تعصف بتركيا ازمة مالية حملت البنك المركزي على ضخ سبعة بلايين دولار تقريباً خلال ثمانية أيام لمواجهة نقص السيولة، ما ادى الى تدني قيمة الاسهم المرجعية في بورصة اسطنبول. أنقرة - أ ف ب، رويترز - ضغطت ازمة السيولة التي تمر بها تركيا على سوق الاسهم خلال الايام القليلة الماضية وهبط مؤشر الاسهم المئة الرئيسية في البورصة يوم الثلثاء بنسبة 9.01 في المئة لدى الاقفال، متراجعاً للمرة الاولى منذ بداية السنة الى ما دون عتبة العشرة الاف نقطة الى 9.641 نقطة. وتباطأ التدني أول من أمس واقفلت البورصة على 9.512 نقطة أي بخسارة نسبتها 1.3 في المئة من اقفال الثلثاء. وتدخل البنك المركزي من جديد أول من أمس وضخ 2.7 بليون دولار كما ذكرت وكالة انباء الاناضول. ومنذ 21 تشرين الثاني نوفمبر الماضي، ضخ البنك 4.5 بليون دولار كما قال مصدر مصرفي. وبدأت المشكلة عندما طلب البنك المركزي من المصارف التركية خفض مستوى استدانتها بالعملات الاجنبية مقارنة بأصولها، ما ادى الى طلب كبير على الليرة التركية لشراء الدولار. واضيفت الى طلب البنك المركزي مشكلة مصرف "دميربنك" الكبير الذي يعاني من نقص السيولة لاقفال حساباته. وادى ذلك الى ضغوط على نسب الفائدة التي بلغت 150 في المئة في السوق النقدية وتسببت في موجة من الذعر في البورصة حيث باع صغار المستثمرين اسهمهم فيما عمدت المصارف الاجنبية الكبرى القلقة الى سحب ارصدتها قبل الاوان لاقفال حساباتها لنهاية السنة حتى لا تبقى في بلد يواجه مخاطر. لذلك خرجت اربعة بلايين دولار من تركيا خلال ايام قليلة، كما قال مصدر مصرفي. واشتد التشنج في البورصة من جراء انعدام الثقة في المصارف على اثر سلسلة من الفضائح المحيطة بإفلاس عشرة منها العام الماضي ووضع بعض منها تحت الوصاية. واعتقل عشرة اشخاص للاشتباه في اقدامهم على الاختلاس وتحويل اموال الى الخارج بصورة غير قانونية - وهذا خبر تتابعه جميع وسائل الاعلام يوماً بعد يوم -- منهم حفيد الرئيس السابق سليمان ديميريل، يحيى مراد ديميريل صاحب احد هذه المصارف. وقال مصدر مصرفي تركي ان الاجتماع الذي عقده البنك المركزي مساء الثلثاء في اسطنبول مع وزارة الخزانة ومجلس الاشراف على المصارف و169 مؤسسة اعتماد كبيرة، قرر الطلب من صندوق النقد الدولي والبنك الدولي الاسراع في تقديم القروض باعتبار ذلك احد التدابير الممكنة لزيادة السيولة. لكن كوني لوتز المتحدث باسم صندوق النقد الدولي قال أول من أمس من واشنطن ان الصندوق لا ينوي في الوقت الراهن تقديم مساعدة عاجلة الى تركيا لمواجهة ازمتها المالية. واضاف: "نحن على اتصال وثيق بالسلطات التركية ونناقش التدابير الملائمة لتثبيت الوضع". وقالت مصادر قريبة من الصندوق ان هذه التدابير تشمل السياسات التي تتبعها السلطات والبنك المركزي التركي، وان المؤسسة المالية الدولية تنتظر ان تعرف منها التفاصيل قبل دراسة احتمال تقديم مساعدة عاجلة. وسيتخذ صندوق النقد الدولي قبل نهاية كانون الاول ديسمبر الجاري قراراً بدفع جزءين ام لا من اعتماد عند الطلب ممنوح لتركيا في كانون الاول ديسمبر 1999. وتبلغ قيمة كل من هذين الجزءين اللذين يمكن ان يدفعا في وقت واحد 283 مليون دولار. وكان ستانلي فيشر المدير العام المساعد لصندوق النقد الدولي اعلن في 26 تشرين الثاني نوفمبر الماضي ان البرنامج الاقتصادي الذي تطبقه الحكومة التركية لتنفيذ الشروط المفروضة للحصول على هذا الاعتماد "يسير في الطريق الصحيح". وقال مصدر قريب من الصندوق ان اجتماع مجلس ادارة صندوق النقد الدولي الذي سيناقش الطلب التركي مقرر في الاسبوع الثالث من كانون الاول ديسمبر لكن يمكن ان يعقد قبل هذا الموعد. وترتبط تركيا مع صندوق النقد الدولي منذ 1999 باتفاق لفتح اعتماد عند الطلب بقيمة اربعة بلايين دولار موزعة على ثلاث سنوات، في مقابل برنامج اصلاحات بنيوية يقضي خصوصاً باصلاح القطاع المصرفي والضريبي ومكافحة التضخم. ووعد البنك الدولي من جهته انقرة بثلاثة بلايين دولار خلال ثلاث سنوات. وتعكس هذه الازمة المالية حال اللااستقرار في القطاع المصرفي التركي وهشاشته الذي تحاول الحكومة معالجته في الوقت الراهن. ولدى تركيا ايضاً فائض مريح من الاحتياط بالعملات الصعبة كان يناهز 24 بليون دولار قبل الازمة المالية. لذلك يبقى المحللون متفائلين ويعتقدون بأن الوضع سيتحسن في الاسابيع المقبلة. ومن المتوقع ان تكون نهاية الاسبوع حاسمة لمعرفة ما اذا كانت حركة مغادرة رؤوس الاموال ستستمر وتشمل ايضاً المستثمرين الاتراك الامر الذي من شأنه طرح مشكلة حقيقية. الناتج القومي اظهرت ارقام رسمية أمس ان اجمالي الناتج القومي في تركيا نما بنسبة 6.9 في المئة في الربع الثالث من سنة 2000 مقارنة بالفترة المقابلة من العام الماضي ليخرج بذلك الاقتصاد التركي من كساد عام 9991. وقال معهد الاحصاء التركي ان اجمالي الناتج المحلي نما بنسبة 7.4 في المئة خلال الفترة قيد المقارنة. وزاد اجمالي الناتج القومي في الاشهر التسعة الاولى من السنة الجارية بنسبة 5.4 في المئة بينما نما اجمالي الناتج المحلي 6.5 في المئة في الاشهر التسعة. وعدل المعهد معدل انكماش اجمالي الناتج القومي الاجمالي في العام الماضي من 6.4 في المئة الى 6.1 في المئة. وكان الاقتصاد التركي تأثر بشدة في العام الماضي من آثار الازمة الروسية وزلزالين مدمرين.