} لم تنته "سنة الكوارث" في روسيا على خير. فبعد حريق برج موسكو وغرق الغراصة النووية "كورسك" والكثير من الحوادث المختلفة في منشآت عسكرية وصناعية، حبس الخبراء انفاسهم أكثر من عشرين ساعة بعد توقع سقوط محطة "مير" الفضائية على مناطق آهلة بالسكان. وما أن عاد الاتصال مع المحطة الى طبيعته وتنفس الروس الصعداء، حلت الكارثة الجديدة مع اعلان وكالة الفضاء الروسية فقد الاتصال مع الصاروخ "تسيكلون 3" الذي يحمل ستة أقمار اصطناعية. بعد اعلان وكالة الفضاء الروسية "حال طوارئ" في ظل فقدان الاتصال مع محطة "مير" عصر الاثنين الماضي، استعد "طاقم حوادث" مؤلف من رائدي فضاء للانطلاق اليها في محاولة لتفادي احتمال سقوطها. لكن الاتصال مع المحطة التي تعمل عن طريق التحكم عن بعد، عاد بعد عشرين ساعة. وتمكنت وكالة الطاقة من تحديد اسباب الحادث الذي يعود الى نقص مفاجئ في تغذية مجمع الشحن الأساسي في المحطة بالطاقة. وتعد هذه الحادثة الأولى من نوعها منذ بدء عمل المحطة عام 1986. وكانت الحكومة الروسية قررت في خريف العام الجاري اخراج "مير" من الخدمة وبدأت الاستعدادات النهائية لارسال المركبة "تقدم م1" التي ستلتحق بها في كانون الثاني يناير المقبل لتوجيهها الى "مقبرتها" في المحيط الهادي. لكن حال الطوارئ لم تلبث أن عادت وعاد القلق ليسيطر على الخبراء، بعد فقدان الاتصال مع الصاروخ "تسيكلون 3" الذي يحمل ستة أقمار اصطناعية ومخاوف من سقوطه على الأرض. وأطلق "تسيكلون 3" مساء الأربعاء من قاعدة بليستسيك السيبيرية وهو يحمل ثلاثة أقمار من طراز "غونيتس و1" اطلقتها وكالة الفضاء لأغراض علمية، اضافة الى ثلاثة أقمار من طراز "كوسموس" كانت ستستخدم لاغراض عسكرية لمصلحة وزارة الدفاع الروسية. لكن "تسيكلون" فشل في وضع الاقمار على مدارها على ارتفاع 1400 كيلومتر. وقالت مصادر وكالة الفضاء ان حال الطوارئ أعلنت فور توقف الاتصال بعد لحظات من بدء عملية فصل الجزء الثالث من الصاروخ الذي يحمل الأقمار. وشكلت على الفور لجنة لمعرفة أسباب الحادث الذي تم خارج منطقة المراقبة الأرضية. وبعد انتظار دام زهاء 15 ساعة، أعلنت وكالة الفضاء العثور على بقايا الصاروخ وحمولته على بعد 58 كيلومتر من جزيرة فرانجيليا شمال شرقي سيبيريا. وكانت الوكالة توقعت سقوطه في منطقة الجزيرة التي يقطنها زهاء 150 شخصاً. ويأتي هذا الحادث على رغم ان الصواريخ من طراز "تسيكلون" التي اطلق أول نموذج منها عام 1977، تعد من أفضل الصواريخ الحاملة للأقمار. وتصل نسبة دقتها وأمانها، بحسب الخبراء، الى 96 في المئة. وهي قادرة على حمل 190 طناً عند انطلاقها. وتستطيع وضع الأقمار على ارتفاعات من 150 الى 10000 كيلومتر وتتميز بتمكنها من توزيع الاقمار المحمولة على ارتفاعات متعددة. وهذا الحادث الأول لهذه الصواريخ، لكنه الثاني في روسيا بعد فقدان القمر الأميركي "كويك بيرد" اتصاله مع الأرض بعيد اطلاقه من قاعدة" كوسموس 3م" في تشرين الثاني نوفمبر الماضي. ولم تتمكن وكالة الفضاء بعد من تحديد أسباب الحادث لكنها أكدت أن الجزء الثالث من الصاروخ احترق مع الأقمار المحمولة اثر دخوله طبقة عالية الكثافة في المحيط الجوي. ورجحت مصادر وزارة الدفاع الروسي ان تعود أسباب الحادث الى خلل فني في بناء الصاروخ. ويسود القلق أوساط المراقبين بسبب تكرار الحوادث ذات الطابع الفني. ويرى الخبراء ان سلسلة من الكوارث بدأت بالفعل في روسيا التي تعاني من "انهيار البنى الصناعية التحتية". ويشيرون الى ان أنظمة السلامة العسكرية والمصانع الكبرى والمحطات النووية باتت مهددة بشكل جدي، اضافة الى خطوط نقل الغاز والنفط والكهرباء، وطرق السيارات والسكك الحديد والجسور والانفاق التي تحتاج الى عمليات صيانة وتحديث فورية. ويؤكد الخبراء ان معظمها استهلك بنسب تراوح بين 65 و80 في المئة. ويعني ذلك ان روسيا لن تنتظر الكوارث من الفضاء وحسب، بل من منشآتها الصناعية الكبرى والتي قد تتعرض لحوادث لا يمكن التنبؤ بنتائجها بسبب اعطال فنية.