إن أميركا يمكن أن تحمي اليهود فترة من الزمن. هذه الحماية مرهونة ببقاء قوة أميركا وسيطرتها، وولائها الى اليهود. وكذلك فإن هذه الحماية محفوفة بمخاطر أهمها عدم وجود قانون طبيعي يعطي الحق للقوة الظالمة ان تستمر في ظلمها الى الأبد. إن مخاطرة اليهود بمستقبلهم وعلاقتهم بالعرب في مقابل الحماية الاميركية تعتبر أكبر حماقة ومخاطرة يرتكبها اليهود في حق أنفسهم طوال تاريخهم المأسوي، بداية من الشتات الى معاداة الشعوب الأخرى لهم، الى الاضطهاد والعزلة في جميع دول العالم. والآن، وبعد كل ذلك ألا يوجد رجل رشيد من بني إسرائيل يقول لقومه، يا قوم ما لكم لا تتعظون بما حدث لنا بالأمس، وترمون بأنفسكم وأبنائكم وأحفادكم الى التهلكة والدمار الشامل، والى موت محقق لا محالة، بسبب تعنتكم وغطرستكم وكبريائكم وتعاليكم في الأرض بغير حق؟ وغركم في ذلك مساندة القوة الغربية الغاشمة التي تريد أن تتخلص من اليهود وتبيدهم عن طريق التغرير بهم وتأييد ظلمهم. وقد غرهم أن القوة العسكرية وحدها تكفي لحماية اسرائيل وشعبها على مدار السنين. والتاريخ خير شاهد على عكس ذلك. فكم من أمة كانت عزيزة وقوية بالأمس فأصبحت اليوم ذليلة وضعيفة تستحق العطف والمساعدة مثل ما حدث في الاتحاد السوفياتي بالأمس، ولم تمنعه أسلحته الذرية وصواريخه العملاقة من الانهيار. بل كانت الآلة العسكرية، وتكلفة إدارتها والبقاء عليها، هي السبب الأول في انهيار الاتحاد السوفياتي. وكذلك الحال ستكلف الآلة العسكرية الاسرائيلية الدولة العبرية وكل اليهود أعباء مالية طائلة ستعجل في انهيار هذه الدولة التي قامت على الآلة العسكرية فقط... فهل سيعتبر عقلاء اسرائيل مما حدث لهم في الماضي، ولا يكررون مأساتهم بأيديهم، وقد سنحت لهم فرصة حقيقية لإقامة سلام حقيقي تبني عليه اسرائيل دولة حقيقية لأبنائها وأحفادها ولأجيال، قائمة على العدل والمساواة بين أبناء المنطقة والتآخي بين دول المنطقة للعمل سوياً من أجل البناء وسعادة الانسان في كل مكان وزمان. ... اللهم إن كان قدر في الأزل لبني اسرائيل أن تجمعهم، وتمكن لهم في الأرض، فاللهم لا تسلطهم على عبادك الموحدين، واصرف كيدهم عن أمة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، الى أن يحدث من بعد ذلك أمر من عندك، يا عزيز يا حكيم، تنصر وتعز به أهل طاعتك، وتهزم وتذل به أهل معصيتك. الرياض - د. مختار محمد قاسم بلول