لم أخف من قبل إعجابي بالكاتب الصحافي داود الشريان الذي يمتاز بأسلوب صحافي "سهل ممتنع" لأنه دائماً يلامس قضايا من حياة الإنسان العربي عموماً، وهموم المجتمع المدني، على وجه الخصوص. وإن كنت معجباً بهذا الكاتب وموضوعاته التي يتطرق لها بين الحين والآخر، فلا يعني ذلك أنني اتفق معه في كل ما يقول، أو على كل ما يخطه يراعه! أجدني أشد اختلافاً معه في ما تناوله يوم 18/9/2000 تحت عنوان: "أبو سياف الليبي" في زاويته أضعف الإيمان. وسبب اختلافي مع الأستاذ الشريان ينبع من نقاط عدة أبدأها معه من آخر نقطة في مقاله حتى أصل الى بدايتها. 1- إن ليبيا الثورة التي وصفها بأنها "تدعي النضال"، حسب تعبيره، ليست في حاجة الى شهادة من الأخ الشريان حول نضالها وجهادها في مختلف المحافل ... وهي ثورة شعبية، بما تعني هذه الكلمة، لأنها انبثقت من رحم الشعب الليبي الكادح الذي لم يلهه واقعه البائس قبل الثورة، عن قضايا أمته العربية من المحيط الى الخليج... وحتى كلمة السر بين الضباط الوحدويين الأحرار الذين قاموا بالثورة كانت: "القدس". 2- أما إرضاء الغرب من قبل ليبيا فليسمح لي الأخ الشريان أن أذكره، بأن العكس هو الصحيح. فالغرب هو الذي يتهافت باستماتة على استرضاء ليبيا. والغرب هو الذي يطلب ودّ ليبيا، ويستجدي تدخلها من أجل إيجاد حلول لمسائل أصبح عصياً عليه حلها. فإنني أرجو ان يعود الأخ الشريان لمراجعة ما قاله السادة وزير خارجية ألمانيا ووزير خارجية فنلندا، والأمين العام المساعد في وزارة الخارجية الفرنسية الذين وجهوا الشكر الى ليبيا على تدخلها من أجل حماية أرواح الرهائن المفرج عنهم بفضل جهود "مؤسسة القذافي للجمعيات الخيرية"، وهي مؤسسة غير حكومية. كما أنني أحيله على ما قالته المجلة الألمانية الواسعة الانتشار "دير شبيغل" في عددها ما قبل الأخير الذي ذكرت فيه أن الحكومة الألمانية هي التي سعت لدى ليبيا للمساعدة في إنقاذ حياة الرهائن. 3- أما بالنسبة للمبالغ المالية، وملايين الدولارات التي دفعت على حساب قوت الشعب الليبي، فإن ليبيا سبق لها أن أعلنت مراراً وتكراراً أن هذا الزعم لا أساس له من الصحة، وأن ليبيا لم تدفع مبالغ مالية من جهتها. وإنما البلدان الغربية هي التي دفعت تلك المبالغ، وآخر شهادة جاءت في عدد المجلة الألمانية المشار إليها. 4- وبخصوص ما جاء في مقال الأخ الشريان من أوصاف وتعبيرات عن موضوع إطلاق سراح الرهائن من حيث هي: مسرحية، وتمثيلية، وسيناريو فلا أعتقد أن الأخ الشريان يغيب عن حسه الصحافي المرهف أن ليبيا كانت دائماً، وستظل، البلد الوحيد في العالم الذي دأب على فضح ما يحاك من مسرحيات في أية جهة من العالم، وهي التي ما انفكت تسمّي الأشياء بأسمائها من دون مواربة أو تزويق .... 5- إن أكثر ما أحزنني في ما كتبه الأخ داود الشريان في مقالته "أبو سياف الليبي" هو أن الكاتب ما زال يردّد ما أقلع صحافيو الغرب عن ترديده .... وكم أتمنى أن يزول حزني إذا ما تفهم الأخ الشريان الحقيقة بأبعادها الدقيقة. وأن لا يكون "ملكياً أكثر من الملك". لندن - علي شعيب / مدير مكتب وكالة الجماهيرية للأنباء