من الملاحظ مع الانتشار السريع للإنترنت نشوء الكثير من الحالات الشاذة. حالات ينحرف فيها محترفو هذه "اللعبة" الإلكترونية عن غاياتها العلمية والمهنية والتقنية. فيعمدون الى إساءة استعمال ما توفره شبكاتها العالمية من خدمات ثقافية وتربوية واقتصادية ومالية واجتماعية وإلى تشويه ما تؤمنه من تبادل الاتصالات والمعلومات واختصار الزمن والمسافات بين سائر أبناء البشر في "القرية الكونية" وصولاً الى ابتزاز الكثير من الضحايا الذين يقعون نتيجة جهلهم فريسة سهلة في شرك هؤلاء اللصوص وأحابيلهم. في هذا السياق نشرت جريدة "لو دوفوار" الصادرة في مونتريال - كندا بتاريخ 25 أيلول سبتمبر 2000 نماذج عن تلك الأعمال كان آخرها وقوع أحد الأشخاص في فخ المتاجرة بالشهادات الجامعية. وطبيعي ألا يتردد البعض أمام ما يقدمه هؤلاء من عروض مغرية طالما أن الحصول على أي دبلوم جامعي، كما يدعون، هو أمر يسير ولا يكلف صاحبه أثماناً باهظة، إذ يكفي الطالب أن يتصل بجامعة "ديغري بروغرام" بواسطة تحريك الفأرة السحرية المتصلة بجهاز الكمبيوتر لتفتح أمامه نافذة على شاشة الإنترنت تتضمن العبارة التالية: "اتصل الان وتلق دبلومك خلال أيام". تفاصيل العملية ويتابع الإعلان في نافذة أخرى تفاصيل العملية بقوله: "لضمان مستقبلك الباهر ومكانة مرموقة علمياً ومهنياً وأكاديمياً، نمنحك شهادة جامعية عالية تتناسب ومؤهلاتك وخبراتك. فلا اختبارات ولا مسابقات ولا كتب ولا مقابلات. وبإمكانك أن تختار ما يناسبك من شهادات: كبكالوريا، دبلوم أو دكتوراه. فجميعها جاهزة وتحت الطلب". وتكشف صحيفة "لو دوفوار" أن هذا الإعلان قد ظهر أخيراً على شاشة الإنترنت وأن أحد الأشخاص قام بالاتصال مع أدي بارينز أحد المسؤولين في جامعية "ديغري بروغرام" على العنوان المحدد في البريد الإلكتروني. وبعد أن تعرف بارينز على مؤهلات سائله، عرض عليه شهادة جامعية في علم الاتصالات تمنحها جامعة برونتويك في لندن، وهي على حد زعمه، جامعة متخصصة انشئت عام 1983، وتؤمن خدماتها للطلاب المقيمين خلف البحار. وهي الى ذلك تقدم شهاداتها من دون اجراء امتحانات أو اختبارات، ويمكن الحصول عليها في مدة اقصاها عشرة أيام، وتتراوح كلفتها بين 1000 و1400 دولار يمكن أن تدفع على قسطين، ومن ثم يجري إرسال الشهادة الى صاحبها ممهورة بخاتم الجامعة علاوة على ما تتضمنه الشهادة من تاريخ الحصول عليها ورقم الطالب الجامعي وكشف بعلاماته والمحاضرات التي تلقاها خلال تلك الفترة كما تزود الجامعة الطالب بعنوانها الإلكتروني ورقم الهاتف والفاكس إذا ما أراد الحصول على معلومات إضافية. يسمونها "فرصة" وقبل إتمام الصفقة مع الزبائن يحرص المسؤول عن منح الشهادات على تذكيرهم بالعبارة التالية: "هذه فرصة ثمينة لا تعوض. ومن لا يشتري ورقة يانصيب لا يمكن أن يحلم بالربح. وهذا شعارنا مع الجميع". وأمام تكرار مثل تلك الحالات التي تضج بها شبكات الإنترنت العالمية والتي تنشر الصحف الكندية والأميركية بعضاً من فصولها من حين الى آخر، يبدو أن هذه الظاهرة الشاذة لا تزال خارج السيطرة الأمنية والقانونية، علماً أن الأجهزة الأمنية الكندية سي اس والأميركية اف بي آي أنشأت أخيراً شعبة خاصة لمكافحة تلك المخالفات والتجاوزات والتعديات وعمليات الاحتيال التي تحصل تباعاً على شبكات الإنترنت. إلا أن مسؤول الأمن الكندي بيار بيشو أكد استحالة الكشف عن هوية العابثين بتلك الشبكات أو إمكان ملاحقتهم وتقديمهم الى القضاء.