جورج بوش اتهم آل غور بأنه يخوض "حملة خوف" أو تخويف. الصحافي البريطاني اندرو ساليفان قال ان أجمل ما في اميركا انك تجد دائماً "انساناً" أكثر منك هوساً أو جنوناً، وهو سجل، في مقال بعنوان "إذا ساورك الشك اخترع عدواً"، حالات اخترع فيها الاميركيون عدواً، من شركات التبغ الى شركات النفط. ومرشح حزب الإصلاح بات بوكانان يقول ان آل غور وجوزف ليبرمان وجورج بوش وديك تشيني جزء من مؤامرة لإلغاء الولاياتالمتحدة والاستعاضة عنها بالأمم المتحدة ومنظمة التجارة العالمية وبروتوكولات حكماء صهيون. ومرشح الخضر رالف نادر يقول ان الشركات الكبرى تتآمر على المستهلكين، وهكذا... عالمة النفس البارزة دوروثي رو طورت الفكرة بشكل أوضح وأوسع في كتاب صدر هذا الشهر بعنوان "أصدقاء وأعداء"، فكرته ان الانسان يحتاج الى عدو بقدر ما يحتاج الى صديق، واذا لم يجد عدواً فعليه ان يخترع واحداً. وهي تقول ان الحاكم الذي يريد ان يبقى في موقع السلطة يخترع عدواً، كما فعل الجنرال غالتييري باحتلال جزر فولكلاند. وهذا اسلوب متبع في الديموقراطيات، كما فعلت مارغريت ثاتشر بمحاربة الغزو الارجنتيني والفوز بالانتخابات مرة ثانية. وعندما خسرت الولاياتالمتحدة عدوها الأساسي بسقوط جدار برلين سنة 1989، أعلن الرئيس بوش فوراً حرباً على المخدرات. ثم تحول العداء الى الأصولية الاسلامية، ولكن الولاياتالمتحدة وجدت ضالتها في صدام حسين. المؤلفة تقول بأسلوب غير علمي "تصور لو انك قليل الاهمية الى درجة ان لا أحد يهمه ان يكرهك"، وتضيف ان ايجاد شخص تُصب عليه مشاعر الكره يجعل الانسان يحب نفسه اكثر، فالانسان ينقل الى عدوه تلك الصفات فيه التي لا يريد ان يعترف بوجودها. هذه المقدمة الطويلة نسبياً تقودني الى صدام حسين، ففيما كنت أقرأ تصريحات جورج بوش، ومقال ساليفان، ونقداً لكتاب رو، كنت في الوقت نفسه أجمع سلسلة من المقالات عن الرئيس العراقي تضمنت معلومات مزعومة عنه لم يُقل نصفها في هتلر أو هولاكو. واختار من معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، ومجلة صحيفة "نيويورك تايمز"، و"الميل أون صنداي" و"الصنداي تلغراف" و"الصنداي تايمز" ما يلي: - صدام حسين عاد أين كان؟ وسيزيد تحدي منطقة الحظر الجوي، ويهدد منطقة الحكم الذاتي في شمال العراق أي قرار دولي انشأها؟ ويهدد الكويت ما الجديد في ذلك؟ ويحاول زعزعة استقرار الأردن إذا كان هذا لا يناسب صدام حسين، فهو يناسب حتماً كاتباً يهودياً في مؤسسة مارتن انديك. - صدام حسين مهووس بالنظافة، ويحاضر المسؤولين حوله في الموضوع، ويقترح الاستحمام مرتين في اليوم، وقد شوهد على التلفزيون وهو يقول لرئيس بلدية ان يستحم وهكذا، فالنظافة تهمة. - يعاني صدام حسين من نوبات غضب سوداء، يعالجها الأطباء بالأدوية لتهدئته هذه معلومات متوافرة للجميع طبعاً لأن صدام حسين مفتوح ومنفتح. - رغم الهجمات العنيفة من بريطانيا واميركا على صدام حسين، فهما لم تحاولا يوماً العمل للديموقراطية والحرية في العراق، ويبدو ان اعتراضهما على صدام حسين هو انه ليس في جيبهما، فهما تريدان ديكتاتوراً تستطيعان السيطرة عليه كلمة حق نادرة. - لا مجال البتة لتسميم صدام حسين، فطعامه يستورد من باريس، وهو من أفخر الأنواع أليس تسميمه في باريس أسهل منه في بغداد؟، وهناك معدات حديثة ثمنها ملايين الدولارات تفحص الطعام المقدم اليه بحثاً عن الاشعاعات والسموم وغير ذلك طبعاً هو يستطيع ان يستغني عن كل هذا بتكليف موظف ان يذوق الطعام قبله. - قصر صدام أيُّ قصر من عشرات القصور؟ مليء بنساء جميلات كن في الأصل عشيقات للرئيس العراقي، وتخلى عنهن، وأصبح عملهن تقديم "الخدمات" لضيوفه هذا كرم قصر عنه حاتم طي. - صدام حسين مسلم بالاسم فقط وكل العاملين في قصوره من المسيحيين هل سألهم الكاتب شخصياً عن دينهم. وما سبق نقطة في بحر ما قرأت عن صدام حسين في الأسابيع الأخيرة، من دون طلب، فهو جزء من المصادر المتوافرة لي. ولم أقدر أنني سأعود الى ملف صدام هذا، لأنني لن استطيع ان افرق بين الصدق والكذب فيه، فهو قادر على القسوة المرضية، لا الخطأ الذي لا يقع الأطفال فيه، ما يجعل لصق التهم به سهلاً. ولعل بين ما سجلت قدراً من الصدق، الا انني علقت عليه في موضعه لإظهار مواقع الضعف فيه. غير ان قراءتي عرض كتاب البروفسورة دوروثي رو جعلتني أرى المادة عن صدام حسين من زاوية جديدة هي حاجة الغرب، والولاياتالمتحدة تحديداً، الى عدو بعد سقوط الاتحاد السوفياتي. ومن يدري، فلعل الرئيس العراقي أدرك مع طول باعه في علم النفس حاجة اميركا الى عدو بعد سقوط جدار برلين، فأسرع الى احتلال الكويت في السنة التالية، ووفر على الراغبين مؤونة البحث عن عدو، الحاجة اليه كالحاجة الى صديق.