} أرسى الرئيس الاميركي بيل كلينتون الاسس الجديدة لتطوير العلاقات بين واشنطن وهانوي، وذلك خلال الزيارة التاريخية التي يقوم بها لفيتنام. كما سعى الى ازالة المشاعر المعادية لبلاده بين الفيتناميين، منوهاً في خطاب ألقاه في هانوي امس، ب"التضحيات الهائلة" للشعب الفيتنامي خلال الحرب، مشيراً الى ان البلدين تحولا توأماً من خلال "المعاناة المشتركة" التي خلفت علاقة متميزة بينهما. ولم يعكر صفو الزيارة سوى تطرق كلينتون الى حقوق الانسان، الامر الذي حاولت هانوي التعتيم عليه. هانوي - رويترز، أ ف ب - أبدى الرئيس الاميركي بيل كلينتون سعادته للزيارة التي يقوم بها لفيتنام وتأثره الشديد للاستقبال الحار الذي لقيه هناك، مؤكداً انه يتطلع الى بناء مستقبل جديد للعلاقات بين البلدين. وجاء ذلك في خطاب ألقاه امام طلاب جامعة هانوي نقلته وسائل الاعلام الفيتنامية على الهواء مباشرة. وترافق الرئيس الاميركي في زيارته التي تستغرق ثلاثة ايام زوجته وابنته. وتطرق كلينتون في خطابه الى نصب قتلى فيتنام الذي اشيد في واشنطن وحفرت عليه اسماء 58 الف عسكري اميركي قتلوا في الحرب، مشيراً الى ان بعض المقاتلين القدامى يعتبرون ان الجانب الآخر للجدار يحمل تضحيات "ثلاثة ملايين جندي شجاع ومدني" فيتنامي قتلوا أيضاً في هذا النزاع. وتابع ان "هذه التضحيات المشتركة منحت امتينا علاقات لا مثيل لها". واشاد كلينتون بجهود هانوي في المساعدة على معرفة مصير الجنود الاميركيين المفقودين اثناء الحرب. وقال ان "رغبة فيتنام في مساعدتنا على اعادة رفات قتلانا الى أسرهم، كانت اكبر حافز لتحسين العلاقات". واكد ان هدف المصالحة بين الاميركيين والفيتناميين هو "منح الاجيال الشابة مثلكم في بلدينا فرصة للعيش في المستقبل الخاص بكم وليس في ماضينا". واستعار من السفير الاميركي في هانوي بيت بيترسون قوله: "لا يمكننا تغيير الماضي لكن بوسعنا تغيير المستقبل". كذلك ناشد هانوي منح الشباب دوراً في صياغة المستقبل، كما حدث في تاريخ الولاياتالمتحدة، بحسب قوله. وحاول كلينتون بلطف حض فيتنام على التفكير في زيادة احترام حقوق الانسان من طريق الانفتاح في نظامها السياسي وتحرير اقتصادها. واوضح الرئيس الاميركي: "تجربتنا علمتنا ان ضمان حق ممارسة الدين وحق المعارضة السياسية لا يهدد استقرار مجتمع بل على العكس، يعزز هذا الحق ثقة الشعب بعدالة مؤسساتنا". ولوحظ ان المترجم الفيتنامي الرسمي عمد الى تحريف مقاطع من كلام كلينتون في هذا الشأن. وكان المدافعون عن حقوق الانسان الحّوا على الرئيس الاميركي قبل زيارته التاريخية لفيتنام، ان يثير قضية المنشقين في هذا البلد. وأسف الرئيس الاميركي الذي عارض في شبابه حرب فيتنام، ان تكون فترة "عقدين من نزاع نطلق عليه اسم حرب فيتنام وتسمونه الحرب الاميركية"، طغت على جهود التعاون التي بذلت منذ القرن الثامن عشر بين البلدين. واضاف ان "تاريخ الامة الفيتنامية والأمة الاميركية قائم على روابط وثيقة هي في آن مصدر معاناة للاجيال السابقة ووعود للاجيال المقبلة". ولم يقدم الرئيس الاميركي اعتذارات الى فيتنام بشأن هذا النزاع وهي بادرة لم تستعد لها الولاياتالمتحدة بعد، لكن كلينتون اراد على ما يبدو القيام بخطوة رمزية باتجاه المصالحة عبر اقراره بحجم المآسي التي عاناها الفيتناميون سواء في الشمال او في الجنوب. وكلينتون هو اول رئيس اجنبي تمنحه فيتنام فرصة مخاطبة الامة على الهواء مباشرة وهو اول رئيس اميركي يزورها منذ الحرب بين البلدين التي انتهت في السبعينات. ومن خلال ترجمة فورية تابع الفيتناميون خطابه. وكانت الترجمة واضحة في معظم الخطاب الا ان بعض المستمعين اشتكى من انها اصبحت غير مفهومة في بعض الاحيان. وقال مستشار الرئيس الاميركي لشؤون الامن القومي ساندي بيرغر في تقريره عن المحادثات الرسمية للرئيس كلينتون ان "هذا اليوم غير العادي يتوج الجهود التي تبذل منذ ثماني سنوات لاعادة علاقاتنا مع فيتنام مع بقائنا اوفياء لقيمنا وللذين خدموا هنا وعلى الاخص لاسر العسكريين المفقودين". وبدأت هذه المحادثات بلقاء مع الرئيس تران دون لوانغ الذي شكره كلينتون بحرارة على الحفاوة التي استقبله بها. وكان الآلاف من الفيتناميين من جميع الاعمار قد اصطفوا اليوم في الشوارع متسلقين اعمدة الاضاءة وفروع الاشجار لرؤية موكب كلينتون الذي كانت في استقباله مجموعة كبيرة من مسؤولي النظام الشيوعي الحاكم. كما شكر كلينتون للرئيس لوانغ الجهود التي تبذلها فيتنام لمساعدة الولاياتالمتحدة في العثور على رفات حوالى 1500 عسكري اميركي لا يزالون مفقودين، بحسما اوضح بيرغر. ومن جهة اخرى، سلم الرئيس الاميركي نظيره الفيتنامي حوالى 350 الف صفحة من الوثائق الرسمية لمساعدة فيتنام في التعرف على مصير مفقوديها الذين يقدر عددهم بنحو 300 الف. وأضاف المسؤول الاميركي ان واشنطن ستقدم لفيتنام مجموعة جديدة من الوثائق من نحو مليون صفحة قبل نهاية العام الحالي. كما وعد كلينتون فيتنام بالمساعدة في تحديد المناطق التي خزن فيها "العامل البرتقالي" وهو عنصر قوي يصيب الاشخاص الذين يتعرضون له بمشكلات صحية خطيرة. وتحدث الرئيسان ايضاً عن الاصلاحات الاقتصادية وهو الموضوع الذي تصدر كذلك المحادثات التي اجراها كلينتون مع رئيس الوزراء فان فان خاي الا ان كل منهما بقي على موقفه من قضية حقوق الانسان. وقال بيرغر ان كلينتون شدد على ان منح الفيتناميين حريات اوسع واحترام افضل لحقوق الانسان يشجع على تنمية البلاد. لكن الرئيس لوانغ اجابه "توجد تعريفات عديدة وقراءات مختلفة لحقوق الانسان". ووقعت الولاياتالمتحدةوفيتنام امس، اتفاقاً حول العلوم والتكنولوجيا والبيئة لمناسبة الزيارة التاريخية التى يقوم بها الرئيس الاميركي. وشهد حفل التوقيع كلينتون ونظيره تران دوك لوونغ في القصر الرئاسي في هانوي.