} الى اي مدى يمكن استعادة العام 2000 في هيئةالغواصة النووية الروسية "كورسك" الغارقة، وطائرة "كونكورد" الفرنسية المحترقة، وحوادث الطيران المتكررة وغيرها، اي في صورة العلاقة مع مخاطرالعلم ومشاريعه الكبيرة ؟ قبل تلك الاحداث كلها، استهل العام بالاطمئنان وسكون المخاوف من "أزمة الكومبيوتر للعام الألفين" أو "بقة الألفية". وسرعان ما تبدد الخدر، ومن مكمنها جاءت المخاطر، وعانت مواقع التجارة الالكترونية هجمات "دوس" التي عطلت مواقع الشركات الكبرى للاقتصاد الجديد الذي كان في ذروة تألقه. ومع جائحة "فيروس الحب"، بدا كأن المخاوف القديمة من عدم أمان الشبكة الدولية للكومبيوتر واعتبارها ارضاً بكراً غير واضحة القوانين والمصائر، لقيت ما يؤيدها. بعد اقل من شهر، بدا الذعر المتوهم من "فيروس الحب" "دوس" شأناً هيناً امام "المخاطر" التي جاءت من الوقائع الصلبة، اذ انهارت بورصة "نازداك" وتحققت المخاوف الاسوأ في صدد الاقتصاد الرقمي. ومرة اخرى بدت الوقائع اليومية مصدراً للرعب الفعلي الأشد، وكأن "نازداك" خرج تواً من اشرطة "هيتشكوك"... على رغم أنها وهم خالص صرف! في منتصف العام، اعلن عن التوصل الى الخارطة التقريبية الأولى للجينوم البشري، وتسربت المخاوف التي لابست طويلاً مجمل النظرة الى علوم الهندسة الوراثية التي تجد تأييدها في شواهد مثل "اليوجينيا" والتنظير العلمي لنظريات الصفاء العرقي وتفوق السلالات، كما كان الأمر في الحال الهتلرية على سبيل المثال. فما الذي يضمن الا تكون عودة الى اعلاء شأن العرقية، ولو في ملابس جديدة ونبرات مختلفة؟ وفي المقابل، ذهب بعض المخاوف حتى الى استحضار عودة الديناصور وولادة الوحوش الشائهة والمخلوقات الغرائبية المهجنة بفعل التلاعب البشري بأمر الجينات. تلك الهواجس المتعددة المصادر والملامح، والتي ربما عاد بعضها الى الأسطرة المستمرة للعلم وشؤونه، وجدت بعض التعضيد لها في الحوادث التي ربما أشرت الى خلل في العلاقة مع المنجزات الكبرى التي طالما قدمشت الصور الكبيرة الزاهية للعلم. ولطالما مثلت الغواصات النووية والطائرات الأسرع من الصوت نماذج من القدرات الهائلة التي يحوزها العلم باعتباره محل القدرة الانسانية ، وكذلك النص المتين في علاقة الانسان مع الكون . وعانت الأمر المؤسسات الإجتماعية، مثل الدولة في حال "كورسك" والشركة في "كونكورد"، بمقدار ما اقامت عليه من دعاوى. ولعل امر الجينوم يضرب في جذر أعمق ويطاول صورة العلم كلها ، وربما لأن شانه يطاول الهوية الانسانية نفسها . وبهذا المعنى يسلك جمع من الاحداث المتفرقة، مثل "كورسك" و"كونكورد" وغيرهما، في سلك مشترك . amoghrabi@alhayat. com معلومات أساسية منذ العام 1732 لاحظ العلماء ظاهرة سموها "البقر المضطرب"، وهي ما عرف لاحقاً باسم "الالتهاب الاسفنجي للدماغ البقري" Bovine Spongiform Encephalitis واختصاراً BSE. عام 1982، توصل العالم برسلي بروسنر الى نظرية "بريون" Prion في تفسير BSE. وقال بتحول مركب بروتيني طبيعي الى بريون، فيؤدي الى تلف الخلايا العصبية ويمهد لابتلاع كريات الدم البيض لها. وهو ما يولّد "الفراغات" التي تعطي الدماغ المريض شكلاً اسفنجياً. ويؤدي بريون الى تراكم ترسبات Plapues دهنية في الدماغ. رفض العلماء مقولات بروسنر الذي أشار أيضاً الى ان بريون يعدي الانسان والبقر على حد سواء. وارتكز الرفض على ثبات نظرية "الحاجز البيولوجي" بين الأنواع الحيّة. مطلع التسعينات ضرب "جنون البقر" بريطانيا بقوة. وعام 1995 منح بروسنر جائزة نوبل للطب عن نظرية "بريون".