحرير. عرف الصنّاع المسلمون انواعاً مختلفة من العقد أهمها العقدة التركية وتسمى عقدة كورديز والعقدة الفارسية وتسمى عقدة سنه. وكلما كثر عدد العقد وزادت متانتها وشدة حبكها كلما ارتفعت قيمة السجادة. وتتوقف جودة الصوف على موطن القطيع ونوع الكلأ ومياه الشرب، وتزودنا القطعان التي تعيش في مرتفعات القوقاز وإيران والأناضول بأحسن أنواع الصوف. يصنع السجاد لأغراض مختلفة، إذ قد يصنع ليكون بساطاً أو سرجاً أو خرجاً وغير ذلك إلا أن اكرم استعمال للسجادة هو سجادة الصلاة. تعمل سجادة الصلاة عادة لتكفي فرداً واحداً، ولذلك كان طولها عادة نحو مترين وعرضها أكثر قليلاً من المتر، ولو ان بعض سجاجيد الصلاة كانت تصنع لتسع أفراد الأسرة ليصلوا عليها جماعة على هيئة صف. وتعرف هذه السجاجيد باسم سجاجيد الصف. تنفرد سجاجيد الصلاة بأسلوب معين من الرسوم والزخارف إذ تتألف زخرفتها عموماً من رسم محراب تحف به مجموعة من الإطارات على هيئة مستطيلات متداخلة. ويتألف المحراب من عقد وجانبين وربما زاد عدد المحارب أو العقود الى ثلاثة أو أكثر متجاورة، والشائع أن يكون العقد فردياً، وربما وجد محرابان متقابلان. ويختلف شكل العقد من سجادة الى أخرى، فقد يكون مقوساً أو مدبباً أو غير ذلك، وقد تكون زاوية العقد حادة أو منفرجة، وقد يكون المحراب منبسطاً في أعلاه. وأحياناً يرتكز العقد على عمودين من الجانبين أو على أكثر من ذلك وقد ينفصل العمودان عن العقد من أعلى أو عن أرضية المحراب من أسفل، وقد يبدوان كأنهما شريطان أو شمعتان. وقد يتدلى من مفتاح العقد أو أعلاه مشكاة أو اناء زهور أو ابريق أو غير ذلك. تكسو السجادة زخارف من أنواع مختلفة، نباتية وهندسية وكتابية فضلاً عن رسوم أخرى. وتنسق جميعها داخل أجزاء السجادة، من أشرطة وعقد واطارات. ويلاحظ ان زخارف سجاجيد الصلاة خالية من رسوم الكائنات الحية، وهذا يتفق مع تحريم استخدام رسوم الكائنات الحية في الأمور الدينية. وما يسترعي الانتباه أن كثيراً من الزخارف التي تزين سجاجيد الصلاة ذات علاقة بهذه الفريضة وطقوسها. فالمحراب الذي يمثل الوحدة الزخرفية الرئيسية في السجادة انما يرمز الى محراب المسجد الذي يعين القبلة التي يجب أن يولي كل المسلمين وجوههم شطرها أثناء الصلاة، ومن ثم فإن السجادة تفرش حتى يتجه محرابها نحو القبلة. وبعض الزخارف التي تحف بالمحراب من أعلاه تشبه رسوم بلاطات الخزف أو قطع الرخام الملون التي جرت العادة أن تزخرف بها عقود المحاريب في المساجد. وتتضمن بعض السجاجيد أحياناً رسوم أباريق، ويكون الابريق متدلياً من أعلى المحراب بدلاً من المشكاة، والواضح ان الابريق يرمز الى الوضوء بالماء الذي يجب أن يؤديه كل مسلم قبل الصلاة. وتتضمن بعض سجاجيد الصلاة رسوم مبان ذات قباب وتظللها الأشجار، ويعتقد البعض أنها تمثل أضرحة، وان هذه السجاجيد ذات صلة بالمقابر ويطلق عليها اسم "مزار لك". غير أن معظم زخارف السجاجيد يتألف من زخارف مستمدة من عالم النبات، ويلاحظ ان هذه الرسوم حورت أشكالها بحيث صار من المتعذر في كثير من الأحيان الربط بين الرسم وبين النبات الذي استمد منه، بل ان كثيراً منها صار أقرب الى الرسوم الهندسية التي شاعت هي الأخرى في زخرفة سجاجيد الصلاة. ومما له مغزاه ان الكروم وأعنابها وأوراقها لم تنتشر في زخرفة سجاجيد الصلاة وربما يرجع ذلك الى صلة الكروم بالخمرة التي حرم شربها.