في العام 1980 مات جان بول سارتر، وفي العام 1983 لحقه ريمون آرون. وهكذا ارتبط الاثنان موتاً وحياة. ويمكن القول، ببساطة ودون اية مجازفة، ان جان - بول سارتر كان هو الذي خرج مظفراً من التنافس الكبير الذي جابهه طوال سنوات وسنوات، مع رفيقه الأكبر ريمون آرون. لكن انتصار سارتر كان انتصاراً شخصياً، بمعنى ان الحياة الفكرية نظرت اليه وستظل تنظر اليه على انه واحد من اكبر المفكرين الفرنسيين في القرن العشرين، فيما سوف يظل ريمون آرون يعتبر مفكراً تقنياً من درجة ادنى، وباحثاً في السياسة والاقتصاد والتاريخ، لم يعرف ابداً كيف يصنع لنفسه مكانة كمفكر فيلسوف مثل سارتر. مع ذلك، اذا نظرنا الى الأمر خارج اطار التنافس الشخصي بين آرون وسارتر، والقيمة الفكرية الفعلية لكل منهما، سيدهشنا ما سنلاحظه من انه، في معظم المسائل التي يجابه فيها الاثنان، كان ريمون آرون على حق دائماً، وسارتر على خطأ دائماً. وفي هذا من التناقض، ما يحسمه مفكر فرنسي معاصر قال مرة: "انني افضل الف مرة ان اكون على خطأ مع سارتر، من ان اكون على صواب مع آرون". ولئن زامل ريمون آرون سارتر في الدراسة الجامعية، ولم يفته في بعض الاحيان ان يتخذ العديد من المواقف التقدمية والانسانية بالنسبة الى بعض المسائل مثل الحرب العالمية الثانية وحرب الجزائر، فإنه في معظم الاحيان كان يمثل المعادل اليميني لسارتر الذي اعتبر دائماً في خط اليسار.