كييف، بروكسيل، نيويورك - رويترز، أ ف ب - يُسدل الستار غداً على آخر فصول تشرنوبيل، اذ ستغلق نهائياً المحطة التي اقترن اسمها بأسوأ كارثة في تاريخ الطاقة النووية المدنية عندما انفجر مفاعلها الرابع في 26 نيسان ابريل 1986 ليطلق سحابة من الغبار النووي المشع فوق اوكرانيا وبيلاروسيا وروسيا ويلوث ثلاثة ارباع اوروبا. لكن اغلاق المحطة سيكون عملية طويلة ومكلفة تستغرق عشرات السنين. كان الحادث ادى الى مقتل رجال مطافىء في تشرنوبيل، الواقعة على مسافة 125 كيلومتراً شمال كييف. كما تسبب الاشعاع بألوف الوفيات، بالاضافة الى زيادات في الاصابة بسرطان الغدة الدرقية. وحُشد مئات آلاف الاشخاص من انحاء الاتحاد السوفياتي لتنظيف موقع الكارثة، وتوفي كثيرون منهم من جراء التعرض للاشعاع واصبح آخرون معوقين. وفي تشرين الثاني نوفمبر 1986، اُحكم اغلاق المفاعل بانشاء غطاء فريد من نوعه يؤمن حماية البيئة من الاشعاع لمدة لا تقل عن 30 سنة. وتلقى الرئيس الاوكراني ليونيد كوتشما رسائل تهنئة بهذه "المناسبة التاريخية" من كوفي أنان الامين العام للامم المتحدة والبابا يوحنا بولس الذي ينوي زيارة اوكرانيا السنة المقبلة. وقال الناطق باسم كوتشما امس ان هذه المناسبة ذات دلالة رمزية كبيرة "اذ ندخل الألفية الجديدة من دون تشرنوبيل". وكان أنان رحب اول من امس بقرار الحكومة الاوكرانية اغلاق محطة تشرنوبيل، الاّ انه عبّر عن "قلقه العميق" للمضاعفات بعيدة المدى للحادث، ودعا الدول الاعضاء الى المساهمة في مشاريع اعادة التأهيل التي تنفذها المنظمة الدولية. وقالت الناطقة باسمه: "في هذه المناسبة التاريخية، يدعو الامين العام كل الحكومات الى ان تضع السلامة في صدارة اولوياتها للحؤول دون تكرار مثل تلك الكوارث". وقاومت اوكرانيا طويلاً اغلاق محطة تشرنوبيل التي استمر آخر مفاعلاتها العاملة بتزويدها خمسة في المئة من الكهرباء، وضغطت على الغرب لتقديم قروض لمساعدتها في انجاز هذا الخطوة وانهاء العمل في المفاعلات البديلة. ولكن بعد سنوات من المحادثات مع الدول الغربية، تعهد الرئيس الاوكراني كوتشما في حزيران يونيو الماضي اغلاق المحطة في 15 كانون الاول ديسمبر الجاري وعدم اعادتها للعمل. وتعهدت الدول الصناعية السبع الكبرى تقديم مساعدة قيمتها 3،2 بليون دولار الى اوكرانيا. وصادقت المفوضية الاوروبية امس على منح اوكرانيا قرضاً بقيمة 585 مليون دولار بهدف بناء مفاعلين نووين سيعوض انتاجهما اغلاق المحطة. وستبلغ التكاليف الاجمالية للمشروع 48،1 بليون دولار، كما اوضحت المفوضية في بيان عن القرض الذي منحته الى شركة الكهرباء الاوكرانية "انيرغواتوم"، والذي صادقت عليه وكالة الطاقة النووية الاوروبية "اوراتوم". وقالت ان القرض سيساهم في بناء مفاعل في محطة كميلنيتسكي النووية ومفاعل آخر في محطة ريفني اللذين سيزودان اوكرانيا "طاقة بديلة" بعد اغلاق تشيرنوبيل نهائياً. وقد صُمّما لتكون سلامتهما مطابقة للمعايير الغربية. يشار الى ان المحطة النووية تعرضت منذ 1986 لحوادث بسيطة عدة واغلاق موقت، وكان آخر هذه الحوادث الاسبوع الماضي عندما اغلق الفنيون المفاعل اثر تسرب بخار.