كانت الساعة الثالثة والنصف تقريباً بعد ظهر الجمعة في العشرين من ايار مايو 1927 بالتوقيت الاوروبي حين انطلق لندبرغ بطائرته من نيويورك، غير آبه بالاحوال الجوية السيئة التي كانت تخيم فوق المحيط، متجهاً الى باريس. وهو وصل الى "الارض الجديدة" عند الدقيقة الخمسين بعد منتصف الليل، ثم حلق في سماء ايرلندا عند الخامسة والدقيقة العشرين بعد ظهر اليوم التالي. منذ الساعة السابعة مساء كانت باريس كلها قد تجمعت مستعدة لاستقبال الطيار الاميركي وحبس الناس انفاسهم في غياب المعلومات الدقيقة: هل لا يزال حياً؟ هل سيصل؟ هل واصل رحلته ام تراه حط في جزيرة ضائعة؟ وماذا لو تحطمت به الطائرة؟ فجأة عند الساعة الثامنة والنصف مساء، جاءت انباء شبه مؤكدة تقول ان طائرة لندبرغ شوهدت تحلق فوق شربورغ في اقصى الغرب الفرنسي، وما ان انتشرت هذه الانباء وادرك الباريسيون ان الطائرة سوف تحط في مطار لوبورجيه عند المساء حتى وصل الى المطار اكثر من 300 الف شخص جاؤوا على الاقدام او بالسيارات او على الدراجات. وكانت الحماسة كبيرة بعد ان ايقن الناس ان البطل لا محالة سيصل. وبالفعل ما ان اشارت الساعة الى الدقيقة الثانية والعشرين بعد العاشرة ليلاً حتى كانت الطائرة "روح سانت لويس" تحط على ارض المطار في الوقت الذي اخذ فيه الناس يهتفون ويصرخون. لقد كان تشارلز لندبرغ اول طيار ينجح في اجتياز الاطلسي وحيداً، لكنها لم تكن المرة الاولى التي يخوض فيها مغامرة من هذا النوع، فهو كان قد سبق له ان اجتاز بطائرته سماء الولاياتالمتحدة الاميركية من اقصى الساحل الشرقي الى اقصى الساحل الغربي. ويروى عنه انه في خلال مغامراته الطائرة الكثيرة اضطر اربع مرات للقفز من الطائرة بالمظلة امام اخطار كانت تحيق به. ولندبرغ لكي يتمكن من القيام بمغامراته الاطلسية كان قد استنهض همم ابناء بلدته سانت لويس ميسوري فساعدوه على تزويد طائرته، من نوع رايان ذات المحرك الواحد، محركاً من طراز رايت على شكل نجمة بقوة 220 حصاناً.